الرباط - وسيم الجندي
دعا عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إلى الاستفادة من التجارب السياسة والاقتصادية في دول أميركا اللاتينية، نظراً للنجاحات التي حققتها في مجالات التنمية والاقتصاد الصاعد، والتحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية المتلاحقة". ووصفها بأنها "قارة اليقظة والتحدي والأمل"، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها.
وأوضح الحجمري خلال افتتاحه الدورة الـ45 لأكاديمية المملكة المغربية في الرباط، التي خصصت لموضوع "أميركا اللاتينية أفقاً للتفكير"، أن دول أميركا اللاتينية تمتلك تاريخاً معاصراً غنياً بالتجارب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإبداعية، مذكراً بأنها "تخلصت بعد التحرر من الاستعمار الأوروبي من الديكتاتوريات، وأنهت الحروب والنزاعات الداخلية المسلحة، وأقامت على أنقاض ذلك الديمقراطية الانتخابية، أو التمثيلية، مرجعاً وأساساً لأنظمة الحكم وبديلاً للتسلط".
وأشار الحجمري إلى أن نجاح العدالة والانتقال الديمقراطي الذي تحقق في تلك الدول خلال ظرف وجيز، تجلى "في ابتكار وتفعيل نماذج تنموية صاعدة ورائدة، واستقرار سياسي، واندماج اجتماعي إقليمي ووطني وقاري، اختارت على أساسه بلدان أميركا اللاتينية نهج سياسات جديدة، قوامها التفاوض والتوافق في فض النزاعات؛ وبناء منظمات ومؤسسات اقتصادية وتجارية ومالية إقليمية وقارية؛ الهدف منها تقوية التعاون، وتعزيز القدرة التنافسية لبلدان أميركا اللاتينية، على المستوى الاقتصادي والثقافي والسياسي والمعرفي".
وقال المسؤول المغربي، إن النتائج الإيجابية التي حققتها بلدان أميركا اللاتينية شجعت بلدان القارة على التفكير والمبادرة لبناء مشروع سياسي، في ظل عودة الديمقراطية القائمة على أساس التعاون جنوب - جنوب، تمت ترجمته على أرض الواقع حين اتجهت بلدان أميركا اللاتينية إلى الانفتاح على سياسة التبادل الحر في سياق تشاركي جهوي، وإلى تنويع شركائها الاقتصاديين خارج أوروبا وأميركا الشمالية.
وخلص الحجمري إلى أن "أميركا اللاتينية أضحت اليوم قارة اليقظة والتحدي والأمل، مع أنها تواجه صعوبات اقتصادية واجتماعية، تؤذن باحتمال حدوث دورة سياسية جديدة في بعض من بلدانها".
واستعرض الحجمري جملة من العوائق التي تواجهها تلك البلدان، تتمثل - وفق رأيه - في المفارقة بين توفر شروط الاستقرار للمؤسسات السياسية وتأمين دوام اشتغالها، وبين أزمة سياسية تعيشها أنظمة حكم أو بعضها في بلدان القارة. فضلاً عن كون الصعوبات الاقتصادية التي تواجه تلك البلدان، أدّت إلى توسع الفوارق الاجتماعية، وإلى ازدياد الهجرة داخل القارة، وتدبير المخاطر البيئية، وبروز تهديدات العنف والتطرف، مما يضعف الاستقرار الداخلي، وربما الثقة في المؤسسات والسياسات.
بيد أنه لفت إلى أن "أميركا اللاتينية"، أو "الغرب الأقصى"، كما يسميه البعض غنية بالتاريخ والتجارب والثقافات، ما يمكنها من رفع التحدي؛ لأنها قارة اليقظات واستخلاص الدروس.
وتحدث أندريه أزولاي، مستشار العاهل المغربي، في مداخلة بعنوان "أندلسيتنا المشتركة بأميركا اللاتينية...أهمية الروابط... أهمية المكان" عن أهمية الانفتاح على الآخر وتلاقح الحضارات، مشيراً إلى أن المغاربة كانوا دائماً منفتحين على الآخر، واستشهد بـ"الحضور القوي" للمغاربة في أميركا اللاتينية، ممثلاً في الطائفة اليهودية من أصل مغربي، لا سيما في البرازيل والأرجنتين، وقال إنه من مؤيدي "الحفاظ على الخصوصيات الثقافية، ليس تعصباً أو غلواً؛ بل لأنها سمة متجذرة في الشخصية المغربية".
وأوضح أزولاي أن الروافد الأندلسية التي نتقاسمها مع أميركا اللاتينية يمكن أن تشكل مجالاً لتعزيز الانتماءات الوطنية والجغرافية في مرحلة طغت فيها العولمة".وسيناقش سياسيون ومثقفون مغاربة وأجانب خلال هذه الدورة مواضيع تتعلق بـ"أميركا اللاتينية كفضاء جيو - استراتيجي جديد"، وموضوع "التزام أفريقيا - أميركا اللاتينية وبناء واقع جديد"، و"النماذج التنموية بأميركا اللاتينية"، و"أميركا اللاتينية: تجارب سياسية ومؤسساتية"، و"الثقافة والعلوم والتكنولوجيا: التحديات الجديدة بأميركا اللاتينية"، و"الثورة التربوية: رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أميركا اللاتينية"، و"المغرب، العالم العربي وأميركا اللاتينية".
كما سيجري في اختتام الدورة توقيع اتفاقية بين مؤسسة أكاديمية المملكة المغربية للتعاون الثقافي، وسفارة المغرب بتشيلي، بهدف تعزيز حضور المغرب في هذا البلد، والتعريف بالثقافة والحضارة المغربيتين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر