ردا على رئيس الحكومة، انتقد محمد نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، سعد الدين العثماني قائلا إن تدخله “غير مسؤول وغير مقبول”، وأثار مسألة إعفاء وزيرين من الحزب بـ”شكل دنيء، وغير مسؤول، وغير مقبول”.جاء هذا في شريط مصور نشرته القناة الرسمية للتقدم والاشتراكية في موقع “يوتوب”، عقب فيه بنعبد الله على رد رئيس الحكومة على تدخل المجموعة النيابية لحزبه، بعد مناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، مطلع الأسبوع الجاري، بمجلس النواب.
وحول إعفاء وزيرين من التقدم والاشتراكية بمبرر مرتبط بتأخر مشاريع “الحسيمة منارة المتوسط”، كان بنعبد الله من بينهما، قال الأمين العام لحزب “الكتاب”: “أنت، السيد رئيس الحكومة، تعرف أكثر من غيرك الأسباب التي أدت إلى ذلك، وليست هي برامج الحسيمة.. وقلنا رسميا إن هذا الثمن الذي أدينا كحزب، في التحالف مع حزب العدالة والتنمية في حكومة سي عبد الإله بنكيران، ونعتز بذلك، وفي بداية حكومتكم. وإذا غادرناها (بعد ذلك) فلأنها فاقدة للنفس الإصلاحي، وقلناها مرارا وعلنا، وقلنا كفى من التطاحنات”.
ويضيف بنعبد الله: “الفرق الكبير أننا في حكومة عبد الإله بنكيران كنا نحس بالدفء والتضامن، في مقابل وقوفنا المتين ومواقفنا. لكن، معكم، لم نحس بهذا. وبما أنك تحدثت عن الوزراء المعفيين (من حزب التقدم والاشتراكية) هل دافعت عنهم؟ كيف تفسر أنه جميع التيارات المعنية أعفي منها وزير، وحتى بعض الوزراء غير المنتمين، إلا حزب العدالة والتنمية؟”.
واستدرك المتحدث قائلا: “مررنا هذا، وهضمناه، وقلنا سنواصل في الحكومة بطلب منكم وباقتناع منا، وجاءت قضية -الوزيرة السابقة- شرفات أفيلال، وخلافها مع الوزير عبد القادر اعمارة، وتدخلت عندك، وعقدنا اجتماعا في مكتبك، واتفقنا على أمور لم تنفذوها، بل أكثر من ذلك أغرقتموها بمواقف وزيركم، وفي النهاية تم إعفاؤها دون دفاعكم عنها”.
ويزيد الأمين العام للتقدم والاشتراكية “متأسفا”: “كل هذا تراكم، إضافة إلى أنه لما كنا ننبهكم إلى ضرورة أن تكونوا أقوياء قليلا، وأن تفرضوا نبرة الإصلاح، وتضعوا قليلا من النظام والتجانس في الحكومة غير المتجانسة… ولو أنه حقا كان الأمر صعبا؛ لأن الأحزاب السياسية الأخرى كان هاجسها منذ بداية الحكومة هو تكسيرها، وهذا نعلمه، وقلنا لكم لسنا مستعدين أن نواصل في هذا، لأننا لا نحس بأن هناك نفس القوة، ونفس النفس الإصلاحي، وبأننا يمكننا أن ندافع بـ”وجه أحمر” (بقناعة) عن رصيد الحكومة، وغادرناها على هذه الأسس”.
وعاد بنعبد الله إلى تدخل المجموعة النيابية لحزبه، قائلا: “ربما كان قاسيا، وربما كان من المفيد أن يذكر هذا التدخل بتحملنا أيضا جزءا من المسؤولية، وأننا لا نتنصل منها، سواء في بداية حكومة السيد رئيس الحكومة، أو مساهمتنا القيمة مع السيد عبد الإله بنكيران، أو مع السي عبد الرحمن اليوسفي، ثم السي إدريس جطو، ثم السي عباس الفاسي”.
وتابع قائلا: “المغاربة يعرفون ما أداه حزب التقدم والاشتراكية لما تحمل هذه المسؤوليات؛ في التعليم والبحث العلمي والاتصال والتضامن الاجتماعي، وقضية المرأة، والسكنى والتعمير، والصحة، وقطاع الماء، والتشغيل، والثقافة. كان من الممكن أن نذكر بهذا، ونقول إنه رغم أدائنا، حتى نحن أخفقنا وكانت عندنا نقائص على مستويات مختلفة، لكن الفرق الكبير هو أننا لم نسير يوما حكومة مثلكم السيد رئيس الحكومة، ومثل حزبكم (العدالة والتنمية)، ولم تكن عندنا يوما المسؤولية الأساسية”.وشدد بنعبد الله على أن “النبرة النقدية” لحزبه عند الحديث عن حصيلة حكومة العثماني “كانت دائما عندنا مع جميع الحكومات التي ذكرتُ، وفي نفس الوقت كنا متضامنين ولم نتخل يوما، ولم نضرب يوما من الخلف، ولم نكن يوما نطعن في الحكومة التي نساهم فيها، كنا ننتقد إيجابا لتحسين أداء الحكومات التي شاركنا فيها”.
وتشبث المتحدث بأن الحصيلة التي قدم العثماني هي “حصيلة مختلف المكونات وليس العدالة والتنمية وحدها”، ثم زاد: “ستبقى تربطنا بهذا الحزب علاقات الود والتضامن، ولا يمكن أن يمحى من الذاكرة كل ما كان لنا من علاقات”.ثم خاطب رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بقول: “كان الأجدى أن تدافعوا عن نفسكم كحكومة، وعن رصيدكم؛ لكن على الأقل حافظوا على علاقة الود والتضامن الموجودة مع حزب مثل التقدم والاشتراكية، ولا تثيروا أمورا، على أي حال ربما ليست لكم مسؤولية مباشرة فيها، لكن المؤكد أنكم لم تحركوا ساكنا أبدا لا في الإعفاء الأول ولا في الثاني، ولم تقوموا بشيء حوله مع الأسف”.
تجدر الإشارة إلى أن تدخل المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية قد تطرق لما أسماه بـ”الفشل الحكومي” و”الإخلال بالالتزامات مع المغاربة”، وإلى “قصور الحكومة الذي شمل كل المجالات”.وذكر تدخل مجموعة الحزب، أمام رئيس الحكومة، أنه “بدل إحداث أجواء الانفراج الذي وفرت فيه حكومة عبد الرحمن اليوسفي بحملة تطهير وطنية (…) حكومتكم انطلقت بأقوى احتقان اجتماعي -حراك الريف- (…) وتراجعات حقوقية تهدد المكتسبات التي راكمتها بلادنا بفعل تضحيات جسام”.
كما ذكرت المجموعة النيابية أن حزب العدالة والتنمية كان يجب عليه تقديم استقالته من الحكومة، “عندما لم تصوت معه أغلبيته في قوانين جد مهمة، هي القوانين الانتخابية”، وأضافت: “بعض شباب الحسيمة لا يزالون يؤدون ثمن خذلانكم”.وتحدثت أيضا عن “عدم انسجام وعدم تضامن الحكومة” وعيشها “جل مراحلها في جو من الصراع السياسوي الانتخابوي، ما عمق أزمة الثقة (…) تراجع منسوبها ينبئ بالمحاسبة الشعبية، وإغلاق القوس الذي فتح مع الأسف مع هذه الحكومة المشتتة والمتضاربة في مكوناتها، لتتمكن بلادنا فعل من مباشرة التغيير”، قبل أن تقول في الأخير إن “المغاربة يستحقون الأفضل” مستحضرة المثل المغربي القائل: “مالو طاح؟ من الخيمة خرج مايل”، أي “لماذا سقط؟ من الخيمة خرج مائلا (مترنحا)”.
من جهته، تأسف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، من “بعض الردود الموغلة في الإنكار والسياسوية والتسويد والاستمرار في سياسة التبخيس والتيئيس وحتى التدليس في بعض الأحيان”.وانتقد العثماني في ردوده، الاثنين 12 يوليوز الجاري، “مغالطات تسيء إلى البلد، وإلى الوطن، وتضر بالعمل السياسي، وبالفاعل السياسي بشكل عام، وتشكل سببا إضافيا لعزوف المواطنين عن العمل السياسي، والسياسيين، والأحزاب السياسية؛ مما يهدد في بلدنا، كما في بلدان عديدة، الديمقراطية في جوهرها”.
وعلق العثماني على دعوى “تفكك الحكومة” بقول إنها “أسطوانة مكرورة، وكدت أقول مشروخة”، وزاد: “هناك محاولة لادعاء أن هذا يضعف الحكومة، وأضعف حصيلتها، وكل هذه أهواء، فإذا كانت حكومتنا غير منسجمة وحققت كل هذا فيجب أن تعود إذن”، قبل أن يستدرك قائلا: “لا ندعي أن أحزاب الحكومة متفقة في كل شيء، ونعتبر أن الاختلاف أمر عادي بين الأحزاب السياسية، وأن تقع بعد المناوشات بين أحزاب الحكومي أمر عادي، وتقع داخل جميع الأحزاب، فكيف بين حزب وآخر، لهم نظرات مختلفة ومقترحات مختلفة”.
ووصف رئيس الحكومة “التقدم والاشتراكية” بـ”المعارضة الجديدة التي ادعت فشل الحكومة”، مضيفا: “فهل فشلت هذه الحكومة قبل خروجكم منها أم بعد ذلك؟ ألا تتحملون جزءا من المسؤولية؟ من بينها مسؤولية احتجاجات الحسيمة؟ خصوصا أن وزيرين منكم أعفيا بناء على تقرير المجلس الأعلى للحسابات حولها”.
وزاد العثماني: “هل قمتم بتقييم ذاتي في القطاعات التي سيرتموها، طيلة مشاركاتكم الطويلة العريضة، التي تصل إلى 20 سنة من بقائكم في الحكومة على الأقل؟ أليس لهذه المشاركة أي أثر على واقع المغاربة؟ وهل قمتم بكل شيء بطريقة جيدة والآخرون فقط، والحكومة هم الذين لم يقوموا بشيء جيد؟ ولماذا لم تعالجوا تلك الاختلالات رغم بقائكم كل هذه المدة في الحكومة؟”.
وختم رئيس الحكومة والأمين العام لحزب “المصباح” الذي يقود الأغلبية رده على التقدم والاشتراكية بقول: “تحتاجون أن تسكتوا حقيقة، مع قليل من الملاحظات، لأنكم ساهمتم في هذا، ليس اليوم بل منذ عشرين سنة”.يذكر أن حزب التقدم والاشتراكية كان مشاركا في الحكومتين اللتين قادهما حزب العدالة والتنمية بعد حراك 20 فبراير سنة 2011، برئاسة عبد الإله بنكيران ثم برئاسة سعد الدين العثماني، قبل أن يختار الانضمام إلى المعارضة منذ سنتين في الحكومة الثانية قائلا إن الأغلبية الحكومية “وضعت نفسها رهينة منطق تدبير حكومي مفتقد لأي نفس سياسي حقيقي يمكن من قيادة المرحلة”، وأعطت الأولوية “للتسابق الانتخابوي في أفق سنة 2021”.
قد يهمك ايضا:
حزب التقدم والاشتراكية مشروع تقنين استعمالات “القنب الهندي” يلزمه نقاش واسع
حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بحماية جيوب المواطنين
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر