علن المٓلك محمد السادس اليوم في خطاب العرش، الذي وصف بالهام وغير مسبوق، عن اطلاق مبادرة لإحداث "السجل الاجتماعي الموحد"، مشددًا على أن هذا السجل هو عبارة عن نظام وطني لتسجيل الأسر الفقيرة للاستفادة من الدعم.
وقال المٓلك بشأن الموضوع "وفي هذا الصدد فإننا نعتبر المبادرة الجديدة لإحداث “السجل الاجتماعي الموحد” بداية واعدة، لتحسين مردودية البرامج الاجتماعية، تدريجيا وعلى المدى القريب والمتوسط. وهو نظام وطني لتسجيل الأسر، قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، على أن يتم تحديد تلك التي تستحق ذلك فعلا، عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة".
ويضيف المٓلك، "إن الأمر يتعلق بمشروع اجتماعي استراتيجي وطموح، يهم فئات واسعة من المغاربة. فهو أكبر من أن يعكس مجرد برنامج حكومي لولاية واحدة، أو رؤية قطاع وزاري، أو فاعل حزبي أو سياسي".
وفي بادرة ملكية ملتفة لدعم الاستثمار وتقوية الاقتصاد المغربي، دعا الملك محمد السادس الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الاستعجالية من أجل إحداث نقلة نوعية في مجالات الاستثمار ودعم القطاع الإنتاجي الوطني، معتبرا أنه كان ولا زال مقتنعا بأن أسمى أشكال الحماية الاجتماعية هو الذي يأتي عن طريق خلق فرص الشغل المنتج، والضامن للكرامة.
وأوضح محمد السادس أنه "لا يمكن توفير فرص الشغل، أو إيجاد منظومة اجتماعية عصرية ولائقة، إلا بإحداث نقلة نوعية في مجالات الاستثمار، ودعم القطاع الإنتاجي الوطني”، مبرزا أنه “لهذه الغاية، فإنه يتعين، على الخصوص، العمل، على إنجاح ثلاثة أوراش أساسية".
وأكد أن إنجاح الورش الأول يتمثل في "إصدار ميثاق اللاتمركز الإداري، داخل أجل لا يتعدى نهاية شهر أكتوبر المقبل، بما يتيح للمسؤولين المحليين، اتخاذ القرارات، وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في انسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة".
كما دعا إلى "الإسراع بإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، وبتفعيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها، مثل الموافقة على القرارات بأغلبية الأعضاء الحاضرين، عوض الإجماع المعمول به حاليا، وتجميع كل اللجان المعنية والاستثمار في لجنة جهوية موحدة، وذلك لوضع حد للعراقيل والتبريرات التي تدفع بها بعض القطاعات الوزارية
أما الورش الثالث الذي دعا الملك إلى العمل عليه، فيتمثل في اعتماد نصوص قانونية، تنص من جهة، على تحديد أجل أقصاه شهر، لعدد من الإدارات، للرد على الطلبات المتعلقة بالاستثمار، مع التأكيد على أن عدم جوابها داخل هذا الأجل، يعد بمثابة موافقة من قبلها، ومن جهة ثانية على أن لا تطلب أي إدارة عمومية من المستثمر وثائق أو معلومات تتوفر لدى إدارة عمومية أخرى؛ إذ يرجع للمرافق العمومية التنسيق فيما بينها وتبادل المعلومات، بالاستفادة مما توفره المعلوميات والتكنولوجيات الحديثة.
وأكد الملك أنه يتوخى أن تشكل هذه الإجراءات الحاسمة حافزا قويا وغير مسبوق للاستثمار، وخلق فرص الشغل، وتحسين جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطن، والحد من التماطل، الذي ينتج عنه السقوط في الرشوة، كما يعرف ذلك جميع المغاربة، معبرا عن أمله أيضا في تشكل دافعا لإصلاح الإدارة، حيث ستمكن من تفعيل مبدأ المحاسبة، والوقوف على أماكن التعثر التي تعاكس هذا الإصلاح
وحث محمد السادس على جعل تلك الإجراءات أمرا واقعا، في ما يخص مجال الاستثمار، على أن يتم تعميمها على كافة علاقات الإدارة مع المواطن، منبها في السياق ذاته إلى أن “النصوص، مهما بلغت جودتها، تبقى رهينة بمدى جدية والتزام كل مسؤول إداري، بحسن تطبيقها"، مؤكدا "على ضرورة تحيين برامج المواكبة الموجهة للمقاولات، بما في ذلك تسهيل ولوجها للتمويل، والرفع من إنتاجيتها، وتكوين وتأهيل مواردها البشرية".
وأوضح أن الهدف المنشود يبقى هو الارتقاء بتنافسية المقاولة المغربية، وبقدرتها على التصدير، وخلق فرص الشغل، ولا سيما منها المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تستدعي اهتماما خاصا؛ لكونها تشكل 95 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، مؤكدا أن المقاولة المنتجة تحتاج اليوم، إلى مزيد من ثقة الدولة والمجتمع، لكي يستعيد الاستثمار مستواه المطلوب، ويتم الانتقال من حالة الانتظارية السلبية، إلى المبادرة الجادة والمشبعة بروح الابتكار
ووجه الملك في الختام رسائل قوية لما أسماهم ب"دعاة السلبية والعدمية”، مؤكدا أن المغاربة لن يتبعوا طريقهم"، وقال الملك، في خطابه الذي ألقاه قبل قليل، بمناسبة الذكرى 18 لتربعه على العرش، إن "المغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا، بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات".
وأضاف "إني واثق أنهم لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية وبائعي الأوهام باستغلال بعض الاختلالات للتطاول على أمن المغرب واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته”، مؤكدا على أن المغاربة “يدركون أن الخاسر الأكبر من إشاعة الفوضى والفتنة هو الوطن والمواطن".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر