طرابلس ـ فاطمة سعداوي
غيّر قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، قائد قواته في مدينة سبها الجنوبية، بشكل مفاجئ، مساء الأحد، وسط تقارير متضاربة عن "سيطرة مرتزقة أجانب" على مطار المدينة الذي يشهد قتالًا ضاريًا منذ أيام، بأيدي مجموعات مسلحة، بينها مرتزقة من تشاد والسودان.
وقال مكتب حفتر إنه كلّف "العميد خليفة عبد الحفيظ خليفة آمرًا للواء السادس مشاة المتمركز في مدينة سبها والتابع للقيادة العامة، خلفًا للعميد أحميد العطايبي". ولم يوضح المشير ملابسات القرار الذي يأتي في وقت تشهد سبها اشتباكات متقطعة لليوم السادس على التوالي، وسط غموض بشأن حقيقة الوضع هناك، بينما كان عميد بلدية سبها حامد الخيالي أكد "نجاح عناصر لا تمت إلى ليبيا بصلة وترفع أعلام دول أفريقية، في السيطرة على مطار المدينة بعدما احتلته"، مشيرًا إلى أن المهاجمين "مجموعة مرتزقة من السودان وتشاد هدفهم السيطرة على جنوب ليبيا". وقال إن مقرات الجيش تعرضت لهجمات، لافتًا إلى تهجير بعض العائلات من مناطق الاشتباكات.
غير أن مدير أمن سبها العقيد الساعدي أمحمد، نفى سيطرة عناصر أجنبية، وتحديدًا من المعارضة التشادية، على مطار المدينة. وقال في تصريحات، الإثنين، إن "الوضع الأمني في المطار جيد وتحت السيطرة، وجميع الأجهزة الأمنية موجودة وتقوم بأعمالها بشكل طبيعي". فيما أوضح مسؤول عسكري أن الجيش دفع، الإثنين، بوحدات عسكرية إلى المدينة "لاستعادة الأمن والاستقرار بداخلها ومواجهة أي تطورات على الأرض"، في حين تقلّل مصادر عسكرية من المعارك التي تشهدها المدينة الواقعة على بعد 800 كيلومتر جنوب غربي طرابلس، مشيرة إلى أن مرجعها خلافات قبلية. وتشهد المدينة انفلاتًا أمنيًا غير مسبوق، إذ ارتفع مستوى الجريمة فيها وحالات الاختطاف التي تنفذها مجموعات مسلحة.
سياسيًا، دعا رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السرّاج، الإثنين، إلى الالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تخطط لها بعثة الأمم المتحدة قبل نهاية العام الحالي. وقال عقب محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول، أمس، إنه التقى إردوغان وأكد "تطلع الليبيين إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية". واعتبر أن "الطريق إلى هذه الدولة المنشودة يأتي عبر المصالحة الوطنية الشاملة، والالتزام بالاستحقاق الدستوري وإجراء انتخابات قبل نهاية العام ليقول الشعب كلمته، وينهي المراحل الانتقالية، ويختار وفق إرادته الحرة من يقود البلاد".
وأكد السرّاج "أهمية عودة الشركات التركية للمساعدة في تنشيط الاقتصاد وإعادة الإعمار في ليبيا"، بعدما شدد على ما وصفه بـ"العلاقات التاريخية التي تجمع ليبيا وتركيا"، معبرًا عن تقديره "لدعمها لمسار التوافق والأهمية التي توليها الحكومة التركية في الدفع بالعملية السياسية"، فيما جدد إردوغان "دعم تركيا للمسار الديمقراطي في ليبيا". وأكد استعداد بلاده "للمساهمة في مجالات الاستثمار والتنمية في ليبيا وتوفير ما يطلب منها في هذا الشأن". وقال البيان إن الجانبين رحبا بما أسفر عنه المؤتمر التركي - الليبي للتنمية والاستثمار الذي اختتم أعماله في إسطنبول، مساء أول من أمس، وناقش دور الشركات التركية في الإعمار والاستثمار ومعالجة العوائق وآليات تطوير التعاون في مختلف المجالات.
وجاء اللقاء عشية جولة أفريقية لإردوغان يبدأها من الجزائر التي وصلها مساء الإثنين، وتحمله إلى موريتانيا والسنغال ومالي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الرئيس التركي قوله، خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول، أمس، أنه يريد "ترسيخ العلاقات (مع الجزائر) على الأصعدة العسكرية والأمنية والثقافية". وأضاف إردوغان الذي يرافقه عدد من الوزراء ورجال الأعمال أنه سيبحث مع مسؤولين جزائريين في العلاقات بين البلدين، خصوصًا في مجالات الطاقة والمسائل الإقليمية.
إلى ذلك، التزم حزب "العدالة والبناء"، الذي يعتبر بمثابة الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" في ليبيا، الصمت حيال إعلان عبد السلام كاجمان، عضو المجلس الرئاسي لحكومة السراج، استقالته من الحزب. ولم يوضح كاجمان، وهو أحد الأعضاء التسعة المكونين للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة مبررات هذا القرار. لكنه أكد على "دور الحزب في المساهمة الفعّالة في إخراج (اتفاق الصخيرات) إلى حيز التنفيذ بما يلبي الحاجة الملحة لإنهاء الانقسام والصراع السياسي".
ويعد كاجمان من الأعضاء المؤسسين لحزب "الإخوان"، كما ترأس مكتبه في منطقة الشاطئ منذ 2012، علمًا بأنه انضم إلى المجلس الرئاسي لحكومة السراج، التي دخلت إلى طرابلس نهاية مارس (آذار) 2016 عقب "اتفاق الصخيرات".
في غضون ذلك، اتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، مسلحين مجهولين لم يحددهم بممارسة ضغوط على مؤسسة النفط الوطنية في البلاد لتمرير "صفقات وعمولات". وقال السويحلي في تغريدة عبر موقع "تويتر": "إقفال حقل الفيل، وضغوط على مؤسسة النفط من طرف مجموعات مسلحة من أجل صفقات وعمولات". وحذّر من تكرار "كارثة الجضران"، في إشارة إلى إبراهيم الجضران قائد حرس المنشآت السابق الذي أغلق أكبر أربعة مواني نفطية في البلاد لثلاث سنوات. وأضاف: "لا مجال لذلك. يجب أن نتصدى ونوقف هذا العبث... أنا أخاطب الليبيين وليس العاجزين الذين يدّعون أنهم سلطة".
وكانت مؤسسة النفط أعلنت حالة "القوة القاهرة" في حقل الفيل الذي تشغّله شركة "مليتة" المرتبطة بـ"إيني" الإيطالية، بعدما هدد عناصر من حرس المنشآت النفطية العاملين فيه، واجتاحوا مكاتبهم بقوة السلاح، للمطالبة بصرف رواتب متأخرة منذ ثلاثة أشهر، بينما أُغلق الحقل الواقع على بعد 900 كيلومتر جنوب طرابلس، ويعتبر من أهم الحقول التي تشغلها شركة "إيني" وفق امتياز مشترك مع المؤسسة الليبية الوطنية للنفط، منذ مساء الجمعة الماضي، بعد انسحاب الحرس، ما أدى إلى توقف إنتاجه البالغ 70 ألف برميل يوميًا. وكشف رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله عن أنه اتفق مع رئيس البعثة الأممية غسان سلامة خلال لقائهما أول من أمس في طرابلس، على "العمل معًا لمحاربة محاولات الجماعات المسلحة للحصول على موطئ قدم لها في قطاع النفط".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر