واشنطن ـ يوسف مكي
تجمع الطبيبة اليمنية أشواق محرم، المتطوعين بعد الانتهاء من عملها يوميًا في مستشفى مدينة الحديدة المحاصرة، التي تطل على البحر الأحمر، ويتوجهون إلى المناطق النائية التي تضررت كثيرًا، بفعل الحرب، وتُحول سيارتها إلى عيادة متنقلة، وتسلم المحتاجين مئات الصناديق المعبأة بالمواد الغذائية، مثل الماء واللبن والسكر والأرز والفول والتمر.
وتحدثت محرم عن أحد الحالات التي واجهتها، وهو طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام، يعاني من الضعف الشديد، والالتهاب الرئوي، والدوسنتاريا، ولا يستطع الحركة أو الكلام، وليس لديه ما يكفي من الطعام أو الشراب، أو حتى الملابس، وكان يجلس باكيًا على وسادة في الرمال، وقالت "كثيرًا من الأحيان لم يكن لدينا محلول ملحي يكفي لعلاج مثل حالة هذا الصبي، الذي يعاني من الجفاف الشديد، عندئذ لا نستطع فعل أي شيء له، ولا أحد من قاطني البلدان أو القرى القريبة من مدينة الحديدة، يستطيعون تركها وليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه".
وأضافت "أن منازلهم مبنية من القصب، وينامون على الرمال والمياه غير صالحة للشرب، وغذائهم القمح الممزوج بالماء، إذا تمكنوا من الحصول عليه، ويبدو الأمر وكأنهم يعيشون كذلك منذ مئات السنين، والأسبوع الماضي رأيت رضيعًا ميتًا، لأن الأم لم تتمكن من الذهاب إلى المستشفى، وقالت الأم إنه كان عليها أن تختار بين إنقاذ طفل واحد، أو إطعام صغارها الستة الآخرين".
ويعتبر هذا الصبي واحدًا من بين ستة أطفال، حاولت أشواق أن تنقذ حياتهم، وكان لديه أمل ضعيف في الحياة بعد 20 شهرًا من الحرب والحصار السعودي، وأضافت "نفتقر إلى الإمدادات الأساسية مثل سوائل الحقن الوريدية، والمضادات الحيوية، وحليب الأطفال، وأدوية التخدير عند الولادة، والحضانات، وأسطوانات الأكسجين على وشك النفاد"، وتستخدم المستشفيات القليلة هناك التخدير الموضعي، بدلًا من التخدير العام عند إجراء العمليات الجراحية.
وقضت محرم 12 عامًا، في العمل الإنساني في اليمن، قائلة إن الناس في المناطق الريفية ينظرون إلى فريقها على أنهم من عالم آخر، عند تسليمهم صناديق الغذاء الصيف الماضي، وحفر فريقها الآبار وأعطى الماشية للفقراء". وأضافت "أنها رأت حالات قصوى تعاني من سوء التغذية، من بينهم ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين خمسة وتسعة أعوام، وأنهم جميعًا يعانون من الدوسنتاريا، ولقد وصلت إلى نقطة العجز الكلي، وعندما يعلم الناس أننا ذاهبون إلى منطقة ما يأتون من القرى المحيطة، وفي كثير من الأحيان لم يكن لدينا ما يكفي لتلبية احتياجات الجميع".
ويعتمد أكثر من 21 مليون شخص في اليمن على المساعدات، وفي هذا الأسبوع، أكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من نصف المراكز الطبية، أغلقت أو أنها تعمل بشكل جزئي، وهناك نقص شديد في الأطباء، وأربعة عشر مليون شخص يحتاجون إلى العلاج. وأعلنت وزارة الصحة في الشهر الماضي أن ليس لديها ميزانية، وتعتمد اليمن على 90% من واردات الغذاء والدواء والوقود، أنها أكبر أزمة إنسانية في العالم، ونصف البلاد على وشك المجاعة.
وكانت الدكتورة أشواق فقدت شقيقتها بسبب مرضها بالسرطان، وزوجها بسبب أمراض القلب، لأن المستشفيات أغلقت بسبب الحرب، وحاولت السفر بهم قبل آب/أغسطس، عندما أغلقت قوات التحالف السعودي المطار الجوي في صنعاء، قائلة "كلاهما مات، والآن يتم إغلاق المطار، ولا توجد وسيلة للخروج من هذا الكابوس، ولهذا لابد لي من مساعدتهم".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر