لندن ـ سليم كرم
تستحوذ الورقة البيضاء وهي وثيقة مكوّنة من 98 صفحة ,على اللحظات التي ستعترف فيها الحكومة البريطانية رسميًا للشعب البريطاني بالعلاقة المستقبلية للاتحاد الأوروبي، والتي تعد حيوية للغاية لاقتصاد البلاد ورخائه وأمنه، ولكن ما ينبغي في الحقيقة أن يكون محط الاستحواذ هو جميع الأحلام والخيالات الأحادية، بشأن ما قد ينطوي عليه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
مشاكل جديدة في انتظار ماي
وقالت الحكومة سابقًا إن الخروج من دون صفقة سيكون كارثة، حيث تحاول تأمين الحدود مع أيرلندا بعد الخروج بأي ثمن، وكذلك الحفاظ على صفقة التجارة الثنائية مع أميركا، كما أنها استخدمت حجة ضرورة القبول بأن المصالح الوطنية لبريطانيا لا يمكن فصلها عن العلاقات الوثيقة والقوية بأوروبا، ولكن الورقة البيضاء التي تبنتها الحكومة منذ أسبوع، تعطي لمحة عن خطة المشاركة قبل بدء العمل الحقيقي، وهي لن ترضي معسكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وستدفعه للمقاومة، لأنه يعتبر أي تسوية مع الاتحاد الأوروبي ترقى إلى مستوى الخيانة.
ولا تعد الورقة البيضاء معاهدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فهي مجرد نسخة حكومية عما يجب أن تتضمنه معاهدة الخروج، ولكنها تعترف بالحقيقة العملية الأساسية التي مفادها وجوب التفاوض بشأن كل شيء مع الاتحاد الأوروبي، فهناك فجوات هائلة بين مواقف المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن معظم القضايا في الوثيقة، وكل محاولة لسد تلك الفجوات قد تؤدي إلى ثورات واتهامات جديدة.
وكانت عناصر المفاوضات الرئيسية معروفة في الأسبوع الماضي، وتشمل ما يسمى بالترتيب الجمركي الميسر الذي يهدف إلى تجنب الحدود الصعبة مع أيرلندا أو مع الاتحاد الأوروبي على نطاق واسع، ومنطقة التجارة الحرة، والسلع الغذائية الزراعية بالإضافة إلى أنظمة الخدمات المنفصلة.
المتمردون سيوقفون ماي
وكان على الرغم من محاولة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، استرضاء قادة أوروبا؛ لعدم رفض المقترحات، فالحقيقة أن الاتحاد الأوروبي لن ترضيه هذه المقترحات وحدها، كما أن الورقة البيضاء طمست العديد من الحقائق، والتي من بينها أن المملكة المتحدة ستضطر إلى دفع الأموال للوصول إلى السوق الذي تسعى إليه، كما أن مسألة محكمة العدل الأوروبية تبقى قضية غامضة، وهو ما يثير قلق المحافظين، كما لم يتم تحديد مصيرمسألة الهجرة والحدود بوضوح، كل هذه القضايا يجب التركيز عليها بشكل حاد، إذا كانت ستشكل جزءً من الاتفاقية.
وأعادت ماي تشكيل حكومتها الداخلية، وكذلك العديد من النواب المتمردين المحافظين، ولكنها لم تعد تشكيل الأحزاب المحافظة الأخرى، وكذلك أعضاء حزب المحافظين كافة، والذي يهدد الكثير منهم بالتصويت ضد هذه الاتفاقية، وسيفضح الكثير منهم في مجلس العموم أن رئيسة الوزراء لا تتمتع بأغلبية في البرلمان بشان الورقة البيضاء، وإذا لم تستطع ماي التعامل مع هذه القضايا في الداخل، لن تستطيع بالتأكيد التعامل معها في بروكسل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر