استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في البيت الأبيض، خلال لقاء استمر لأكثر من 90 دقيقة، بينما التقت زوجاتهما بشكل منفصل، وذلك في نطاق عرض عام للوحدة التي تهدف إلى مساعدة البلاد، على تقبل نتائج الانتخابات الرئاسية.
وأعرب ترامب عن تطلعه بشغف إلى التعامل مع الرئيس أوباما في المستقبل، بما في ذلك المحاماة، موضحًا بعض الصعوبات للأصول المحلقة وبعض الأشياء العظيمة التي تم تحقيقها، وأكد الرئيس الحالي أن من أولويته الأولى كانت "ضمان رئيس منتخب ناجح". وأضاف أوباما "تم تشجيعي بشكل كبير من الرئيس المنتخب ترامب للعمل ضمن فريقي على العديد من القضايا، التي تواجهها البلاد، كما أنني أعتقد أنه بغض النظر عن الحزب والميول السياسية، لنتعاون الآن معًا للتغلب على التحديات التي نواجها".
وجاء ذلك عقب وصول الرئيس المنتخب ترامب والسيدة الأولى المنتظرة ميليني، إلى البيت الأبيض، صباح يوم الخميس، من خلال المدخل الخلفي الذي يطل على الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، وهو طريق خاص غير مسموح لوسائل الإعلام والصحافيين بالوصول إليه لتغطية التحية التاريخية بين الأسرتين.
وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن البيت الأبيض ألغى التقاط الصور التذكارية، ما دفع المتحدث باسم الرئاسة يؤكد خلال مؤتمره اليومي، أن هذا ليس صحيحًا. وقال مسؤول في البيت الأبيض للصحافيين، بأنهم لديهم المزيد من المساحة، لتغطية حدث اليوم في البيت الأبيض، مقارنة بما كانت عليه الأوضاع في عام 2008، حيث سمح للصحافيين بتصوير لحظة وصول أوباما للبيت الأبيض، ورحب الرئيس جورج دبليو بوش وزوجته لورا بالرئيس المستقبلي وزوجته ترحيبًا حارًا، عندما حضرا إلى البيت الأبيض في 11 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2008 لمؤتمر ما بعد الانتخابات.
وظهرت عائلة بوش في صور مع الرئيس المنتخب وزوجته أمام مدخل خاص في البيت الأبيض، وجعل بوش المصورين يصطفون من أجل التقاط الصور له مع الرئيس أوباما، أثناء سيرهما في الرواق المؤدي إلى المكتب البيضاوي، لكن هذا الوضع لم يحدث اليوم أثناء لقاء ترامب وأوباما، ولم يكشف عن صور رسمية تجمع الرئيسين بشأن وصول ترامب أو مغادرته.
وغادر السيد والسيدة ترامب من مطار لاغوارديا في نيويورك في تمام الساعة 9:36 صباحًا في طريقهم إلى واشنطن على متن طائرة خاصة بالملياردير من طراز بوينغ 757، كتب عليها اسمه ووصلا إلى مطار رونالد ريغان الوطني بعد الساعة 10:30 صباحًا، ودخل الزوجان إلى البيت الأبيض بعد عشرين دقيقة، وكان برفقتهم غاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب، وهو أحد كبار مستشاري حملة ترامب، وشوهد كوشنر يتحدث إلى دينيس ماكدونو، وهو رئيس الأركان في البيت الأبيض، ودان سكافينو مساعد ترامب، وانفصل كوشنر ومادونو عن المجموعة، ليتحدثوا سويًا في لقاء خاص، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات جديدة عن دوره في إدارة ترامب.
ويتصرف كوشنر باعتباره الذراع اليمنى للرئيس المقبل ترامب، وكان أداة في إبعاد كريس كريستي عن الجمهوريين، ويعمل كوشنر مثل حماه في مجال العقارات في نيويورك، وقال أبناء ترامب البالغين إيفانكا وإريك ودون، إنهم سيبقون في نيويورك لإدارة أعمال والدهم، وكان حضور كوشنر اليوم إلى البيت الأبيض ولقائه مع رئيس الأركان، يشير إلى تغيير محتمل في خطط لابنة ترامب الكبرى.
وسمح للصحافيين بحضور اللقاء الذي جمع بين أوباما وترامب في النهاية، لالتقاط الصور وسط الصراخ المعتاد بطرح الأسئلة على أمل الحصول على جواب، بينما نصح أوباما خليفته بعدم الرد على الأسئلة، وتسلم كل من الرئيسين بيانًا قصيرًا من المكتب البيضاوي، ورد فيه أنه تم دعوة الصحافيين ليشهدوا الاجتماع. وتحدث الرئيس أوباما في البداية للصحافة قائلًا "كانت لدي فرصة لإجراء حوار متميز مع الرئيس المنتخب ترامب، وكان على نطاق واسع حيث تناولنا بعض القضايا التنظيمية في تأسيس البيت الأبيض، كما تناولنا الأحداث السياسية الداخلية والخارجية وكما قلت الليلة الماضية أن أولويتي الأولى خلال الشهرين المقبلين هي محاولة تسهيل انتقال السلطة بشكل يضمن نجاح الرئيس المنتخب". وأضاف "وفي هذه الأثناء كان لدي ميشيل فرصة للقاء السيدة الأولى المستقبلية، ودار بينهما حوار ممتاز أيضًا، كما أننا نريد أن نتأكد بأنهم يشعرون بأنهم موضع ترحيب، بينما يستعدون لهذا الانتقال". وتابع الرئيس "الأهم من ذلك هو أنني أود أن أؤكد للرئيس المنتخب بأننا نفعل ما بوسعنا لمساعدتك على النجاح لأنك إذا نجحت فستنجح الدولة كلها".
ونظر ترامب إلى الصحافيين، الموجودين في جميع أنحاء الغرفة، بينما يتحدث أوباما وعندما أنهى الرئيس حديثه انتبه مرة أخرى لسلفه، وقال "أود شكر الرئيس أوباما فقد كان من المقرر أن يستمر اللقاء ربما لـ10 أو 15 دقيقة لمجرد التعرف على بعضنا البعض، حيث أننا لم نلتق قط، لكنني أكن له احترام واستمر لقاؤنا لما يقرب من ساعة ونصف، وبقدر قلقي لكان يمكن للحوار أن يمتد لأطول من ذلك". وأضاف ترامب "ناقشنا الكثير من المواقف المختلفة البعض منها رائع، والبعض صعب، وكان شرف عظيم أن أكون معك سيدي الرئيس، وأتطلع إلى المزيد والمزيد من المقابلات"، وعلق سكافيون مستشار ترامب عقب الاجتماع من خلال تغريدة له "ترحيب ودي من فريق الرئيس أوباما بفريق الرئيس المنتخب في البيت الأبيض، شكرًا !!"
وبعد انتهاء هذا اللقاء كان لدى ترامب مقابلتين أخرتين في كابيتول هيل، حيث تناول الغداء مع بول ريان رئيس مجلس الشيوخ على الفور بعد ذلك، وبعدها سيرافق مايك بنس حاكم إنديانا والمنتخب نائبًا لرئيس الجمهورية ترامب في لقائه مع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وكان كل من أوباما وزوجته ميشيل هاجما ترامب بشدة أثناء حملته الانتخابية، ووصفوه بأنه عنصري ويميز بين الجنسين ومتحرش جنسي، وذلك في أحد المؤتمرات الداعمة لهيلاري كلينتون، أما الآن ومع تغير الأوضاع فعليهم أن يقفوا جنبًا إلى جنب ليثبتوا للبلد وللعالم أن أميركا هي نموذج ساطع للممارسة الديمقراطية.
وكان من المتوقع أن يستمر لقاء اليوم لساعة، وفي الساعة 12:30 حان وقت بدء اجتماع ترامب التالي مع ريان، ويقول ريان بأنه يريد الاستمرار في منصبه على الرغم من العلاقة الجافة بينه وبين ترامب، وكان زعيم الحزب الجمهوري أيد ترامب هذا الصيف قبل أن يتنازل عن دعمه بعد ظهور فيديو فاضح لترامب عن استخدام شهرته لجذب النساء، وقال البيت الأبيض يوم الأربعاء بأن الرئيس الحالي سيضغط على الرئيس المنتخب بعدم حمل أية ضغينة لجميع سياساته الرئيسية.
ويسود الإدارة الحالية قلق بشأن ترامب الذي ظل يعدّ طوال حملته، بإلغاء نظام التأمين الصحي الذي وضعه أوباما في السابق، وبذلك فهو يلغي الملايين من على قائمة التأمين الصحي دون إيضاح أية آلية جديدة، كما أن الإدارة مرعوبة بشأن قرار ترامب بترحيل الأطفال المهاجرين غير الشرعيين، ولم يكن الرئيس المنتخب واضحًا بشأن هذه التحركات السريعة الموجودة على جدول أعماله، لذا قال أنه سيلغي الأوامر التنفيذية الصادرة عن أوباما، معلقًا بأنه يمكنهم البقاء في البلاد إلى أجل غير مسمى.
أما خارج البيت الأبيض فهناك ضباط خدمة سريين، يستعدون للاحتجاجات المقبلة، كما أن كل من قوات مكافحة الشغب وأقنعة الغاز على استعداد في حال أصبحت المواجهات عنيفة، وقد تم التغلب على الأحداث في جادة بنسلفانيا والحديقة المجاورة من خلال استعدادات البناء، للتحضير لحفل التنصيب المقرر إقامته في كانون الثاني/يناير المقبل، حيث انشغل العمال في بناء قوائم خشبية صباح يوم الخميس، في وجود عدد هائل من الصحافيين الذين سيغطون واشنطن أثناء الاحتفالات، كما سيتم إحضار منصات خشبية مقاومة للرصاص، لكبار الشخصيات ولأعضاء الإدارة الجديدة والقديمة، كما زار مايك بنس نائب الرئيس المنتخب البيت البيض في تمام الساعة 2:30 ظهرًا ليحضر اجتماع مع جو بايدن نائب الرئيس الحالي الذي ستنتهي ولايته.
وفي إطار من السخرية فسوف يقوم كل من ليبورن جيمس لاعب كرة السلة في كليفلاند كفاليرز، إضافة إلى زملائه بزيارة البيت الأبيض، ومقابلة الرئيس أوباما لتكريمهم بعد فوزهم في الدوري الأميركي للمحترفين، وكان جيمس ظهر في وقت سابق مع كلينتون في مؤتمر حاشد في الأيام الخيرة من السباق الرئاسي، وشجع الجماهير على عدم التصويت لترامب.
وتسبب الاجتماع الرفيع المستوى الذي عقد بين أوباما وخلفه في حالة من النشاط الرهيب داخل البيت الأبيض يوم الخميس، وواصل العاملون حدادهم على ما يمكن أن يحدث في ظل الرئيس كلينتون، وحولوا تركيزهم على الانتقال الوشيك لترامب، وهذه هي المرة الأولى منذ 8 أعوام، حيث سيكون للبلاد رئيس جديد من حزب سياسي معارض في 20 كانون الثاني/يناير المقبل.
ويحق للرئيس المنتخب ترامب الحصول على نفس التقارير الاستخباراتية اليومية، مثل أوباما، والتي تتضمن عمليات الولايات المتحدة السرية والمعلومات المستقاه عن زعماء العالم وغيرها من البيانات، التي تقوم 17 وكالة استخبارات بجمعها، وسينظم البيت الأبيض حسب قوله وكالتي عمليات متعددة لتقديم المساعدة لفريق ترامب حول تعلم كيفية الرد على الحوادث المحلية الكبرى، وإذا التزم ترامب بوعوده التي قالها مسبقًا أثناء حملته الانتخابية، فإن الأمة ستكون على حافة تغيير كاسح في السياسات الداخلية والخارجية.
وكان ترامب تعهد بإلغاء قانون أوباما للرعاية الصحية والانسحاب من الاتفاق النووي التاريخي مع إيران، وببناء جدار عازل على طول الحدود بين أميركا والمكسيك، مع حظر مؤقت للهجرة من الدول التي لها علاقة بالإرهاب، وأنه ليس من الواضح ما إذا كان ترامب سيقبل العديد من تقاليد الرئاسة، وسيدخل ترامب البيت الأبيض، وهو يمتلك طائرته الخاصة، إضافة إلى فندق يقع على بعد عدة بنايات في جادة بنسلفانيا، كما أنه لم يسمح للصحافيين بالركوب على متن طائرته، كما هي عادة مرشحي البيت الأبيض، وبدأت قضايا الشفافية في البداية ففي مساء الأربعاء، قال مساعدو ترامب بأنهم لن يحضروا هياكل صحافية إلى واشنطن مع الرئيس المنتخب، لحضور الاجتماع مع أوباما والذي كسر قواعد البروتوكول واستمر لفترة طويلة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر