فاز الرئيس الكيني المنتهية ولايته أوهرو كينياتا في جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التي قاطعتها المعارضة الرئيسية في البلاد، بنسبة 98 بالمئة، كما أعلنت اللجنة الانتخابية الخاصة في كينيا، أمس الاثنين. وأوضحت في بيان أن زعيم المعارضة رايلا أودينغا الذي كان مدرجا على بطاقة الاقتراع حصل على 96ر0 بالمئة، رغم أنه حث أنصاره على المقاطعة. وأضافت أن النسبة الإجمالية للإقبال على التصويت بلغت نحو 38 بالمئة.
وفور إعلان فوزه قال كينياتا والابتسامة بادية على وجهه: "كما تعلمون جميعا لقد كنت هنا من قبل، وآمل أن تكون هذه هي المرة الأخيرة". ثم شكر الرئيس المنتخب "كل الذين شاركوا في التصويت.. رغم العنف والترويع والشعوذة". ورحب أنصار الحزب الحاكم بنتائج الانتخابات وسخروا من النتيجة التي حصل عليها أدوينغا بعد اعلان النتائج على شاشات التلفزيون .وفي كلمة له بعد فوزه، قال كينياتا أن كل شيء تم في إطار القانون والدستور. غير أن أودينغا شجب هذه الانتخابات ووصفها بـ"المزيفة".
وأجريت جولة إعادة الانتخابات بعد إبطال نتائج انتخابات أغسطس/آب بسبب مخالفات. وحصل كينياتا في تلك الانتخابات على 54 بالمئة من الأصوات يليه أودينغا بحصوله على 7ر44 بالمئة. ووقعت أعمال عنف بعد إجراء جولة إعادة الانتخابات يوم الخميس الماضي واشتبكت الشرطة مع متظاهرين من المعارضة، الذين قتل العديد منهم بالرصاص. ولم يتمكن الأشخاص من الإدلاء بأصواتهم في بعض المناطق يوم الانتخابات فيما أغلق المتظاهرون مراكز الاقتراع. وكان من المفترض أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها مجددا يوم السبت الماضي لمنح هؤلاء الأشخاص فرصة ثانية للتصويت، ولكن هذا الفكرة ألغيت خوفا من العنف. وقبل ظهور النتائج أمس، أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن الشرطة في كينيا استخدمت "القوة المفرطة " ضد المتظاهرين وأعرب السفير الأميركي لدى كينيا عن قلقه.
وهذه أسوأ أزمة سياسية في كينيا أكثر بلاد شرق افريقيا استقرارا خلال عقد من الزمن، وشهدت مقتل نحو 50 شخصا منذ اب/اغسطس الفائت. وأعلن رئيس اللجنة الانتخابية وافولا تشيبوكاتي أن كينياتا حصل على 7,483,895 صوتا مقابل 73,228 صوتا لادوينغا أي اقل من واحد بالمئة من الأصوات في مؤشر واضح لنجاح المقاطعة التي دعا اليها اودينغا. وجرت الانتخابات الجديدة بعدما ألغت المحكمة العليا في الأول من أيلول/سبتمبر نتائج الانتخابات السابقة التي فاز فيها كينياتا بـ54,27% من الأصوات مقابل 44,74% لأودينغا.
وبررت المحكمة العليا قرارها الذي شكل سابقة في إفريقيا بحصول مخالفات في النتائج. وإذ برأت المرشحين، القت مسؤولية تنظيم انتخابات "غير شفافة وغير قابلة للتثبت من نتائجها" على عاتق اللجنة الانتخابية. ومارس اودينغا ضغوطا لاصلاح اللجنة الانتخابية، قبل أن يعلن مقاطعته الانتخابات. وما عزز هذا الموقف الشكوك التي أبداها رئيس اللجنة الانتخابية قبل فترة حيال قدرتها على ضمان مصداقية التصويت. لكن تشيبوكاتي قال الاثنين إنه واثق بأن الاقتراع "حر ونزيه وذو مصداقية".
وسبق أن قررت اللجنة الانتخابية الجمعة تأجيل عملية الاقتراع في غرب البلاد التي كانت ستجري السبت، متذرعة بـ "الخطر الذي يهدد حياة" منظميها. وفي اربع من مقاطعات الغرب (هوما باي وكيسومو وميغوري وسيايا) من اصل 47 مقاطعة في البلاد، لم تجر الانتخابات الرئاسية الخميس بسبب الفوضى. وقرر تشيبوكاتي عدم اجراء الانتخابات في 25 دائرة انتخابية تشوبها احداث عنف معلنا انها لن تؤثر في النتائج النهائية. وساد الهدوء معاقل المعارضة في غرب البلاد خلال اليومين الماضيين، إلا أنه من المتوقع أن يشتعل العنف مجددا بعد إعلان فوز كينياتا. وقبل اعلان النتائج، تم الدفع بتعزيزات أمنية الى بؤر التوتر في غرب البلاد، وفي حي "ماثاري" الشعبي في نيروبي، وفي الحي التجاري في وسط نيروبي، وكذلك في مدينة مومباسا الساحلية، حسب ما أفاد مسؤول أمني كبير "فرانس برس".
وبعد وقت قصير من اعلان فوز كينياتا، شرع المتظاهرون في احراق اطارات السيارات في مدينة "كيسومو" في غرب البلاد وفي حي كيبيرا الشعبي في نيروبي، بحسب ما أفاد صحافيون في وكالة "فرانس برس". وقتل 9 أشخاص على الأقل منذ اجراء الانتخابات الخميس، ما يرفع إلى 49 على الاقل عدد القتلى منذ الانتخابات الذي أبطلت في الثامن من آب/اغسطس، قضى القسم الاكبر منهم لدى إقدام الشرطة على استخدام العنف لقمع التظاهرات، بحسب منظمات حقوقية. واشاد كينياتا باصرار الشعب الكيني على عدم الانزلاق إلى "سياسة الظلام". وقال "أي دولة أخرى تمر بمنعطفات كهذه في العملية الانتخابية الاخيرة كانت ستتمزق". من جهته، كرر اودينغا دعوته الى عصيان مدني، لارغام السلطات كما قال على الموافقة على اجراء انتخابات جديدة في الايام التسعين المقبلة. ومن المقرر ان يخاطب اودينغا انصاره الثلاثاء.
وعبر السفير الاميركي في كينيا روبرت جوديك عن قلقه ازاء تجدد اعمال العنف، داعيًا الى الهدوء في الايام المقبلة. وقال في بيان إنه "ينبغي على القادة والسياسيين رفض العنف علنا وبوضوح والعمل على حفظ السلام"، وتابع "نحن قلقون للغاية حيال التقارير عن استخدام الشرطة المفرط للقوة". كما عبر وزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية الدولية روري ستيوارت عن "بالغ قلقه" من احداث العنف الاخيرة. وقال ستيوارت "أحث قوات الأمن على ممارسة اقصى درجات ضبط النفس وادعو المتظاهرين الذين يمارسون حقهم الدستوري الى ان يفعلوا ذلك في شكل سلمي". وتعيد أحداث العنف الحالية الى الاذهان الذكرى المؤلمة لأعمال العنف الاتنية التي اعقبت الانتخابات الرئاسية اواخر 2007 وأسفرت عن 1100 قتيل، وأدت الى تشريد 600 الف شخص.
ولقي ما لا يقل عن 14 شخصًا مصرعهم في أعمال عنف منذ الانتخابات التي جرت يوم 26 اكتوبر/تشرين الأول وفقا لما ذكره مسؤولون دوليون واصيب الكثيرون بجروح. ذكرت منظمة العفو الدولية لحقوق الانسان أمس الاثنين انها وثقت ما لا يقل عن اربعة قتلى واكثر من 12 جريحًا منذ الانتخابات وقالت انها ارتكبت من قبل الشرطة ومعظمهم في غربي كينيا. واظهرت الارقام الحكومية ان عدد القتلى يبلغ 10. وقد وثقت جماعات حقوق الانسان ما يقرب من 70 حالة وفاة قالوا انها وقعت على يد الشرطة في الايام التي تلت تصويت اغسطس/آب. وقال السيد أودينغا لمؤيديه في الأسبوع الماضي إنه سيحول حزبه إلى "حركة مقاومة".
وقال حشد تجمع في كنيسة "إن القتل هنا كان وحشيا جدا". وأضاف "ان عملية القتل كانت مخططة جيدا ونفذت"، وقال انه كان "تحذيرا مباشرا للآخرين". وأدان أودينغا أعمال العنف التي وصفها بأنها من أنصار كينياتا، ولكنه حث على عدم الرد على العنف. وقد دعا الكينيون والدبلوماسيون الأجانب وحتى بعض من أنصار السيد كينياتا الرئيس إلى التعامل مع زعماء المعارضة بعد فوزه، ولكن في خطاب النصر ابتعد الرئيس عن الحوار.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر