احتضن الزعيمان الكوريان الشمالي والجنوبي بعضهما بحرارة أمام الكاميرات، في نهاية الاجتماع الذي شكل يومًا تاريخيًا في عرض للوحدة بين الكوريتيين، بعدما كان كلاهما على شفا حرب كارثية في العام الماضي، والتزما بالعمل لإزالة الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية والسعي لإنهاء الحرب تمامًا.
المنطقة الحدودية منزوعة السلاح
والتقى كيم يونغ أون ومون غاي، في قرية بامنونغوم في المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح، للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، وحملت القمة بينها أهمية كبيرة من ناحية الرموز وأيضًا الجوهر، فيما أعلن بيان مشترك وقعه الجانبان عن بدء محادثات ثلاثية أو رباعية تضم الولايات المتحدة والصين لتحل محل الهدنة التي تم الاتفاق عليها في نهاية الحرب الكورية 1950- 1953، مع معاهدة السلام، لإعادة لم شمل العائلات الممزقة التي تعاني بفعل الحرب حتى الآن، وذلك بصرف النظر عن تقسيم شبه الجزيرة وإنشاء مكتب اتصال دائم، وجاء الإعلان عن "الاتفاق الثمين" مع غروب الشمس في يوم طويل من البهاء، كان الرئيس مون متحمسًا، حيث أعلن عن "حقبة سلام جديدة" وتعهد "بأنه لن تكون هناك حربًا أخرى، فيما أكد كيم على كلامه، رغم ما يعرف عنه بأنه منعزلًا عن العالم ومعروفًا بأنه الديكتاتور الصارم.
تأكيد على الوحدة والسلام
وفي أول خطاب له إلى العالم، أغفل كيم ذكر أسلحته النووية لكنه وعد بدعم السلام الدائم، قائلًا "إن الكوريين الجنوبيين والشمالين هم "نفس الأشخاص" ويجب ألا نواجه بعضنا البعض ... يجب أن نعيش في وحدة"، حيث يعمل كيم ومون في إطار الجدول الزمني المخصص لهما بعناية، بدءً من موقع الاجتماعات، حيث قرية بانمونغوم، فإذا لم تتوقف الحرب الكورية على طريق يمر عبر بانمونغوم في عام 1953، فستظل هذه القرية غير معروفة بالكامل، ولكنها أصبحت التي تحمل معاني المنطقة الأمنية المشتركة والنقطة الوحيدة على الحدود، حيث يمكن أن يجتمع الشمال وجهًا لوجه مع الجنوب وقيادة الأمم المتحدة.
وتم التوقيع على الهدنة في بانمونغوم في 27 يوليو/ تموز 1953، لوضع حد للحرب التي استمرت 3 أعوام، وقد شهدت الأكواخ البسيطة المطلية باللون الأزرق التي تمتد على الخط بدقة مناقشات لا نهاية لها حققت تقدمًا لا يُذكر بشأن مسألة استبدال الهدنة بمعاهدة سلام، وفي لفتة مناسبة، اختار مون وكيم إجراء أول محادثات وجهًا لوجه، بعد أن تخطيا الفجوة ببساطة لإثبات ما يمكن تحقيقه إذا كانت هناك إرادة كافية.
وأصبح كيم هو أول زعيم كوري يعبر الحدود إلى الجنوب، وفور عبوره سار على سجادة حمراء برفقة حارسه أمام ممثلين للقوات المسلحة الكورية الجنوبية، بما في ذلك ممثلين عن الجيش والبحرية والقوات الجوية يرتدون الزي الرسمي الاحتفالي الكامل.
انتقادات لاصطحاب كيم حارسه
وقال "البيت الأزرق" مقر الرئيس الكوري الجنوبي، إنه قرر استقبال كيم بهذه الطريقة بعد أن تلقى الرئيسان السابقان لكوريا الجنوبية، كيم داي يونغ، وروه مو هيون، استقبالًا مماثلًا خلال حضورهما لقمة بيونغ يانغ في عامي 2000 و2007، ولكن المحافظين في الجنوب أعربوا عن غضبهم، زاعمين أن وجود حارس يعد عدم احترام للأفراد العسكريين الذين واجهوا القوات الكورية الشمالية في المنقة المنزوعة السلاح على مدى الـ65 عامًا الماضية.
وترك كيم الوفد المرافق قبل خطوات من اقترابه إلى "Panmon Hall" في الشمال نحو الحدود، وحين وصل إلى هناك عند الألواح الخرسانية وكان في انتظاره مون، تصافحا بحرارة، وهي لحظة حاسمة في التاريخ الكوري، وأفادت الأنباء أن مون سأل الزعيم الكوري الشمالي عن الوقت المناسب لإمكانه زيارة كوريا الشمالية.
زراعة الشجرة
بعد الجلسة الصباحية لمناقشات الجمعة، ارتدى كيم ومون القفازات البيضاء لزراعة شجرة الصنوبر بالقرب من خط ترسيم الحدود العسكرية، وكانت فكرة غرس الشجرة "رمز القوة والحكمة في كوريا" قد طرحت من قبل سيول لإظهار آمال الطرفين في السلام، وتم اختيار شجرة كانت قد زرعت في الأصل في عام 1953، وهو عام الهدنة، لإبراز هذا الالتزام.
وجرف الزعيمان التربة التي تم جلبها من جبل هالا في الجنوب وجبل بايكدو في الشمال على جذور الشجرة قبل أن تسقيها بالماء من نهر هان، الذي يتدفق عبر سيول، ونهر دايدونغ في بيونغ يانغ، وقال كيم "دعونا نتأكد من أن مثل هذا الصنوبر، سينمو مستقبلنا معًا".
إزاحة الستار عن الحجر
إلى جانب شجرة الصنوبر، كشف الزعيمان النقاب عن نصب حجري يحمل نقش "زرع السلام والازدهار"، فوق أسمائهم والألقاب الرسمية وتاريخ اجتماعهم، وقال مون، مخاطبًا كيم والوفدين "سنكون قادرين على النمو معًا والتمتع بالرخاء المشترك معًا".
عبور الجسر
وظهر الزعيمان في وقت لاحق، دون مستشاريهما في نزهة عبر جسر المشاة المطلي باللون الأزرق الذي بني داخل المنطقة الأمنية المشتركة بعد فترة وجيزة من توقيع الهدنة، وتحدثا بشكل جدي، وتوقفا عند نقطة معينة ليواصلوا مناقشاتهم قبل أن يجلسوا وهم يواجهون بعضهم البعض على مقاعد على الجسر الذي يبلغ طوله 160 قدمًا، والذي تم إنشاؤه في الأصل لتوفير إمكانية الوصول إلى لجنة الإشراف على الدول المحايدة التي تم تكليفها مع الإشراف على تنفيذ الهدنة.
الطاولة البيضاوية والأثاث المخصوص والطعام
وكان هناك قدرًا كبيرًا من التفكير في كل عنصر من عناصر الاجتماع الأول بين قادة كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، إذا كان آخر لقاء منذ 11 عامًا، ولذلك تم تصميم طاولة بيضاوية مصقولة مُعدة خصيصًا لهذه المناسبة، وعكس الأثاث والديكورات أهمية المناقشات، حيث الخرائط المنحوتة على الكراسي تحمل خرائط شبه الجزيرة الكوري، وخضع "بيت السلام" لتجديدات ضخمة في الأيام الي سبقت اللقاء، حتى أن قائمة الطعام كانت مهمة، حيث طبق البطاطا المقلية السويسرية "روستي"، في إيماء إلى الأعوام التي قضاها كيم وهو طالب في سويسرا، ومن بين الأطباق الأخرى، فطائر جون داوري، وهي المفضلة للسيد مون.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر