نيويورك ـ يوسف مكي
حكمت محكمة لجرائم الحرب تابعة للأمم المتحدة على راتكو ملاديتش، القائد السابق بجيش صرب البوسنة، المعروف باسم "جزار البوسنة" بالسجن المؤبد، بعد إدانته بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وثبُت أنَّ مجرم الحرب، البالغ من العمر 74 عامًا، مذنبًا بارتكاب مجازر وتطهير عرقي خلال حرب البوسنة في الفترة ما بين 1992-1995 بما في ذلك المجزرة مذبحة "سربرنيتسا" التي تعرف أيضا باسم الإبادة الجماعية في سربرنيتساى، وهي أسوأ فظائع أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، واعتبرت هذه الإدانة، التي اتسمت بالحالة النهائية من محكمة يوغوسلافيا لجرائم الحرب، انتصارًا للعدالة، وإنذارًا للآخرين، بمن فيهم الرئيس السوري بشار الأسد، بأنَّ مرور الوقت لا يوفر حماية لمرتكبي الإبادة الجماعية.
وفي لحظة درامية اخرج ملاديتش من المحكمة قبل الحكم بسبب صراخها: "كل ذلك أكاذيب، أنتم جميعًا كذابين"، بيد أنَّ المحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة ليوغوسلافيا السابقة وجدت إنَّ ملاديتش مذنب بـ10 تهم من أصل 11 اتهامًا موجه إليه من بينها ذبح 8 آلاف مسلم وفتى فى سريبرينيتسا وحصار العاصمة البوسنية سراييفو التي لقى فيها أكثر من 10 الأف مدني مقتلهم.
وحدثت المذبحة التي وقعت في سريبرينيتسا قرب الحدود البوسنية الشرقية مع صربيا بعد أيام قليلة من بداية شهر يوليو/ تموز 1995 عندما سيطرت القوات الصربية على المنطقة رغم إعلانها رسميًا "منطقة آمنة" تابعة للأمم المتحدة، وعندما فشل المجتمع الدولي في الرد، شاهد نحو 370 من أفراد قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة المجزرة دون حول ولا قوة حيث عزلت القوات الصربية الرجال والأولاد لإطلاق النار عليهم، بينما نُقِلَت النساء والأطفال إلى خارج البلدة فيما أصبح يُعرف باسم "التطهير العرقي".
وقال رئيس المحكمة ألفونس أوري في قراءة ملخص للحكم "إن الجرائم المرتكبة تُعد من بين أشد الجرائم المعروفة للبشرية وتشمل الإبادة الجماعية والإبادة كجريمة ضد الإنسانية"، وأضاف أنَّ الكثيرين من هؤلاء الرجال والصبية تعرضوا للإهانة والتهديد وأجبروا على الغناء أغاني صربية فضلًا عن تعرضهم للضرب بانتظار إعدامهم".
وأوضح ملاديتش، الذي يعاني من سوء صحة وعانى من سلسلة من السكتات الدماغية منذ القبض عليه في عام 2011، بأنَّه "غير مذنب" من جميع الاتهامات، وقال فريقه القانوني إنَّه سيطعن على الحكم، فيما يتوقع المحامون عدم صدور الحكم النهائي حتى عام 2019، بينما رحبت عائلات من لقوا حتفهم، وحضر العديد منهم جلسات المحكمة، بما في ذلك فيكرت أليك، الذي ظهرت له صورة بحالة بائسة، في معسكرات الاعتقال منذ 25 عامًا، في الصفحة الأولى لمجلة "التايم" الأميركية عام 1992، وهو يحدق من وراء أسلاك شائكة.
وأشار أليك للصحافيين، وهو يحمل صورته سيئة السمعة، "لقد فازت العدالة، وأدين مجرم الحرب. أنا واحد من هؤلاء، فكرت أليك، أستطيع أن أشهد على تلك الجريمة التي ارتكبها الجنرال (ملاديتش)"، والذي كان الأكثر شهرة من بين الـ 161 شخصا الذين وجهت إليهم المحكمة اليوغوسلافية جرائم حرب، إلى جانب الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش والرئيس الصربي الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش، وقد أدانت المحكمة 83 من هؤلاء. وتضع الإدانة فعليا عمل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة قيد العمل، ورحب بها الجميع في أنحاء العالم باعتبارها انتصارًا للعدالة.
وقال بوريس جونسون، وزير الخارجية، إن الإدانة أثبتت أن مجرمي الحرب لا يستطيعون الهروب من العدالة، وأضاف "إن إدانة راتكو ملاديتش فى جريمة الإبادة الجماعية فى سربرينيتسا لن تعيد الآلاف الذين فقدوا أرواحهم ولكنَّه يظهر أنَّ مُدبري معاناتهم سيحاسبون".
ووصف زيد رعد الحسين، رئيس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ملاديتش بأنَّه "مثال شر"، وقال إن القبض عليه وإدانته بعد 16 عامًا على التوالي وعلى مدى أربع سنوات للمحاكمة كان "انتصارًا كبيرًا للعدالة"، وأضاف "أنَّ مرور الوقت ليس حماية"، متابعًا أن الأسد لن يكون استثناء".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر