الرباط - عمار شيخي
يستعد المغرب لاحتضان القمة الدولية لمؤتمر المناخ "كوب 22"، المزمع عقدها شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في مدينة مراكش، وهو حدث دولي نالت المملكة شرف تنظيمه سيجمع نحو 30 ألف شخص، لإقرار إجراءات بهدف الحد من الاحتباس الحراري العالمي، من بينهم 8000 ممثلين للمجتمع المدني و1500 صحافي. ويعيد هذا الحدث الدولي إلى الواجهة، وضعية القطاع البيئي بالمغرب، ما الذي تحقق؟ وما هي التحديات؟ وما هي أبرز المشاريع البيئية الرائدة في المغرب؟
الحصيلة الحكومية
ترى الوزارة المغربية المكلفة بالبيئة، أن المملكة المغربية حققت تطورا ملموسا في ميدان التدبير البيئي، من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات، منها "تعزيز الأسس المؤسساتية والقانونية للعمل البيئي"، ثم "تبني ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة"، وكذا "وضع المراصد الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة"، وفي الجانب التشريعي، "المصادقة على القانون الإطار للبيئة والتنمية المستدامة"، وإصدار قوانين تتعلق بالبيئية، وكذا وضع استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة. وتقر الوزيرة المغربية المكلفة بالبيئة، أن هناك "تحديات كثيرة يجب رفعها لتجاوز بعض الإكراهات، التي تمس التدبير البيئي المحلي"، وتؤكد الوزيرة أن "المغرب أصبح يتوفر على الصعيد المحلي، وبجميع الجهات، على مؤشرات يمكن أن تخدم الصالح العام، وتغير السياسات أو تواكبها، إذا كان هناك تأثير سلبي على الجانب الاجتماعي أو البيئي".
وأطلق المغرب منذ سنتين، أشغال إنجاز 16 محطة جديدة لمعالجة المياه العادمة، منها 13 محطة في الوسط الحضري و3 محطات في الوسط القروي بكلفة إجمالية تصل إلى 824 مليون درهم، وذلك في إطار البرنامج الوطني لمعالجة المياه العادمة، كما تميز العام الماضي بإطلاق البرنامج الوطني للتطهير السائل بالعالم القروي، فضلا عن برمجة 34 مركزا جديدا لطمر النفايات، بغلاف مالي يقدر بنحو 600 مليون درهم.
رأي مهتم
ويرى نبارك امرو، الصحافي المغربي المتخصص في قضايا البيئة، ورئيس المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لـ"إعلاميي البيئة"، أنه "رغم المجهودات التي بدلت وتبدل في الآونة الأخيرة، سواء من لدن القطاعات الوزارية المعنية، وكذلك من لدن الهيئات المدنية الوطنية والدولية العاملة في المغرب، فإن واقع البيئة في المغرب، يتسم بوجود تحديات تواجهه التنمية المستدامة"، وأوضح أمرو في مقابلة مع "المغرب اليوم"، "أن هناك تحديات على مستوى الأضرار الناتجة عن التغير المناخي، وعلى مستوى الحفاظ على الموارد الطبيعية، وكذلك فيما يخص التحسيس والتربية على البيئة في اتجاه تغيير سلوك المواطنين"، مؤكدا أن "المجهودات التي بذلت خلال ولاية الحكومة الحالية من حيت التشريع، كانت مهمة"، وقال "يستحق العمل العمل التشريعي المتراكم التنويه، بالرغم من أن التنزيل العملي للإجراءات القانونية والإدارية المرتبطة بالمحافظة على البيئة، والتكيف مع التغير المناخي، ليس بالأمر السهل، ويتطلب وقتا، ويرتقب أن تظهر النتائج على المدى المتوسط والبعيد".
وفي سياق متصل، يشدد رئيس جمعية إعلاميي البيئة بالمغرب، على أن "وزارة البيئة خلال السنوات الأخيرة، أقرت قوانين من قبيل الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة وقانون الساحل وقانون المعادن، الذي شمل تعديلا لا يستهان به من لدن الوزارة المعنية، دون أن ننسى قانون الماء"، يضيف المتحدث، " كل ذلك إشارات ايجابية في خدمة مستقبل البيئة في بلادنا، رغم أنه على المستوى الأكاديمي والتربوي خصوص لا يزال المجهود المبذول لا يرقى ولا يواكب القرارات السياسية التي تتخذ في هذا الاتجاه".
الأنظمة الإيكولوجية
ويتوفر المغرب على استراتيجية جديدة تتعلق بتهيئة الأحواض السفحية لمواجهة تدهور الأنظمة الإيكولوجية، وهي الاستراتيجية التي وضعتها المندوبية السامية للمياه والغابات، بشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وسيمكن البرنامج "من محاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية عبر عدة برامج مندمجة، استهدفت من جهة، التنظيمات البشرية التقليدية كمجال للتنمية والإعداد، والجماعات الترابية من جهة ثانية، كإطار للتشاور المستمر بين كافة الفاعلين من إداريين وتقنيين وجمعيات المجتمع المدني". وتصل مساحة الملك الغابوي بالمغرب، إلى حوالي 9 ملايين هكتار، أصبحت تتقلص سنة بعد سنة، بسبب حق الانتفاع الغابوي الذي نص عليه القانون المؤطر لهذا المجال، والذي يعطي للساكنة المحلية حق الرعي والاستفادة من خشب التدفئة. ويرى المتخصصون أن "الاستعمال السيئ لهذا الحق يؤثر على الموروث الغابوي، فالرعي الجائر وقطع الأشجار الحية لاستعمالها كخشب للتدفئة يضر بالغابة". وتعمل الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بتهيئة الأحواض السفحية لمواجهة تدهور الأنظمة الإيكولوجية، على إيجاد مشاريع مدرة للدخل لفائدة الساكنة المجاورة للملك الغابوي، لمحاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية للحيلولة دون استنزاف الغطاء النباتي وتدهور الملك الغابوي. وتتضمن الاستراتيجية برامج لتحسيس السكان بمخاطرالمساس بالبيئة، وذلك وفق مقاربة تشاركية بين كافة المؤسسات المعنية، وكذا إدماج السكان في الحلول المقترحة من أجل الرفع من مستوى فعالية المشاريع. ويتضمن البرنامج أيضا، ورشات تحسيسية لفائدة السكان بالدور الذي تلعبه الغابة في ما يتعلق بالتغيرات المناخية.
دعم دولي
ويتميز القطاع البيئي بالمغرب، بحصوله على الدعم الدولي على أكثر من مستوى، خاصة بعدما حظي المغرب بشرف تنظيم دورة هذا العام لقمة المناخ الدولية، "كوب 22"، ووقعت المملكة المغربية اتفاقية شراكة بين منظمة الأغذية والزراعة - الفاو - تمنح بمقتضاها المنظمة الأممية مساعدة تقنية ودعم مالي للمغرب، بهدف تعزيز قدرات قطاع البيئة في ما يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية. وتهدف الاتفاقية الموقعة من طرف الوزيرة المغربية المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، وممثل منظمة الأغذية والزراعة بالمغرب، إلى تبادل الخبرات لوضع مشاريع ذات الصلة بالتكيف مع التغيرات المناخية والتمويل عن طريق الصناديق المعنية بالمناخ، من قبيل الصندوق الأخضر للمناخ، فضلا عن مواكبة جهود المغرب في تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة المقبل حول التغيرات المناخية. المنظمة الدولية ذاتها، جددت قبل أيام، دعمها الكامل لتنظيم المؤتمر العالمي الـ22 حول المناخ (كوب 22) في نونبر بمراكش. ونوه مدير قسم المناخ والطاقة والأنظمة العقارية بالمنظمة، بالاهتمام الذي يوليه المغرب لأفريقيا وجهوده من أجل التكيف مع التغيرات المناخية في القارة، وأوضح أن المغرب بصفته رئيسا للمؤتمر المقبل حول المناخ، يدعم بقوة الأجندات الموجهة للأولويات الأفريقية خاصة في مجال المساهمات الوطنية، وتعزيز القدرات والإجراءات الواجب اتخاذها لفترة ما بعد 2020 والتي تهم التكيف والتمويل ونقل التكنولوجيا.
خارطة طريق
أعد المغرب خارطة طريق لإنجاح مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 22)، المنتظر تنظيمه ما بين 7 و18 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 في مدينة مراكش، وتتضمن العديد من المحاور، من بينها العمل على إقناع الدول المتقدمة لرفع طموحاتها لخفض معدلات انبعاث الغازات، فضلا عن العمل على دعوة الدول من أجل التصديق أو القبول أو الموافقة من أجل الانضمام إلى اتفاقية باريس حول التغيرات المناخية، التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة بالعاصمة الفرنسية في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتتعلق المحاور الأخرى، لخارطة الطريق بحث الدول على خفض الظواهر المتسببة في الاحتباس الحراري، إضافة إلى دعم البلدان النامية لإعداد برامج لمواجهة التغييرات المناخية، ودعم مشاريع الطاقات المتجددة بأفريقيا. ويرى المسؤولون المغاربة، أن "مؤتمر مراكش سيشهد إطلاق مشاريع ملموسة للحد من التغييرات المناخية، وتخفيف انبعاث الغازات"، محذرة من مخاطر التغييرات المناخية بدول العالم، والتي تنتج مجموعة من الظواهر مثل الفقر والكوارث الطبيعية والهجرة، بحسب قولها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر