بدأت مراكز الاقتراع الخاصة بالانتخابات التشريعية في الجزائر، فرز الأصوات داخل اللجان، وذلك عقب إغلاق أبوابها، الخميس، وسط مخاوف من نسبة مشاركة هزيلة يمكن أن تؤثر على مصداقية الانتخابات. وأدلى الناخبون الجزائريون بأصواتهم، لاختيار أعضاء البرلمان، وعددهم 462، من بين 12 ألف مرشح يمثلون 57 حزبًا وقوائم حرة.
وأدلى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الخميس، بصوته في الانتخابات التشريعية، وهو على كرسي متحرك، يتنقل بواسطته منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013. وصوّت بوتفليقة في مكتب الاقتراع في مدرسة البشير الإبراهيمي، في حي الأبيار في وسط العاصمة الجزائرية، وكان برفقة شقيقيه السعيد الذي يشغل أيضا منصب مستشاره، وعبد الرحيم، الموظف السامي في وزارة التكوين المهني.
وسجل تحالف حركة "مجتمع السلم"، أكبر تنظيم لإخوان الجزائر وجبهة التغيير، التي يقودها الوزير السابق عبد المجيد مناصرة، ستة تجاوزات خطيرة منذ انطلاق عملية الاقتراع. ودعا التحالف، في بيان، السلطات العمومية إلى التدخل العاجل لإنقاذ العملية الانتخابية التي بدأت بهدوء، لكنها عرفت تشويهًا خطيرًا في نهايتها، وهو ما قد يرهن مصداقيتها.
ومن أبرز التجاوزات التي سجلها التحالف، التصويت الجماعي مكان الناخبين لصالح قوائم حزب الرئيس الجزائري، واستخدام الوكالات بشكل غير قانوني أكثر من مرة. وانتقد التحالف طرد ممثلي بعض الأحزاب المراقبين للعملية، والاعتداء بالضرب على ممثلي الأحزاب السياسية من طرف جهات معلومة محاولة تزوير إرادة المواطنين بشكل فوضوي.
وكشف رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات في الجزائر، عبد الوهاب دربال أن هيئته تسلمت 358 إخطارًا على المستوى الوطني، تتعلق في مجملها بالإجراءات التنظيمية. وأوضح دربال أنه تم حويل 16 منها إلى النواب، لتأخذ العدالة مجراها.
وافتتحت مكاتب الاقتراع للانتخابات التشريعية في الجزائر، الخميس، بمشاركة 23 مليون ناخب لاختيار 462 نائبًا، من 12 ألف مرشح إلى المجلس الشعبي الوطني، لاختيار ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني "الغرفة البرلمانية الأولى"، وذلك في سادس انتخابات تشريعية، منذ انتهاج الجزائر التعددية الحزبية، وسط مخاوف من عزوف عن المشاركة، إذ يبقى هاجس المشاركة الرهان الحقيقي لهذه العملية.
وتوقع المحلل السياسي، وهيب زروقي، أن "تحافظ أحزاب السلطة على أغلبية مقاعد البرلمان، وهما حزب التجمع الوطني، الذي يقوده مدير الديوان الرئاسي الحالي، أحمد أويحيى، وحزب جبهة التحرير الوطني، الذي يقوده الوزير السابق جمال ولد عباس". وأشار في تصريح سابق إلى أن "باقي الأحزاب الأخرى شكلية لا يمكن أن يكون نصيب البعض منها، إلا بعض المقاعد المحدودة". وأكد زروقي أن "ظهور بعض التحالفات والتكتلات الحزبية خاصة بين الإسلاميين لن يكون له تأثير كبير، حيث لا يتمتعون بشعبية، وهو ما ستبقى خريطة التوازنات السياسية على حالها".
وسخرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، نصف مليون شرطي للإشراف على العملية الانتخابية، إضافة إلى آلاف مراكز التصويت التي ستستقبل الهيئة الناخبة، ووسائل لنقل الناخبين، زيادة على مخطط أمني خاص لتأمين عملية الاقتراع، من خلال نشر 44 ألف شرطي في الشوارع والأحياء الشعبية وأمام المقرات الحساسة والعمومية، في حين سيتكفل الجيش الوطني الشعبي بتأمين الحدود.
ولعل ما ميز انتخابات الرابع من أيار/مايو 2017 أنها تجري لأول مرة، تحت أعين هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات، التي قدمتها السلطة على أنها أحد الضمانات الأساسية لتنظيم استحقاقات شفافة ونزيهة حسب الخطاب الرسمي. وأبانت الحملة الانتخابية التي انطلقت التاسع من فبراير/شباط عزوفًا رهيبًا، ولا مبالاة من قبل المواطنين، لكن الإدارة ممثلة في وزارة الداخلية والجماعات المحلية، أكدت أنها ستنسحب على الساعة الثامنة صباحًا من يوم الاقتراع كما سيمنع ولاة الجمهورية الاقتراب من مراكز ومكاتب التصويت، وذلك لترك الجزائريين يصوتون بكل حرية وشفافية، وقدمت السلطة ضمانًا ثالثًا يتمثل في انتخاب الأسلاك النظامية خارج الثكنات.
ويبقى الرهان الأكبر الذي يخيف الأحزاب السياسية في تشريعيات الرابع أيار/مايو نسبة المشاركة، خاصة أن هذه الانتخابات صاحبتها الكثير من الانتقادات بداية من كشف الأحزاب عن نوعية مرشحيها، وصولا إلى خطابات الأحزاب وبرامجها نهاية بحملات المقاطعة التي قادها شباب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكشف وزير داخلية الجزائر نور الدين بدوي، أن نسبة المشاركة على المستوى الوطني بلغت 15.58 في المائة عند الساعة الثانية عصر الخميس. وقال إن الانتخابات البرلمانية تكتسي أهمية بالغة، داعيًا المواطنين إلى مشاركة قوية فيها، مؤكدًا أن "الانتخابات تشكل ردًا قويًا في كل من يشكك في لحمة وتكاتف الشعب الجزائري".
وسُجلت أعلى نسبة مشاركة في محافظات الجنوب الجزائري, حيث بلغت نسبة المشاركة في محافظة تندوف أقصى جنوب الجزائر 32,07 بالمائة في حدود الساعة الواحدة عصرًا، بينما بلغت بمحافظة إليزي جنوب الجزائر على الحدود مع ليبيا 28,61 بالمائة, تلتها محافظة تسمسيلت بنسبة 27 بالمائة، فيما سُجلت أدنى نسبة مئوية بمحافظة بجاية التابعة لمنطقة القبائل شرق الجزائر, حيث بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية فيها 8.24 بالمائة فيما بلغت نسبة المشاركة في محافظة البويرة شرق الجزائر 9,33 بالمائة, وشهدت هذه المحافظة صباح اليوم الخميس, عدة أحداث حالت دون انطلاقها في بعض المراكز.
وجاءت أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات في منطقة القبائل، وبلغت النسبة حسب التصريحات التي كشف عنها وزير داخلية الجزائر ورئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، في محافظة تيزي وزو 7.37 في المائة في وقت بلغ عدد المسجلين 675479 ناخب. وبلغت في محافظة بجاية في حدود منتصف النهار8.24 في المائة، وبلغت 9.33 في المائة في محافظة البويرة التي شهدت احتجاجات عارمة منذ انطلاق عملية الاقتراع.
وتعتبر منطقة القبائل، بمحافظاتها تيزي وزو وبجاية والبويرة، معيارًا حقيقيًا لقياس مدى استجابة الناخبين لنداء التصويت الذي أطلقت الأحزاب السياسية والسلطة معا منذ شهر تقريبا، وأيضا امتحان يثبت مدى نجاعة الحكومة الجزائرية في تطويق الانفصالين داخل هذه المناطق.
وعلق المحلل السياسي والإعلامي الجزائري، احسن خلاص، في تصريحات خاصة إلى "العرب اليوم"، على هذه المعطيات قائلًا إنها ليست المرة الأولى التي تسجل فيها مثل هذه النسب الضعيفة في منطقة القبائل. وبلغت نسبة التصويت بهذه المنطقة عام 2002 حوالي 7 في المائة، مشيرًا إلى أن هناك اتجاه لتكريس القطيعة بين هذه المناطق والسلطة المركزية لاسيما مع تنامي النزعة الانفصالية.
وأكد المتحدث، فشل الأحزاب التقليدية في تعبئة الناخبين بهذه المناطق لأنها فشلت في تنظيم صفوفها الداخلية وفي تسيير الشأن المحلي في البلديات، والمواطنون متذمرون منها نتيجة الانقسام في صفوفها. وأوضح حسن خلاص، أن السلطة في الجزائر مطالبة بإعادة النظر في حساباتها في منطقة القبائل وإلا فإن هذه الظاهرة ستستفحل أكثر في المستقبل. وواجه مدراء الحملة الانتخابية لأحزاب السلطة في منطقة القبائل، صعوبة في تنظيم الحملة الانتخابية وأبدوا تخوفهم من النتائج التي سيحصلونها خلال الاستحقاقات المقبلة، خاصة وأنها تعد أول مرة يدخل فيها 23 حزبًا غمار الانتخابات البرلمانية في منطقة القبائل بهذه المنطقة.
واعترف متصدر قائمة الحزب الحاكم في محافظة تيزي وزو، سعيد لخضاري، بصعوبة تسيير الحملة الانتخابية، قائلًا إنه ولأول مرة في تاريخ الانتخابات التشريعية، تقرر 23 تشكيلة سياسية دخول " ماراثون " التشريعيات في منطقة القبائل. وشكلت منطقة القبائل الجزائرية، في وقت سابق، ساحة صراع بين أبنائها منقسمي الولاءات بين السلطة والمعارضة.
وتحوَّلت عدد من مراكز الاقتراع للانتخابات البرلمانية في الجزائر, اليوم الخميس, إلى حلبة صراع بسبب المشادات العنيفة التي اندلعت بين ممثلي الأحزاب السياسية. واندلعت مشادات عنيفة, قبيل ساعة من الزمن, داخل مكتب انتخابي بين ممثلي عدد من الأحزاب السياسية الجزائرية في منطقة الرباح بمحافظة الوادي جنوب الجزائر, وأسفرت هذه المشادات, عن إصابة عدد من الأشخاص، وتهشيم صندوق انتخابي، واضطر المشرفون على تسيير المركز الانتخابي إلى الاستنجاد بمصالح الأمن الجزائر, لتهدئة الأوضاع.
وفي مركز انتخابي ثان، تعرّض مراقب ينتمي الى حركة "مجتمع السلم" لاعتداء عنيف من قبل ممثل عن حزب منافس موال للسلطة، ما أدى إلى إصابته بكسر في الأنف وتمزق بالقرنية. وتفجَّر صراع كبير, ومشادات عنيفة بالأيدي بين مناضلي حزب التجمع الوطني الديمقراطي, ثاني قوة سياسية في البلاد والحركة الشعبية الجزائرية, التي يقودها وزير التجارة السابق عمارة بن يونس, بمركز الاقتراع في مدرسة البنات في شلالة العذاورة بمحافظة المدية, وأسفرت هذه المشادات عن تعرض ثلاثة أشخاص لجروح متفاوتة الخطورة تم نقلهم إلى المستشفى, واستدعى هذا الأمر تدخل فرقة لمصالح الأمن الجزائري لفك المشادات.
وكانت الحكومة نظمت حملة واسعة للدعوة إلى التصويت، وطلبت من الأئمة في المساجد حض المصلين على المشاركة الكثيفة. وتدخل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عبر رسالة للجزائريين تلتها باسمه وزيرة الاتصالات السبت، ووجه فيها نداء إلى الجزائريين للمشاركة في الانتخابات لأنها برأيه "تسهم في استقرار البلاد". وكذلك فعل رئيس الوزراء عبد المالك سلال من خلال جولاته في أرجاء البلاد، وبلغ به الأمر حد دعوة النساء لضرب أزواجهن في حال لم ينهضوا صباح الخميس للتصويت. وقال في تجمع مع النساء في سطيف، شرق الجزائر، "إذا لم تكن المرأة صالحة، فزوجها مجموعة أصفار. لذلك أطلب من كل امرأة ألا تقدم القهوة لزوجها حتى يشارك في الانتخاب. وإذا رفض، تضربه بالعصا وتجره إلى مكتب الاقتراع".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر