هراري - سامي زغيب
استقال رئيس زمبابوي روبرت موغابي، الثلاثاء، من منصبه، ليُنهي بذلك 37 عامًا من وجوده في السلطة، التي بدأها كبطلٍ في صراعٍ ضد حكم الأقلية البيض وانتهت به متهمًا بالاستبداد وإسقاط البلاد في كارثةٍ اقتصادية، فيما اجتاحت الاحتفالات شوارع العاصمة هراري، عقب الإعلان عن تنحي الرئيس في جلسةٍ مشتركة لمجلسي البرلمان الذي اجتمع للبدء في إجراءات عزل مساء الثلاثاء.
وقال موغابي في خطابٍ ألقه جاكوب مودندا، رئيس البرلمان في زيمبابوي: "جاء قراري بالتنحي طواعية ومن جانبي ونابعًا من خوفي على سلامة شعب زيمبابوي وكرغبةٍ مني بالانتقال السلس والهادئ للسلطة".
ورحب الغرب بهذه الخطوة بحذرٍ؛ إذ دعت كلٌ من أميركا والمملكة المتحدة إلى انتقالٍ سلميٍ للسلطة نحو الديمقراطية، فيما ألمح وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الاثنين إلى أنَّ زيمبابوي قد تنضم مجددًا إلى دول الكومنولث، والتي كانت عضويتها معلقة منذ عام 2002 بشأن نزاعٍ على التصويت، وذلك في حالا حدوث انتخابات حرة ونزيهة. وقال جونسون إنَّ موغابي لطالما كان "مستبد أغرق البلاد في الفقر".
ولم يُشِير خطاب استقالة موغابي إلى خليفة له في حكم البلاد. بيد أنَّه من المتوقع إلى حدٍ كبير أن يخلفه إمرسون منانغاجوا، رئيس الأمن السابق، الذي هرب إلى جنوب إفريقيا بعد أن أقاله الرئيس من منصب النائب السابق في 6 نوفمبر/تشرين الأول 2017.
ونصب حزب اتحاد زيمبابوي الوطني الإفريقي الجبهة الوطنية "زانو-بي.إف"، منانغاجوا زعيمًا للحزب بعد الإطاحة بموغابي من المنصب ذاته يوم السبت الماضي. وقد يؤدي القسم كرئيس للبلاد يوم الخميس القادم، حسبما قال رئيس الكتلة النيابية في الحزب، بينما جاءت استقالة الرئيس موغابي بعد أسبوعٍ من وضع الجيش الزيمبابوي الرئيس البالغ من العمر 93 عامًا، قيد الإقامة الجبرية خلال انقلابٍ ناعم مدفوعًا بصراعٍ على السلطة داخل الحزب الحاكم بما في ذلك السيدة الأولي، جريس وغابي. وفي محاولةٍ للحفاظ على غطاء الشرعية وتجنب فرض العقوبات على البلاد، حاول الجيش وحلفائه في الحزب الحاكم إقناع موغابي بالتنحي طواعيةً من خلال التهديد بعزله وتحريك مظاهرات عامة حاشدة في العاصمة لإثبات أنَّه خَسِرَ التأييد الشعبي.
وحذَّر القائد العام للقوات المسلحة الزيمبابوية، والذي قام بالانقلاب، من أي محاولات انتقام في أعقاب استقالة موغابي. وقال الجنرال كونستانتينو تشوينغا: "سيتم التعامل مع أي أعمال انتقام حاقدة أو محاول القيام بأي أعمال تخريب بحزمٍ".
وكان موغابى قد رفض في البداية الاستقالة وفاجأ زيمبابوى ليلة الأحد عندما أذاع خطابًا متلفزًا كان من المتوقع على نطاق واسع أن يكون خطاب الاستقالة، إعادته تأكيد سلطته وإعلان أنَّه يعتزم رئاسة مؤتمر حزب زانو بى فى ديسمبر/كانون الأول كالمعتاد، فيما واجه مزيدًا من الإهانات يوم الثلاثاء بعد تغيب جميع الوزراء تقريبا عن اجتماع مجلس الوزراء الروتيني الذي دعا له في مقر الرئاسة بمكتبه الرسمي في هراري.
وفى وقت لاحق في فترة ما بعد ظهر الثلاثاء، تجمع المشرعون من مجلسي البرلمان في مركز للمؤتمرات لمناقشة اقتراح يدعو إلى عزله من السلطة بسبب نقاط القصور بما في ذلك النوم في الاجتماعات والسماح للسيدة جريس "باغتصاب" السلطات الرئاسية، وقد تم التخلي عن الاقتراح الذي قدمه حزب زانو الجبهة الوطنية والمعارضة من قبل "حركة التغيير الديمقراطي" وهو حزب المعارضة الرئيسي بعد أن وصلت رسالة استقالة موغابى إلى البرلمان
ودعا منانغاجوا موغابي إلى أن يلتفت إلى رغبة الجمهور الزمبابوي في التغيير في بيان صباح يوم الثلاثاء، وقال في بيانه "إن شعب زيمبابوى تحدث بصوتٍ واحد، وإنني أناشد الرئيس موغابى انه يجب أن يلتفت إلى هذه الدعوة الواضحة ويستقيل على الفور حتى يمكن للبلاد التحرُّك قُدمًا والحفاظ على تراثه".
ولم يتضح بعد ما سيقوم به موغابي أو زوجته غريس بعد ذلك، بينما قيل إنه كان يحاول التفاوض على حماية نفسه وأسرته في الأيام التي انقضت منذ الانقلاب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر