الرباط - المغرب اليوم
قال نائب القائد الأعلى لقوات الناتو سابقاً ريتشارد شيريف، إنه على الغرب إعمار المغرب بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في الـ8 من شتنبر الحالي، فحسب رأيه فإن “تعهد إعادة الإعمار، بعد الزلزال الذي مات فيه حوالي 3.000 شخص، طموح وضروري، فأمن الغرب يعتمد على إعادة إعمار ما دمره الزلزال”، مُشيراً إلى أن “المملكة التي يبلغ تعداد سكانها 37 مليون نسمة، ظلت المقياس الرئيس للتنمية في القارة، وهو نفسه واحة استقرار”.
وفي مقال بصحيفة Financial Times البريطانية، رأى شيريف أن الحرب في أوكرانيا علّمت الغرب الكثير عن القوة غير المستثمرة في الشراكات الإستراتيجية، والتدخل في الأزمة من أجل الحفاظ على الأمن الإقليمي، وقال “علينا تقبّل الدروس التي تم تعلمها والتعامل مع الأوروبيين والأمن الدولي كصِنوين. فالغرب بحاجة لأصدقاء في أفريقيا، كحاجة الأفارقة لأوروبا”، مشيراً إلى أنه لا يمكن التنبؤ بهذه الكوارث التي تحدث على قاعدة واسعة، “إلاّ أن الطريقة الوحيدة التي يمكن عملها هي تخفيف تقدمها. فالحرب في أوكرانيا كشفت لأوروبا أننا لا نستطيع التواطؤ بشأن التهديدات التي تواجه أمن قارتنا، وكانت واضحة في مخاطر التردد بالإنفاق العسكري، والثقة الزائدة بأن ميزان القوة لا يمكن حرفه أبداً بالقوة”.
ووصف نائب القائد الأعلى لقوات الناتو، المغرب بـ”حليف في موقع استثنائي”، وقال “حتى قبل الكارثة الرهيبة كان يجب علينا أن نكون أقرب، فكحلفاء في الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، فقد أوقف المغاربة أكثر من 300 محاولة إرهابية منذ هجمات 9/11، وفي مجال الهجرة، قاموا، وخلال الخمسة أعوام الماضية، باعتقال والكشف عن آلاف شبكات الإتجار بالبشر. ومنعوا أكثر من 300.000 مهاجر غير شرعي كانوا في طريقهم إلى القارة الأوروبية، وتم دمج حوالي 45.000 مهاجر في المجتمع المغربي ومعظمهم من منطقة الساحل. وفوق كل هذا، فالمغرب مواجه للغرب وبلد متوسطي يحترم أهمية الإصلاحات المدنية والتنمية الاقتصادية، ولديه سجل في الترويج لكليهما في القارة”.
وأضاف “كما توسطَ الملك محمد السادس في النزاعات بمنطقة الساحل، وتفاوضَ بشأن مئات من اتفاقيات التعاون. ونشر أكثر من 70.000 جندي مغربي ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ويعتبر المغرب ثاني أكبر مستثمر بالتنمية الاقتصادية بالقارة، وضامناً حيوياً لأمنها الغذائي”، مشيراً إلى أن “العمل بشكل قريب مع المغرب سيعطي الغرب فرصة للتعلم، وكثيراً عن تعقيدات المنطقة، كخطة المغرب للحكم الذاتي بالصحراء، والتي تدعمها الولايات المتحدة وبقية الحلفاء الدوليين، وكحل للنزاعات الطويلة، ويحتاج هذا لنظرة وعناية من الغرب كجزء من إستراتيجية معتبرة، وفوق كل هذا، يحتاج الغرب لأن يظهر فهمه أن مستقبل المنطقة هو مسؤولية أهلها الذين يعيشون فيها”.
ورأى أن فشل السياسة الأوروبية بمنطقة الساحل متجذر بهذه الفكرة وعدم الاعتراف بأهميتها، “وهو ما جلب الغرب إلى مفصل حيوي، أي الحاجة للعمل السريع والحاسم من أجل خفض التوتر، وأي تحرك بدون دعم وقيادة من الحلفاء الإقليميين مآله الفشل”، مؤكدا وجوب “أن يكون هدف المستقبل هو تجنب سيناريو الحرب في أوكرانيا من خلال تشكيل شراكات يمكن أن تتوقع وتمنع النزاع، بدلاً من دفعها بعيداً عن عتبة أوروبا، وفق شيريف، ووجوب استخدام الاستخبارات التكهنية لتحديد الأماكن التي تعاني من عدم الاستقرار وقد تقع أسيرة الفوضى، وتسليح الحلفاء لكي يكونوا قادرين على احتوائها، ويعني هذا في عالم اليوم النظر إلى الجنوب والشرق أيضاً، وأبعد من المغرب إلى منطقة الساحل والصحراء، المنطقة الأكثر تقلباً والتهاباً في العالم.
وأضاف شيريف أنه “بدون إستراتيجية نشطة وطويلة الأمد تتعامل مع الحلفاء الإقليميين، مثل المغرب، بجدية، كتلك التي تَعامَلَ الغربُ فيها مع أوكرانيا، فإن الوضع مهدد بالتدهور، ومنذ العقد الأخير من القرن الماضي، شهدت دول عدة في القارة من غينيا وتشاد سلسلة من الانقلابات، في وقت ركزت فيه الحكومات الغربية مستقبلها على السلام الدائم. وشكلت الظروف هذه أداة جيدة لنمو تحالفات بين الجريمة المنظمة وجماعات إرهابية فروع عن الجماعات الكبرى، إلى جانب المهربين بالسلع والبشر والمنظمات المتمردة التي تحاول تحطيم سيادة الدول”.
ولعبت هذه الظروف دوراً في دفع الهجرة، وهناك حوالي 4.2 مليون نازح في منطقة الساحل، حيث يحاول الكثيرون منهم السير في رحلة قاسية شمالاً، وعبر البحر المتوسط، وحسب ريتشارد شيريف، فإن انتشار شبكات الجريمة يحول دون أي تنمية كفيلة بتحسين ظروف الحياة بالمنطقة، كتلك التي تعني مواجهة التغيرات المناخية والتعليم والتجارة وإصلاح المؤسسات السياسية وتقوية مساهمة المرأة والأقليات الدينية والعرقية، وفق شيريف.
وأكد أن هذه “العوامل تُسهم بتحديد استقرار المنطقة، وكما علمتنا التجربة، لا يمكن فرضها من الخارج، وبالتأكيد من الحكومات الغربية، ومن هنا فمواصلة الدعم واستمرار التواصل الدبلوماسي مهم، ولكنها بدون وزن إن لم يكن هناك شركاء لديهم مصلحة، صوت أو موقع إستراتيجي بالمنطقة، وتترك بالضرورة تغيراً دائماً وحقيقياً”.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر