طرابلس ـ فاطمة السعداوي
تجدَّدت المواجهات المتقطعة بين ميليشيات العاصمة طرابلس، وذلك بعدما أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال أحد قادة القوة المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني، ويدعى خيري الككلي، المكنى بـ"حنكورة" في قلب المدينة، فيما قطع مسلحون آخرون خط إمداد المدينة بمياه الشرب.
وجاءت هذه التطورات فيما اعتبرت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن "الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا يجب أن تُجرى في أقرب وقت ممكن، ولكن في الإطار السياسي والأمني المناسب". وقالت موغيريني في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس وزراء الشؤون الخارجية في لوكسمبورغ، إن "الرسالة التي تأتي من هذا الاجتماع بشأن ليبيا هي رسالة وحدة وتصميم على العمل بشكل أكبر لدعم الحل الذي تتوصل إليه الأطراف الليبية للوضع في البلاد، تحت رعاية الأمم المتحدة".
وتم أمس الثلاثاء بشكل مفاجئ إخلاء مقر وزارة الخارجية الليبية، المجاور لمقر "كتيبة ثوار طرابلس" في منطقة زاوية الدهماني في طرابلس، أرجعه مصدر لأسباب أمنية، بينما تحدث سكان محليون وشهود عيان لـ"الشرق الأوسط" عن انتشار مكثف ومفاجئ لمسلحين في المنطقة.
وعلى الرغم من سقوط 3 قذائف صاروخية في محيط مطار معيتيقة الدولي في طرابلس، لم تتوقف الرحلات الجوية في المطار المدني الوحيد العامل في المدينة، بينما نفى "حراك شباب طرابلس" مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ على المطار. وقالت مصادر أمنية وشهود عيان إن مسلحين أقدموا في ساعة مبكرة من صباح أمس على اغتيال "حنكورة"، أحد أبرز قادة ما يعرف بكتيبة ثوار طرابلس، الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، أمام فندق يقع وسط طرابلس، ويعتبر مقراً للمجلس الأعلى للدولة. وحسب مراقبين للوضع الأمني في البلاد، فإن هذه التطورات تعني انهيار الهدنة التي رعتها بعثة الأمم المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار في العاصمة.
وأكد غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، اللذان عادا إلى طرابلس عقب زيارة دامت يومين للقاهرة، في اجتماع هو الأول لهما مع وزير الداخلية الجديد فتحي باش أغا، بمناسبة توليه مهام الوزارة أخيراً، "حرص البعثة على ضرورة إرساء دعائم الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا كافة"، معرباً عن استعداد البعثة لتقديم المزيد من الدعم بمختلف أشكاله، بما يضمن الأمن والاستقرار داخل البلاد، وتخطي هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها.
وأقدم مسلحون على قطع مياه الشرب عن العاصمة طرابلس، حيث أعلنت بلدية طرابلس المركز أن مياه النهر الصناعي انقطعت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، نتيجة قيام مجموعة مسلحة في منطقة ترهونة بإرغام مشغلي حجرة التحكم بمقر النهر الصناعي على إيقاف ضخ المياه المتجه لطرابلس الكبرى، وذلك احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي المغذي لمصنعي الإسمنت بسوق الخميس، ومصنع النبع بقصر بن غشير.
إلى ذلك، دعا أعضاء مجلس النواب، المنعقد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، إلى استجواب المسؤولين عن تردي الوضع الأمني في الجنوب، إذ قال الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق، عقب جلسة عقدها البرلمان لمناقشة الأوضاع في الجنوب الليبي، خصوصاً الوضع الأمني المنفلت، إنه تم الاتفاق على أن تتواصل هيئة رئاسة البرلمان، وتستدعي الجهات ذات العلاقة لتوفير الأمن والاستقرار في الجنوب الليبي.
وكان المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، قد أمر المدعى العام العسكري بالشروع في اتخاذ ما وصفه بإجراءات فورية وعاجلة لاستئناف التحقيقات في قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، الرئيس السابق لأركان الجيش الليبي، ورفيقيه، عام 2011.
وطالب حفتر، أول من أمس، المدعي العسكري بالتواصل مع كل الجهات الوطنية والدولية للمطالبة بتسليم المتهمين في هذه القضية حتى يتمكن القضاء الليبي من محاكمتهم، معتبراً أن القصاص العادل من الجناة يكفل رد الاعتبار لكل أبناء المؤسسة العسكرية من القوات المسلحة الليبية، وصولاً إلى كشف الحقيقة التي غابت طيلة السنوات السبع الماضية.
وعلى الرغم من الجدل الذي أثاره تعيين فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لعلي العيساوي، أحد أبرز المتهمين في قضية اغتيال اللواء يونس، في منصب وزير الاقتصاد والصناعة الجديد بالحكومة، فقد التقى السراج أمس بالعيساوي للمرة الأولى منذ الإعلان عن انضمامه للحكومة، وذلك في تعديل شمل 3 حقائب وزارية الأسبوع الماضي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر