شاتيل سينسوار - د ب أ
تتنوع عوامل الجذب السياحي في فرنسا، حيث يمكن للسياح الاستمتاع بمنطقة أمازون صغيرة على بعد ساعتين فقط من العاصمة باريس من خلال الانطلاق برحلة نهرية بالقوارب في قناة نفرنيه، التي تعتبر واحدة من أجمل المناطق الطبيعية في فرنسا، والتي تحيط بها النباتات والأشجار العالية بارتفاع يصل إلى 18 متراً.
وتمتاز قناة نفرنيه بمناظر طبيعية تأسر الألباب؛ حيث تمتد الجدران الصخرية شديدة الانحدار على الجانب الأيمن والأيسر ويصل ارتفاعها في بعض المناطق إلى 60 متراً، وتنمو الطحالب على هذه التكوينات الصخرية، وتعيش بها بعض الزواحف، كما أنها تمثل بيئة مثالية للنباتات المتسلقة.
وتشكل الأشجار العالية مظلة خضراء، والتي تتسرب من خلالها أشعة الشمس لتنتشر على الأرض، ولذلك تعرف قناة نفرنيه باسم منطقة الأمازون الصغير، حتى أن المشهد لا يخلو من وجود البعوض، ولكنه لا يلدغ السياح.
وتمتد قناة نفرنيه لمسافة 174 كيلومتراً خلال منطقة بورجوني وتربط بين وادي لوار ووادي السين، وتبدأ هذه القناة من منطقة ديسزا في الجنوب وتنتهي عند أوكسير في الشمال. ولا توجد أية طرق ممهدة على جانبي القناة، بل توجد مسارات ومدقات للسير، ويخيم الهدوء والصمت على المكان بمجرد إيقاف محركات القوارب النهرية.
رومانسية حالمة
وتعتبر قناة نفرنيه من أجمل الممرات المائية ذات المناظر الطبيعية الخلابة في فرنسا، ويعتبرها كثيرون من الأماكن الرومانسية الحالمة، حيث تتشكل اللوحة البديعة من مجرى مائي ومناظر طبيعية خلابة ويغلفها الصمت والهدوء.
وفي الصباح الباكر تنخفض درجات الحرارة في الخارج إلى ست درجات مئوية، ويرتفع الضباب فوق سطح الماء ببطء، وتنبئ قطاعات السحاب المنتشرة في السماء باستمتاع السياح بيوم مشمس، وبدأت تدب الحياة على سطح القارب النهري في حدود الساعة السابعة والنصف صباحاً، وبدأت رائحة القهوة الطازجة تنبعث من مطبخ القارب.
وخلال هذه الرحلة النهرية تمر القوارب بسرعة 6 كلم/ساعة أمام المنازل المشيدة بالأحجار الطبيعية والحدائق والبساتين الممتدة على مساحات شاسعة. وتعتبر قناة نفرنيه أحد عناصر لوحة فنية بديعة تضم العديد من المكونات الأخرى مثل منظر غروب الشمس الذي يغمر الجسر بأضواء ذهبية لامعة، ومن خلف الشمس تظهر الغيوم التي تنعكس صورتها على سطح مياه القناة. وتنتشر في الهواء رائحة الأرض الرطبة، التي يمرح عليها أنواع عديدة من الطيور مثل البجع وطائر البلشون الأبيض الذي يعرف باسم مالك الحزين.
كهوف ما قبل التاريخ
وتعتلى منطقة ميلي لو شاتو أعلى قمة صخرية فوق القناة، وتوجد عند منحنى يبلغ 180 درجة. ووصلت الرحلة النهرية في اليوم التالي إلى منطقة أكولاي، حيث توجه السياح بواسطة سيارات الأجرة إلى كهوف أركي سور كور، التي كانت مأوى الإنسان في هذه المنطقة في عصور ما قبل التاريخ. وعلى الرغم من أنها لا تتمتع بشهرة واسعة، إلا أنها في غاية الإثارة، حيث تشتمل الجداريات على بصمات أيادي الأطفال ورسومات للدببة وحيوان الماموث. وأوضحت المرشدة السياحية المرافقة للمجموعة السياحة أن أقدم هذه الصور قد ترجع إلى 28 ألف سنة.
وبعد هذه الجولة السياحية إلى عالم ما قبل التاريخ والتعرف على الممرات المتشعبة تحت الأرض وما بها من تشكيلات الهوابط الصخرية ذات الأشكال السريالية عادت المجموعة السياحية إلى القوارب النهرية مرة أخرى للاستمتاع بتناول القهوة في ظل أجواء دافئة بالقارب، بينما كانت درجة الحرارة الخارجية في حدود 15 درجة مئوية.
وتطلب الأمر في الجولة السياحية التالية بذل مجهود من خلال الانطلاق بجولة بالدراجات الهوائية بدءاً من منطقة فينسيلز إلى قرية إرانسي التي تشتهر بمزارع العنب والتي تقع على مسافة 15 كيلومتراً. وخلال هذه الجولة عانى السياح من الطرق الصاعدة بعض الشيء مع وجود رياح عكسية أثناء السير.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر