المـُـهَـرِّج
آخر تحديث GMT 00:28:09
المغرب اليوم -
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

المـُـهَـرِّج

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المـُـهَـرِّج

بقلم: يوسف ناصف

هَبَطَ من على خشبةِ المسرحِ، وسَبَقَتْهُ رُوحُه للقبر ! ليس ضروريًّا أن يُدفَنَ جسدُكَ لتصبح ميتًا . خرجَ من الأبواب الخلفيَّة، ناظرًا لِقَدَمَيه، مُتعجِّباً كيف تحملانه إلى الآن ! كُلَّما رفع رأسه استقيظت الأفكارُ المزعجةُ، وسيطر عليه شبحُ الإخفاق . ظنَّ أنه ممثِّل جيِّد، يمتلك جميع الأدوات والمهارات اللازمة لذلك، لم يعرف أنَّ هذا اليوم هو يوم سعده وشقائه : يوم سعده لوقوفه للمرَّة الأولى -ممثلاً- أمام جمهور مُتحمِّس للتَّصفيق، حتَّى للسَّخافات ! لم يعلم أنه يومًا سوف يخلد فى خلايا مخِّه المُخصَّص للذِّكريات المؤلمة . صَعدَ مُجبَرًا، فوقف وقَفَاهُ للجمهور وأخذ يرقص ويقفز ويُهلِّلُ : أنا المُهَرِّجُ اضحكوا ... يعلم أنه فيلم من أربعينيات القرن الماضي يُعادُ تمثيلُه على مسرح مُلَوَّن ! فكان يوم شقائه أيضًا . الفُرصةُ مُهَيَّئةٌ الآن لإفراز بعض مِن C9H13NO3 (هرمون تفرزه غُدَّة الكظر، التي تقع فوق الكُلية مُباشرةً) إنه الأدرينالين ، يجري في عروقي الآن ، يسبح في دمي بكلِّ حُريَّة ؛ ليقوم بعمله ! ضوضاءُ الشَّارعِ وتداخُلُ الأصواتِ لم يُقنِعاه بفعل شيءٍ ما، اعتاد عليه عندَ الغضب والنَّوم . وقفَ في وسط الطَّريق يحاولُ تذكُّر حُكم الاستمناء عندَ المذاهب الأربعة، وهل استمناء العقل يجوز أم هناك خلاف ؟ وهل الاستمناءُ اليدويُّ للعقل ينقُضُ الوضوءَ ويُوجِبُ الاغتسال ؟! داخلَ عربة المترو : المشهد مُكَرَّر ... زِحامٌ شديدٌ ، البشر عاشق ومعشوق ! يتشاركون كلَّ شيءٍ ويتقاسمونه : الهواء، التُّراب، العرق ... يجري بينهم، ويسقطُ من أعلى إلى أسفل، يتبخَّرُ على الوجوه، ويتكثَّف عند سمائهم فتسقطُ أمطارُ الطِّيبة، فتبتهج وتتفاءَلُ ... _ آلو .... قالتها من تحت نقابها بصوت خافت جدًّا . _............ _ والله بحبك ، وما أقدر أعيش من غيرك . _................ _ بجدّ خلاص مش زعلان ؟ _............. _ بحبك بحبك . ابتَسَمَتْ ، نعم ابتَسَمَتْ ، لم يكن يحتاجُ لمشاهدة فمها ليعلمَ ؛ فقد اتسعت حدقتا العين بقدرٍ كافٍ لفضحها ! كما سقطت بعضُ قطراتِ النَّدى فبلَّلَتْ خمارها . وَضَعَ يَدَه في جيب بزَّته وأخرج مُذَكِّرةً صغيرةً، وكَتَبَ : _ كوي البدلة والقميص . _ كتابة مُذَكِّرة الأستاذة ليلى . _ صاحب البيت . _ يَكْش تولع بقى . _ الاتصال برنا، وماتنساش تقول لها بحبك وحشتينِي؛ علشان زعلت المرَّة اللي فاتت. _ هُوَّ انت بتبُصَّ عليَّ ليه يا أستاذ ياللي جنبي ؟ شَعَرَ ببعض الحرج وابتسم ابتسامةً خفيفةً، وقال في هدوء : _ أنت في مترو الأنفاق، إذًا أنت مُرَاقَب . وَضَعَ مُفَكِّرتـَه في مكانها، وتهيَّأ لِلنُّزول . الأوضاع مقلوبة الآن . لِمَ يتذكَّر كلَّ ما يحدثُ على خشبة المسرح كُلَّما نظر إلى أسماء المحطَّات المكتوبة أعلى باب القطار ؟ مَحَطَّة ، ثُمَّ مَحَطَّة ، ثُمَّ مَحَطَّة ... مَحَطَّات جمع مؤنث سالم على وزن (مَفْعَلَة) (مَفَعْلَات) مَحَطَّة ... مَحَطَّات ! يعلم أنَّ أغلب مَن حوله في العَرَبة لا يعرفون الكثير عن أمورٍ يُجيدُها منذُ نُعُومة أظافره. المُمَثِّلون أكثر من البشر ! تذكَّر حركة قميصه المُعلَّق فوق مقبض شُبَّاكه، فَزِعَ وظَنَّ أنه شبحٌ يحاولُ أن يُمازِحَه، ونَسِيَ أنَّ الهواء والقميص قد يتقمَّصان دورَ شبحٍ مُخيفٍ ... المُمَثِّلون أكثر من البشر ! هبطَ صاحبُ البزَّة من العربة يتمتم بانفعال : أغبياء . صعدت مكانه امرأة أربعينية، تجرُّ وراءَها طفلاً سمينًا تُدَحرِجُه وراءَها بشكلٍ عجيب ! _ماما ... اعملي لى بيتزا لَمَّا نروَّح . _ اِنت مش لِسَّه واكِلها امبارح عند خالتك ؟ نظر لها غاضبًا، وانفتحت نافورة بكاء من عينيه ! _ أنا عايز بيتزا . _ حاضر يا حبيبِى هاتصل بخالتك، وأعرف الطَّريقة وأعملها لك . نظر لها مُتَحَمِّسًا، وانحنَى نحوَها : _ 4 أكواب دقيق، 1 ملعقة ملح، 1 ملعقة سُكَّر، ربع كوب زيت، وكوب ماء ونص، حلقات البصل والفلفل الرُّومي، وجبن مودزريللا ، وسجق مُقَطَّع حلقات . ابدَئي بعمل العجين : بخلط المقادير الجافَّة جيدًا، ثُمَّ أضيفي الزَّيت واخلطيه جيدًا حتَّى يصبح الخليط مُشابهًا لِفُتات الخبز، أضيفي الماء تدريجيًّا ؛ حتَّى تحصُلي على عجين مُتَمَاسِكٍ ، غَطِّيه واتركيه جانبًا حتَّى تخمتر لمدة ساعة . سخِّني الفُرن، افردي العجين بشكل رفيع، أضيفي له الصَّلصة، رُشِّيه بنصف كِمِّـيَّة الجُبن، ثُمَّ البصل، ونوِّعي الفلفل والسُّجق المطبوخ. اخبزيه مِن 15 إلى 20 دقيقة ؛ حتَّى ينضُج ، أطفئي نار الفُرن ثُمَّ انثري كِمِّـيَّةً من الجُبن، وأدخليها الفُرن من غير أن تُشعِلي النَّار، واتركيها لتذوب، وقدِّميها ساخنةً ! لم تنزعج مِمَّا قاله هذا الفُضُوليُّ، بل أخرجت من حقيبة ابنها المدرسيَّة قلم رصاص وقَطَعَتْ ورقةً من كرَّاسته، وأعطهما له . أخذهم منها، وكتبَ الطَّريقة وذيَّلَها بتوقيعه ... المُهَرِّج لِصُنعِ بيتزا إيطاليَّة جيِّدة لابُدَّ أن تصنعها بنفسك ... يتذكَّر هذه الجُملة جيِّدًا يعشقُ صناعة السَّعادة ؛ فهي هوايته المُفَضَّلَة ... طالما حلمَ بصناعةِ جزءِ منها فوق خشبة المسرح ! بدأت الأمور تستقر، ويتباطأ خفقانُ قلبه، وبدأ يشعرُ أنَّ جسمه أصبح أخفَّ من الهواء، نظر عبر زُجاج الباب، توقَّف قطار على الرَّصيف الآخر . رآها تبتسمُ وتحرِّك يديها بحركات للشَّخص فى المقعد المقابل لها، تقول له بالإشارة : _ أنا أسعدُ مخلوقة على وجه الأرض، ونفسي آخدك في حضني أوي . _ .......... _ اليوم ده الوحيد اللي اِتمنِّيت إني أتكِّلم وأصرخ فيه، نفسي أقول : بحبك، بحبك، وكلّ النَّاس دي تسمع وتفهم أنا بقول إيه . _.............. لوَّح بيده من القِطار الآخر ؛ ليلفتَ نظرها إليه ، شاهدته . قال لها بالإشارة : _ أنا أسمع وأتكلَّم، وأنا شاهد على حبك .... _ اِنت مين ؟ _ أنا المُهَرِّج تحرَّك القطارُ، وغابت صاحبةُ الابتسامة . تُشبِهُ العذراءَ المرسومة في الكنيسة المجاورة لمنزله . الاثنان لا يتحدَّثان، فقط يتألَّمنَ ويبتَسِمنَ في رضا . بدأت الدُّنيا تهتزُّ من تحت قدميه، يشعرُ أنه خفيف ! يسقطُ في هدوءٍ، تحمِلُه الأجساد، لا يستطيعُ السُّقوط بِحُرِّيـَّة . يُرفَعُ سِتارُ المسرح، فيعمُّ الصَّمتُ المكانَ، تُضاءُ الأنوارُ، ويخرجُ للجُمهور، يقول بأدب : "أنا مُمَثِّلٌ جيِّد، لا أحبُّ التَّصفيقَ، أحبُّ الحياةَ، وأصنعُ السَّعادة، وأعرف الكثير من أمور الحياة" . كان هذا حُلمَه الذي شاهده قبل أن تتبرَّع إحداهُنَّ وتـُغرِقَ وجهَه بالعِطر، ليفيقَ مِن إغمائه !

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المـُـهَـرِّج المـُـهَـرِّج



GMT 13:16 2023 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

القلب الممتلىء بالوجع

GMT 08:05 2023 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لم يعد مهمّاً بعد اليوم أن يحبّنا أحد

GMT 11:49 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فلسطين والقدس الأبية

GMT 06:45 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 06:41 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 11:34 2023 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

السقيفة الملعونة

GMT 10:22 2023 السبت ,26 آب / أغسطس

أنت الوحيد

GMT 13:49 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
المغرب اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 06:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة " X3" الأنجح في سلسلة منتجات "بي ام دبليو"

GMT 06:01 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"أولتراس الوداد" يطالب بدعم المدرب الجديد دوسابر

GMT 13:55 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

لاعب الجيش الملكي محمد كمال يعود بعد تعافيه من الإصابة

GMT 13:14 2018 الجمعة ,04 أيار / مايو

الكلاسيكية والعصرية تحت سقف قصر آدم ليفين

GMT 20:27 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

اتحاد السلة يقصي الحسيمة والكوكب من كأس العرش
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib