يشارك المخرج الإيراني جعفر بناهي، في مهرجان برلين السينمائي، على الرغم من التهديدات المحيطة بحياته إثر منعه من السفر خارج بلاده ومن التصوير فيها لمدة 20 عامًا، مواصلًا أعماله الإبداعية خلسة "للبقاء على قيد الحياة".
وصرَّح بناهي ، الجمعة، على هامش عرض فيلمه "تاكسي" في الدورة الخامسة والستين من مهرجان برلين، بأنَّ "السينما طريقتي في التعبير وسبب وجودي، لا يمكن أن يمنعني أي شيء عن صنع الأفلام".
وتتربع أعمال المخرج الإيراني على قوائم جوائز كبرى المهرجانات الدولية؛ غير أنَّ أفلامه التي تنطوي على سخرية اجتماعية لاذعة ممنوعة في بلده إيران، التي تعتبره سلطاته ذات آثار تخريبية، لاسيما فيلمه "تاكسي" الذي يعرض مشاهد في طهران اليوم صورت من وراء زجاج سيارة أجرة.
وجعفر بناهي ملاحق وتحت الرقابة القضائية منذ أعوام، لمحاولته مواكبة الاحتجاجات الضخمة التي انطلقت في بلاده اعتراضًا على إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في حزيران/ يونيو من العام 2009، وأراد بناهي أن يوثق هذه المرحلة التي لم يسبق لها مثيل في بلده منذ الثورة الإسلامية عام 1979 بفيلم وثائقي؛ لكن ذلك كلفه التوقيف في آذار/ مارس 2010.
وفي تشرين الأول من العام 2011، حُكم عليه بالسجن عشرين عامًا، ومنع من التصوير أو كتابة الأفلام أو السفر لاتهامه بإثارة "دعاية ضد النظام"، ودخل السجن شهرين، ثم أخلي سبيله بكفالة على أن يحق للسلطات توقيفه متى شاءت.
ويعد بناهي البالغ من العمر 54 عامًا أحد رواد "الموجة الجديدة" في السينما الإيرانية، إلى جانب عباس كياروستامي، وفاز فيلمه الطويل الأول "الكرة البيضاء" بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان "كان" عام 1995، وفاز أيضًا بجائزة لجنة التحكيم في فئة "نظرة ما" عن فيلمه "دم وذهب" في 2003.
وحاز جائزة الفهد الذهبي في العام 1997 عن فيلم "المرآة" وجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 2000 عن فيلم "الدائرة"، والدب الفضي في مهرجان برلين 2006 عن فيلم "تسلل".
ونشأ بناهي في الأحياء الفقيرة من طهران، وهو يركز في أعماله على غياب العدالة الاجتماعية وعلى ظروف المرأة في إيران، فيثير بها اهتمام الخارج وسخط السلطات في الداخل التي يتهمها بتشديد الرقابة على السينما منذ وصول أحمدي نجاد إلى السلطة في 2005.
وبعد صدور الحكم القضائي في حقه، أكد بناهي "أنا لا أخرج أفلامًا سياسية، بل أفلامًا تتحدث عن واقع اجتماعي"، وأوضح أثناء محاكمته "إنَّ محاكمتنا هي محاكمة للسينما الملتزمة والإنسانية والاجتماعية في إيران".
وتساءل في العام 2010 في مقابلة أجرتها معه وكالة "فرانس برس"، بينما كان تحت الإقامة الجبرية "لماذا يعد صنع الأفلام جريمة؟"، مضيفا "حين يمنع المخرج عن صناعة الأفلام فيكون أشبه بالسجين"، لكن بناهي يرفض مغادرة بلده، ويقول "علي أن أشهد على ما يجري".
وفي العام 2012، منح الاتحاد الأوروبي جعفر بناهي جائزة "ساخاروف" لحرية الفكر، ومنحت الجائزة أيضًا لمواطنته المحامية نسرين ساتوده التي تعرضت هي الأخرى لملاحقة السلطات.
وأثار الحكم القضائي على بناهي تنديدًا على مستوى العالم، ومنذ ذلك الحين تفرد له مهرجانات عالمية كرسيًا خاليًا للإشارة إلى التضامن معه.
ومع أنَّ الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني الذي وصل الرئاسة في انتخابات 2013، يرفع شعار تخفيف الرقابة على الأعمال الفنية، إلا أنَّ شيئا لم يتغير في هذا المجال منذ ذلك الحين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر