طرطوس-سانا
أكد الأديب والكاتب غسان كامل ونوس أن الثقافة هي الحصانة الحقيقية للكائن البشري والضامن لوطنيته والراصد الذاتي لقوامه ومتانته وبقائه قائما بذاته متكاملا مع أبناء وطنه متماسكين في كتلة قادرة على المقاومة مهما كانت أشكال القوى الخارجية المعتدية التي قد تختلف وتتباين.
وفي محاضرة ألقاها اليوم في مركز ثقافي صافيتا طرح ونوس مبادرة ثقافية تساهم في حل الأزمة التي تعصف بسورية إلى جانب المبادرات الوطنية الأخرى وبطولات الجيش العربي السوري تقوم على استثمار كل ما يمكن استثماره في هذا المجال وقال في هذا السياق انه رغم ما قيل من كلام كثير حول أولوية الحل فإنني أرى أن الحل الأكثر جدوى هو الحل الثقافي لأنه الأبقى.
ولخص الحل الثقافي بأنه تفاعل وحيوية يرتكز على أدوات هي النتاج الأدبي والفكري والفني الذي يمكن عرضه وبيعه والتبرع بثمنه أو استثماره بما يفيد هذا المشروع أو أي مشاريع وطنية أخرى.
وبين أن العامل الثقافي لا يتوقف مع احتدام المواجهات ولا ينتهي حضوره مع توقف الرصاص بل يمتد فعله بعد ذلك ترميما وتصويبا ومراجعة وتحصينا ومواجهة للمنعكسات السلبية التي أثرت في شرائح الناس المختلفة مقيمين أو مهجرين أو محزونين لخسارات في الأنفس والأموال والسنين المهدورة من أعمار محدودة.
وقال ان العدوان على سورية منذ ثلاث سنوات وثلث السنة استهدف مكونات الثقافة قي هذا البلد عبر الحملات الإعلامية المبرمجة وذلك بمحاولة إثارة الفتنة ورفع علم الانتداب واتخاذ أسماء الخلفاء والصحابة والقادة الإسلاميين إضافة إلى أسماء اخرى تاريخية ومعاصرة كتسميات للعصابات الارهابية المعتدية على
الأحياء والقرى والمدارس والموءسسات اضاقة للاساءة لأعلام ورموز تاريخية كتمثال أبي العلاء المعري.
وأشار /ونوس/ إلى أن التحضير للعدوان على سورية اعتمد على دراسات وبحوث تتناول الواقع الجغرافي والديموغرافي بكل تفاصيله والهتافات التي رافقت التحركات منذ الأيام الأولى ما يوءكد التخطيط المحكم والإعداد المزمن لهذا العدوان لافتا الى أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت ولسنوات قبل العدوان بتنظيم
زيارات للمثقفين السوريين المعروفين إليها لمدة كافية في محاولة استمالتهم والتأثير عليهم.
وأكد أن الأحداث الموءلمة في سورية أثبتت أن الثقافة لا تتوقف على أصحاب الشهادات والمواهب والإصدارات والمعارض.. ولا على الموءسسات الثقافية الرسمية وهي الأكبر والخاصة بل إن الشعب العادي المثقف هو الذي حمى البلد وموءسساته الفاعلة.
ورأى أن المبادرة الثقافية لا تقتصر المشاركة فيها على من هم معروفون كتابا أو فنانين أو مفكرين بل يستطيع من يشاء ولديه إمكانية ما أن يتقدم من نفسه ويعرض ما لديه ليتعرف إليه الناس ويطلعوا على إمكانياته ومدى الاستفادة منه.
وأكد أن الحل الثقافي يسهم في تجميع إرادي للإمكانيات التي تتكامل في رفد الذات الشخصية ما يجعل شرائح أوسع تهتم وتلتقي وتتقوى وتتقاوى بما يوءدي إلى حصانة أكبر للفرد والمجتمع.
وأشار ونوس إلى أن الحل الثقافي هو حل نظيف ليس من خاسر فيه بل الجميع رابحون.. الواهب والمتلقي والمساعد في ذلك بل إنه يشجع الناس بمختلف شرائحهم على الانشغال بالثقافة وليست لديه تأثيرات جانبية سلبية.
واعتبر ونوس أن الحل الثقافي ليس بديلا عن الحلول الأخرى بل هو رصيد مساعد لها جميعا وبالتالي لا بد من استمرار القوات المسلحة في مواجهتها للإرهاب حتى القضاء عليه مع مواصلة الحل الاجتماعي المتمثل بالمصالحات التي تتطور في كثير من المناطق السورية إضافة إلى ضرورة المضي في الحل السياسي بمشاركة أوسع لمختلف التيارات الوطنية والأحزاب والشرائح والفعاليات في العملية السياسية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر