تحتفي مسابقة "شاعر المليون" المقامة سنويا في ابوظبي بالشعر النبطي الذي يحظى بمكانة مهمة في الخليج، وتكرم شاعرا متوجا بجائزة مالية سخية تبلغ 1,36 مليون دولار، آلت هذه السنة للكويتي راجح الحميداني.
والبرنامج الذي اتم عامه السابع، تنتجه لجنة تنظيم المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية التابعة لحكومة امارة ابوظبي، ويبث مباشرة عبر تلفزيون ابوظبي (الرسمي) وقناة "بينونة" الخاصة.
ويستعيد البرنامج الى حد ما الأسلوب الذي ساد سوق عكاظ قرب مكة قبل اكثر من 15 قرنا، في التنافس بين الشعراء المفوهين.
وتبدو هذه المقارنة حاضرة في اذهان المسؤولين عن البرنامج.
ويقول عضو اللجنة عيسى سيف المزروعي ضاحكا "لم اشاهد سوق عكاظ لكن اتمنى ان نتغلب على سوق عكاظ".
ويعتبر ان "سر نجاح البرنامج هو الرؤية التي وضعتها ابوظبي لصون الثقافة والتراث"، في اشارة الى مبادرات ثقافية عدة في الامارة الغنية بالنفط، من تكريم الكتاب والادباء ومعرض سنوي للكتاب، الى مهرجانات ثقافية تحتفي بالتراث والموسيقى الكلاسيكية. كما تستعد الامارة قريبا لتدشين فرع لمتحف اللوفر.
ويرى المزروعي ان البرنامج نجح في "تسليط الضوء على شعراء الوطن العربي بشكل عام والخليج بشكل خاص"، و"خرج جيلا كبيرا" منهم.
ويتبارى المتنافسون بالصعود الى المسرح، والجلوس الى كرسي كبير تلوا منه ابياتهم. كما يطلب منهم الحكام احيانا ارتجال بعض الابيات الاضافية لاختبار مهاراتهم الشعرية.
وتستند عملية غربلة المشاركين في البرنامج لتصويت اللجنة وملايين من المشاهدين على امتداد العالم العربي، خصوصا في الخليج.
امتد الموسم السابع على 15 اسبوعا، وشارك فيه 48 متباريا نهائيا من اصل آلاف يتقدمون اليه في دول عدة. وقدم المتبارون اشعارهم امام لجنة تحكيم مؤلفة من ثلاثة اعضاء.
غلبت الفرحة الغامرة الكويتي راجح الحميداني بعيد تتويجه "شاعر المليون" وفوزه بمليون و360 الف دولار، في دورة هذا العام من المسابقة.
وفي اعقاب الحفل الختامي للبرنامج في 17 ايار/مايو، تهافت على الحميداني لتهنئته، اقاربه ومحبوه القادمون من الكويت، والذين ملأوا المسرح تصفيقا ورقصا.
ويقول الحميداني لوكالة فرانس برس "هذا انجاز عظيم وأمر احمد ربي عليه (...) اعتقد ان هذا اعظم انجاز حققته في حياتي".
وكان الشاب الذي يدرس الحقوق في احدى جامعات القاهرة، تحدث لفرانس برس قبل الحفل، عن تعلقه بالشعر وثقته بموهبته.
وقال "الشعر لم يأتني عن طريق الوراثة لكن هي موهبة من الله عز وجل، وصقلتها في الممارسة (...) اعطيتها كل ما املك والحمد لله وفقت فيها".
ويروي الحميداني في قصيدته الفائزة اختلاجات الشاعر قبل تاليف ابياته. ومما جاء فيها "بياض الورق محراب روحي وراس المال عليه أبني آمالي وفيه أغسل آثامي، وعلى وجه راس المال وجهي وراسي مال وبوحي مثل حزني رهاوي ومترامي".
ونال الحميداني في الامسية الختامية "بيرق الشعر" والجائزة المالية السخية، متفوقا على خمسة شعراء آخرين بينهم اماراتية. وينال كل الشعراء الذين بلغوا المرحلة النهائية، جوائز مالية متفاوتة.
ويحظى الشعر النبطي بمرتبة مهمة ايضا لدى الامراء والشيوخ في الخليج، ومنهم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي عرف عنه نظمه لأبيات شعرية ادى عددا منها فنانون عرب.
ويرى اعضاء لجنة التحكيم ان الاقبال على البرنامج مرده الى كون الشعر في العالم العربي، أسلوب حياة اكثر منه نمطا أدبيا محضا.
ويقول عضو اللجنة غسان الحسن ان الشعر للعرب "هو حياتهم، على خلاف الحضارات الاخرى" التي تعتبره "فنا جميلا" وحسب.
يضيف الحسن، وهو أردني حائز دكتوراه في الشعر النبطي، "عند العرب الشعر ليس فنا جميلا فقط، انما هو سجل لحياتهم فيه كل ما يتعلق بهم من ايام، من احداث، من وقائع، من أنساب، من تواريخ... كلها موجودة في الشعر".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر