تعبر لوحات جدارية متنوعة ظهرت في الآونة الأخيرة في شوارع جوبا عاصمة جنوب السودان عن السخط الشعبي ازاء الحرب التي تمزق البلاد منذ عقود والتوق الكبير لدى السكان الى السلام.
وتقف وراء هذه المبادرة اللافتة مجموعة فنانين تعرف عن نفسها بإسم "انا تعبان" مؤلفة من رسامين وموسيقيين وممثلين يجمعهم وجع مشترك ازاء الوضع المعيشي الصعب لأهالي جنوب السودان.
على الجدران المعدنية لأحد المخابز او لحاوية حولت الى مركز ثقافي، انتشرت نداءات السلام في الشوارع الحارة والرطبة لهذه العاصمة الافريقية التي يجتازها النيل الابيض وشهدت توترات عدة في الفترة الماضية كانت آخرها المعارك بالسلاح الثقيل في تموز/يوليو الفائت.
وتظهر احدى هذه اللوحات الجدارية طفلا يستخدم الة خياطة لشبك اعلام لجنوب السودان بعضها ببعض. وتوضح المجموعة القائمة على هذه المبادرة أن "الشبان المتعبين هم الذين سيحيكون القطع المختلفة لأمتنا الممزقة".
وتعرف مجموعة "انا تعبان" عبر "تويتر" عن نفسها بأنها "جماعة من الشباب المبدعين من جنوب السودان ممن سئموا رؤية شعبهم يتألم".
وقد نال جنوب السودان، اصغر الدول سنا في العالم، استقلاله سنة 2011 بعد حرب استمرت عقودا. غير ان البلاد تغرق منذ كانون الاول/ديسمبر 2013 في نزاع سياسي-اتني اوقع عشرات الاف القتلى وتسبب بنزوح اكثر من مليونين ونصف مليون شخص اضافة الى حالات لا تحصى للاغتصاب وانتهاكات اخرى.
ويعاني اكثر من ثلث سكان البلاد وفق الامم المتحدة انعداما "غير مسبوق" في الامن الغذائي، كما ان السلطات المحلية تمنع الامم المتحدة وعناصر وكالات الاغاثة من الدخول الى المناطق المتضررة.
وفي وقت يبدو السلام المنشود بعيد المنال اكثر من اي وقت مضى، أسس نحو اربعين فنانا مجموعة "انا تعبان" بدعم من سودانيين جنوبيين مقيمين في الخارج، وهم يأملون توسيع حركتهم لتشمل مدنا اخرى بينها واو وأويل (شمال غرب) وأيضا في ياي (جنوب) ويامبيو (جنوب غرب).
- فن ملتزم -
وتوضح الممثلة جويس ماكر وهي من مؤسسي مجموعة "انا تعبان" أن هذه الحركة "توفر منصة تتيح لشبان اخرين من جنوب السودان اسماع اصواتهم والقول ما يفكرون به كي نصل الى سلام دائم في هذا البلد".
وقد سجل موسيقيو "انا تعبان" اغنيتهم الاولى وهم في طور التحضير لاغنية ثانية.
وتعتزم المجموعة القيام بجملة نشاطات عامة في شوارع جوبا خلال الاسابيع المقبلة، فضلا عن اخرى في المستشفيات والسجون والمدارس في العاصمة.
ويقول الرسام توماس داي إن "ما يحصل حاليا في جنوب السودان هو الفساد والحرب والنزاع"، مضيفا "لم نعد نريد هذه الامور المؤذية وهذا ما نرغب في ان نريه للناس في الشارع من خلال الفن والرسم واللوحات الجدارية".
وفي 12 ايلول/سبتمبر، اتهم تقرير صادر عن مؤسسة "ذي سنتري" الاميركية التي شارك الممثل جورج كلوني في تأسيسها النخبة السياسية والعسكرية في جنوب السودان بأنها جنت ثروات عبر استغلال الحرب الاهلية التي يمثل "محركها الاساسي" الصراع من اجل "السيطرة على الموارد الطبيعية الوافرة في البلاد" خصوصا النفط.
من ناحيته، يرى الشاعر ومغني الراب اصف كافي أن مجموعة "انا تعبان" تنقل "رسالة سلام ومصالحة" تجمع بين الفن والالتزام السياسي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر