أبدت الجماعة الثقافية المصرية حزنا صادقا لرحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الذي كان بحق "كبير العرب وفارس نبيل من فرسان الأمة العربية" ورجل المواقف الكبيرة دعما لمصر والأمة والتزاما أصيلا بثقافة "الاصطفاف العربي" .
وهذه الثقافة " تجلت بحق في أفعال وكلمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي انصت له المصريون وهو يخاطب مصر الكنانة بجلال البيان ورفيع التجلي فيما تؤشر هذه الحالة النبيلة لأفاق لا يجوز فيها لأي بلد عربي ان يعاني من "لوعة الوحيد في مفارق الطرق ومنعطفات الأيام ووطأة المتغيرات".
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تقدم بالتعزية في رحيل الملك عبد الله قائلا :"اقدم التعزية للشعب السعودي والمصري والشعوب العربية والإسلامية ولكل شعوب العالم لأن برحيل الملك عبد الله فقدت الإنسانية رجلا مخلصا أمينا".
وأضاف في كلمته مساء امس الأول "السبت" :" فقد العرب رجل الحكمة والمواقف الشريفة وأتمني بكل الحب لجلالة الملك سلمان التوفيق وهو قادر بكل قوة على استكمال المسيرة".
وقال فضيلة الأمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور احمد الطيب إن "المواقف التاريخية" للملك عبد الله لا يمكن نسيانها ومساندته مصر وشعبها في أزماتها التي مرت بها خلال السنوات القليلة الماضية "لا يمكن نكرانها وستبقى عالقة في أذهان المصريين يتوارثونها جيلا بعد جيل".
ووسط حالة من الحزن العام بين المصريين بما في ذلك النخب الثقافية وإعلان الحداد رسميا لمدة إسبوع كان مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية قد استهل دورته الجديدة لهذا العام بالوقوف دقيقة حدادا على وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله فيما أعلنت وزارة الثقافة الحداد لمدة إسبوع "توقف فيه الأنشطة والعروض الفنية كافة" .
وشددت وزارة الثقافة في بيان على أن "الشعب المصري لن ينسى المواقف التاريخية الشجاعة للملك عبد الله بن عبد العزيز تجاه مصر وشعبها والتي كانت تؤكد حكمته وإيمانه العميق بضرورة التضامن العربي وتضافر الجهود بين أبناء الأمتين العربية والإسلامية للمساهمة في إعلاء شأنهما بين الأمم".
ونعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز فيما أعاد محمد سلماوي الأمين العام لهذا الاتحاد ورئيس اتحاد الكتاب المصريين للأذهان أن الراحل العظيم كان تجسيدا حيا للقيم النبيلة لديننا ألإسلامي الحنيف بما انتهجه من سياسة تنويرية وتبنيه قم التسامح والحب وقبول الآخر.
وفي سياق مقابلة صحفية قال الكاتب يسري الجندي :"اعزي نفسي والشعوب العربية جميعا وشعب السعودية الشقيق في وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صاحب المواقف الشجاعة التي لا تنسى خاصة موقفه الداعم لمصر وشعبها في المحافل الدولية والعربية الى جانب الدعم الاقتصادي" مؤكدا على أن "هذا الموقف لن ينساه الشعب المصري وسيسجل في التاريخ بأحرف من نور".
والمملكة العربية السعودية هي ضيف الشرف في الدورة ال46 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يفتتح بعد غد "الأربعاء" ويستمر كأهم حدث ثقافي مصري حتى الثاني عشر من شهر فبراير المقبل بكل ما يعنيه ذلك من تفاعل بناء بين شعبي الدولتين الشقيقتين وخاصة المثقفين المصريين والسعوديين.
وكانت الهيئة المصرية العامة للكتاب قد أعلنت الغاء المظاهر الاحتفالية في افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب كما سيتم تأجيل أنشطة "مخيم الفنون" بالكامل حتى انتهاء فترة الحداد الرسمي فيما سيقوم الجانب السعودي بتقديم برنامج ثقافي متكامل بالمعرض الذي يعد من اكبر معارض الكتاب في العالم يشارك به نخبة من المثقفين والأدباء في هذا البلد الشقيق .
وسيتوقف التاريخ العربي طويلا أمام الدور النبيل للملك عبد الله بن عبد العزيز في التصدي لتهديدات جسيمة للأمن القومي العربي وتكالب قوى إقليمية ودولية للنيل من جسد الأمة العربية ومحاصرة دولها تمهيدا لتفكيكها وإعادة رسم الخارطة العربية على أسس دخيلة لا تخدم سوى مصالح هذه القوى غير العربية.
ولا جدال أن مثل هذه التهديدات والمخاطر تتجلى في بلد شقيق كاليمن يمرالآن بمفترق طرق و"محاولات حثيثة لفرض أجندة قوة إقليمية غير عربية على ذلك البلد العربي" وهي حالة تنذر بانهيار الدولة الوطنية وتداعيات لا يمكن ان تكون في صالح الاستقرار الإقليمي العربي فيما تستدعي هذه الحالة تنظيرات ثقافية - استراتيجية جادة لا تركن للسائد ولا تعتمد على المألوف وإنما ترتقي لمستوى اللحظات الخطيرة.
ثقافة تطرح أسئلة بقدر ما تسهم في إجابات وتثري عملية التراكم الثقافي للخبرات وصولا لتأسيس "ثقافة الاصطفاف العربي ومفاهيم حقيقية للجسد العربي الواحد" وهو الجسد الذي دافع عنه حتى اللحظة الأخيرة "كبير العرب عبد الله بن عبد العزيز" .
وأثناء تقديمه واجب العزاء في وفاة الملك عبد الله الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز ، اكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على الدور المهم لمصر والسعودية إقليميا ودوليا "وهو الدور الذي يتطلب ضرورة استمرار التشاور بين الجانبين تحقيقا للمصالح القومية للأمة واستكمالا لخطوات المغفور له الملك عبد الله".
واعتبر الكاتب الصحفي صلاح منتصر انه ليس من الغريب "حجم الحزن الكبير الذي ملأ قلوب ملايين المصريين عندما بلغهم نبأ وفاة الراحل العظيم" في ضوء مواقف الملك عبد الله الذي لم يترك فرصة دون أن يعبر عن محبته ودفاعه عن مصر.
والواقع - كما يقول منتصر - أن الرجل لم يكن ملكا للسعودية فقط ، وإنما كان قائدا حكيما للعرب فيما شارك الملك سلمان بن عبد العزيز في سياسة الراحل العظيم نحو مصر وهو "رجل الوفاء والقاريء والمتابع والمتواصل مع الناس وصاحب المكتبة العامرة بالكتب وخاصة كتب التاريخ".
والملك سلمان كما وصفه بحق الكاتب اللبناني سمير عطا الله هو "رجل بناء مبهر ورجل دبلوماسي عريق ورجل سياسة رؤيوي ورجل ثقافة عميقة ورجل شجاعة موروثة" ، فيما وصف في زاويته بجريدة الشرق الأوسط اللندنية الملك الراحل عبد الله بأنه "كان فارسا اذا غضب ، وفارسا اذا رضى ، وكان متواضعا مثل الفرسان أيضا".
والراحل العظيم والفارس العربي النبيل عبد الله بن عبد العزيز كان بحق نموذجا للقائد ورجل الدولة الذي يدرك أهمية الحوار كبديل عن التصارع بين الثقافات والحضارات وسعى بقوة لدعم ثقافة التعايش والتسامح وهو الذي قال "إن اختلاف الآراء وتنوع الاتجاهات وتعدد المذاهب أمر واقعي في حياتنا وطبيعة من طبائع الناس الذين خلقهم الله بعلمه وحكمته".
ولن تنسى الذاكرة الثقافية العربية الخطوة الرائدة في نوفمبر 2012 بتأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين اتباع الأديان والثقافات والحوارات المستنيرة التي أجراها هذا المركز حول قضايا بالغة الأهمية وإشكاليات مثل التطرف والعنف والإرهاب.
ومافعله الفارس العربي النبيل الملك عبد الله بن عبد العزيز على صعيد دعم ثقافة الحوار كان تجسيدا للاهتمام بالجوانب التطبيقية والتجليات التي تنفع الناس وتمكث في الأرض العربية من الماء للماء في وقت يعود فيه الجسد العربي ليقف على قدميه راسخا مرفوع الهامة بما يشكل بحق "عودة الروح للعروبة والجسد العربي الواحد" بعد أن بدا وكأن هذا الجسد يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة ليوارى الثرى ويدخل في ذمة التاريخ!.
وثمة اتفاق عام ومحسوس بقوة في الشارع العربي على أن الراحل العظيم عبد الله بن عبد العزيز نهض بدور لن ينساه التاريخ في التصدي لظاهرة "الحروب الإعلامية التي لا تخدم سوى أعداء هذه الأمة" وفي وقت تسعى فيه بعض القوى الإقليمية غير العربية لاحتكار الحديث باسم الإقليم كله بما فيه العرب فضلا عن احتكار أدوات القوة غير التقليدية.
كما أن الكتابات تتوالى دالة على تصور ثقافي للراحل العظيم حول مواجهة الإرهاب الذي يهدد الوجود العربي في الصميم ورفض استمرار مآساة الاتجار بالدين لتحقيق مآرب دنيوية ومطامع سلطوية بما يتعارض مع جوهر الدين الحنيف.
ومن هنا كان استنكار هذا الفارس العربي النبيل لجرائم الإرهاب في مصر التي كان يحرص على وحدة شعبها واستقرار امنها ويرفض بحسم وقوة اي مساس بأمن ارض الكنانة ويحذر من مغبة التدخل في الشأن الداخلي المصري مع دعوته الصادقة لدعم ومساندة مصر والمصريين.
وبثقافة الأفعال المتسقة مع الأقوال كتب الملك عبد الله بن عبد العزيز صفحات مجد وفخار في سجل الأمة وقلوب المصريين وكل العرب فيما جسد بحق معنى "ثقافة الاصطفاف العربي" في مواجهة كابوس يسعى لتمزيق الأوطان وتفكيك الدول وبث الفوضى والتشرذم وصنع كانتونات طائفية ومذهبية تستظل في نهاية المطاف بأعلام الأعداء التاريخيين لهذه الأمة.
وهكذا فان "ثقافة الاصطفاف العربي" التي رسخها فارس عربي من أنبل فرسان هذه الأمة ستقف دوما مدافعة عن الأمة في مواجهة سدنة وعملاء مخطط "بلقنة المنطقة العربية" او المزيد من تجزئة المجزأ..أن مصر كبيرة بأشقائها العرب كما ان كل شقيق منهم كبير بمصر..وثقافة الاصطفاف العربي أعادت الاعتبار لمفهوم الجسد العربي الواحد..ثقافة منحها يمنحها قائد عربي كبير هو الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الكثير من المعاني الجليلة حقا وصدقا.
"عبد الله" ايها القائد العربي المسلم الذي لم يعبد غير الله وصنع ضوءا هاديا لسبيل المخلصين من الماء للماء : باق انت في قلوبنا والمعاني تتسامى عبيرا يسيل من القلب للقلب ..آيا خادم الحرمين الشريفين وكبير العرب: كلماتك في قلوبنا وصنيعك لن ننساه وحلمك النبيل لن يموت أبدا.."النيل يصلي ومكة تسري في قلب الكنانة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر