الدوحة - قنا
قال التحليل الأسبوعي لمجموعة QNB إن إطلاق البنك المركزي الأوروبي حزمة من التدابير النقدية التحفيزية مهم لمنع انكماش الأسعار في منطقة اليورو، غير أن الوضع هناك قد يتطلب المزيد منها في حال استمرار اتجاهات التضخم الخارجية السلبية والطلب المحلي الضعيف.
وأضاف أن هذه السياسات الجديدة يحتمل أن تؤدي إلى خفض فروق أسعار الفائدة بين السندات الإيطالية، واليونانية، والبرتغالية، والإسبانية (ما يعرف بدول الأطراف) من جهة وسعر الفائدة على السندات الألمانية من جهة أخرى، بينما يحتمل أن يضعف اليورو إذا تحسنت آفاق التضخم.
وكان البنك المركزي الأوروبي أعلن في 5 يونيو عن إطلاق حزمة من التدابير النقدية التحفيزية، تضمنت تخفيض سعر الفائدة على الودائع بنسبة -0,1 في المائة، وهذه أول مرة يقوم فيها البنك المركزي الأوربي بتحميل البنوك التجارية رسوماً مقابل إيداع فوائض احتياطاتها لديه.
كما تضمنت هذه الحزمة برنامجاً جديداً لتوفير تمويل رخيص للبنوك تشجيعاً لها على الإقراض للاقتصاد الحقيقي، وذلك بهدف توفير حافز نقدي يساعد منطقة اليورو على تجنب انكماش الأسعار.
وعلى عكس تدابيره السابقة التي كانت تهدف إلى حماية عملة اليورو، وافق البنك المركزي الأوروبي على هذه الحزمة في 5 يونيو بسبب تدهور الآفاق الاقتصادية، خصوصاً في شكل انخفاض ملموس في معدل التضخم.
فقد تراجع التضخم بشكل مطرد في منطقة اليورو، حيث هبط إلى نسبة 0,5 في المائة في مايو بعيدا عن الهدف الموضوع للبنك المركزي الأوروبي وهو تضخم دون نسبة 2 في المائة ولكن قريباً منها.
وأوضح أن آفاق التضخم علاوة على ذلك تزداد سوءاً حيث خفّض البنك توقعاته لنسبة التضخم في 2014 الى 0,7 في المائة، ويتوقع استمرار التضخم المنخفض في الأمد المتوسط، مما قد يزيد من مخاطر تعزز حالة التضخم المنخفض، بل وحتى أن يتطور الأمر إلى حدوث انكماش في الأسعار.
وذكر أنه في غياب تدخل استباقي بتغيير السياسة النقدية، فإن منطقة اليورو معرضة لخطر التحول إلى النموذج الياباني الذي تسود فيه فترة طويلة من انكماش الأسعار وبطء النمو، حيث يعزز احتمال هذا الخطر انخفاض عدد السكان في أوروبا.
البنك المركزي الأوربي: فرض رسوم على البنوك عند إيداع فوائض احتياطياتها لديه
وقال تحليل QNB إن التهديد الذي يمثله حدوث النموذج الياباني دفع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي إلى التصرف على نحو حاسم وبصورة جماعية وكان أكثر هذه الإجراءات إثارة للاهتمام هو تخفيض سعر الفائدة إلى نسبة سلبية على الودائع.
وأشار إلى أن البنك المركزي الأوربي، يأمل من خلال فرض رسوم على البنوك عند إيداع فوائض احتياطياتها لديه، في إعطاء حافز قوي لهذه الاخيرة كي تقرض المزيد من الأموال للاقتصاد الحقيقي.
ورأى أنه بينما يعتبر فرض سعر فائدة سلبي خطوة غير مسبوقة لأي بنك مركزي كبير (علماً ان الدانمارك والسويد كانتا قد وضعتا أسعار فائدة سلبية مؤخراً ولكن من دون تأثير كبير على الاقتصاد المحلي)، فقد لا يكون هذا هو أهم إجراء اتخذه البنك المركزي الأوروبي.
وأضاف أن الفوائض الاحتياطية شهدت انخفاضاً بسبب تسديد البنوك لديونها الناشئة من عمليات سابقة للتمويل على المدى البعيد من البنك المركزي وبالإضافة لذلك، فإن خفض سعر الفائدة لمستويات أدنى مما هو عليه الآن يبقى إمكانية شبه منعدمة.
ولفت إلى تصريح رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في هذا الصدد: "لقد وصلنا عملياً إلى الحد الأدنى" غير أن هذا الإجراء يلمّح لنية البنك المركزي الأوروبي بالاستمرار في انتهاج السياسات النقدية غير التقليدية.
وذكر أن أهم إجراء اتخذه البنك المركزي الأوربي، هو إقرار برنامج عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأمد، ما من شأنه توفير تمويل رخيص للبنوك. وتعتمد كمية هذا التمويل على حجم محفظة القروض لكل بنك. وتحديداً، فإن البنوك يمكنها مبدئياً الاقتراض من البنك المركزي لما يصل إلى 7 في المائة من قروضها المستحقة على القطاع الخاص غير المالي والأسريّ (مع استثناء القروض العقارية). ويصل حجم هذا الاستحقاق إلى حوالي 400 مليار يورو.
وقال إنه بالإضافة لذلك، يحق للبنوك اقتراض ما يصل إلى ثلاثة أضعاف التغيير في صافي القروض بالزيادة عن حد معين على أساس ربع سنوي من مارس 2015 حتى يونيو عام 2016. غير أن هذا الحد متدن للغاية، حيث يأخذ بعين الاعتبار صافي الإقراض للقطاع الخاص غير المالي (مع استثناء القروض العقارية) خلال الاثني عشر شهراً السابقة لشهر أبريل 2014.
وخلال هذه الفترة، تقدر مؤسسة جي بي مورغان أن صافي الإقراض قد انكمش بمقدار 150 مليار يورو، ما يعني أنه يحق للبنوك اقتراض مبلغ 450 مليار يورو إضافي من التمويل الرخيص إذا احتفظت بمحفظة القروض بدون تغيير.
عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأمد تخول البنوك اقتراض ما يصل إلى 850 مليار يورو
ورأى QNB أن عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأمد تخول البنوك اقتراض ما يصل إلى 850 مليار يورو كديون رخيصة وبشروط غاية في السخاء، مشيرا على سبيل المقارنة، إلى أن فائض السيولة في البنك المركزي الأوروبي، والذي قد يتأثر بسعر الفائدة السلبي للإيداع، يبلغ اقل من 100 مليار يورو.
واعتبر أن هذه العملية واسعة النطاق تهدف إلى تحسين مستوى الإقراض للاقتصاد الحقيقي فإذا كان بطء الإقراض في منطقة اليورو يرجع إلى قلة المعروض من السيولة حيث إن البنوك لا تستطيع الحصول على تمويل بسعر فائدة معقول، فإن عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأمد يمكن أن تساعد في حل هذا الإشكال.
لكن جزءاً من هذه المسألة قد يكون مرتبطاً بحاجة البنوك لرفع كفاية رؤوس أموالها لتلبية متطلبات اتفاقية بازل 3 حيث تشير تجربة حزمة مشابهة في المملكة المتحدة، عرفت باسم مشروع التمويل لغرض الإقراض، إلى أن الطلب الضعيف على القروض وضرورة قيام البنوك بزيادة كفاية رؤوس أموالها قد يحد من فعالية هذا البرنامج.
ورأى أن الأسواق المالية قد استقبلت حزمة التدابير التي أطلقها البنك المركزي الأوربي بإيجابية حيث ارتفعت أسواق الأسهم بينما لم يطرأ تغيير كبير على عملة اليورو بعد الهبوط أمام الدولار الأمريكي بنسبة 2 في المائة في فترة ما قبل اجتماع البنك المركزي الأوروبي.
لكنه لاحظ أن سوق السندات السيادية شهد رد الفعل الأكثر عنفاً، حيث تراجعت عائدات السندات الإيطالية والإسبانية بثلاثين نقطة أساس منذ الاجتماع، متوقعا المزيد من التراجع في هوامش أسعار الفائدة على السندات الإسبانية، والإيطالية، والدول الطرفية بشكل عام مقابل سعر الفائدة على السندات الألمانية.
وقال إن هذه التدابير الجديدة من المحتمل أن تحسن آفاق النمو في منطقة اليورو، وتخفّض من مخاطر تعسّر الدول الطرفية، وبالتالي تخفيض الفوائد التي تؤديها، ويضاف إلى ذلك أن برنامج عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأمد لا يفرض عقوبات في حال مخالفة شروط الإقراض، ماعدا إعادة القروض مبكراً في سبتمبر 2016، مما يعطي البنوك فترة سنتين لاقتراض أموال رخيصة من البنك المركزي الأوروبي وإقراضها للحكومات والشركات في الدول الطرفية بعائدات أعلى.
واعتبر أن مستقبل عملة اليورو يعتمد على مدى نجاح التدابير الجديدة للبنك المركزي الأوروبي في إعطاء دفعة إيجابية للتضخم، حيث إن تحسن التضخم قد يسهم في مزيد من الإضعاف لليورو مع انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر