منذ بداية العام، ضاعفت شركة «بيربلكسيتي إيه آي» (perplexity) الناشئة في البحث، إيراداتها الشهرية وعدد مستخدمي خدماتها بسبعة أضعاف، وذلك بعد نجاحها في إغلاق جولة تمويل جديدة بقيمة 250 مليون دولار.
وقال ديمتري شيفيلينكو، رئيس قسم الشؤون التجارية لدى «بيربلكسيتي» إن محرك البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي أجاب على نحو 250 مليون سؤال الشهر الماضي، مقارنة بنصف مليار استفسار خلال عام 2023 بأكمله.
وتسلط الأرقام الأخيرة الضوء على مكانة «بيربلكسيتي» كواحد من أسرع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي نمواً منذ أن طرحت شركة «أوبن إيه آي» برنامج «شات جي بي تي» في نوفمبر 2022، رغم الجدل المحيط بتقنيات جمع البيانات الخاصة بالشركة الناشئة.
وأسس «بيربلكسيتي» في مدينة سان فرانسيسكو، أرافيند سرينيفاس المتدرب السابق في «جوجل»، قبل 3 أشهر فقط من إطلاق «شات جي بي تي». وتستخدم الشركة برمجيات ذكاء اصطناعي للرد على الأسئلة، باستخدام معلومات يتم جمعها آنياً عبر الإنترنت، بما في ذلك من المواقع الإخبارية.
واستهلت الشركة العام الجاري بتوقع إيرادات سنوية 5 ملايين دولار، بناءً على استقراء مبيعات الشهر الماضي، لكن توقعاتها تتجاوز الآن 35 مليون دولار على الأساس نفسه، وفقاً لمصدر داخل الشركة.
وتغير الشركة حالياً نموذج أعمالها القائم على الاشتراكات إلى الإعلانات، ما يضعها في منافسة مباشرة مع «جوجل»، المهيمنة على إعلانات محركات البحث التي تقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار.
ويتزامن نمو الشركة مع جهود «جوجل» لدمج ميزات الذكاء الاصطناعي في محرك البحث الرئيس وإصدار شركة «أوبن إيه آي» لمحرك «سيرش جي بي تي»، وهو أداة بحث تجريبية تعتمد على الذكاء الاصطناعي ومتاحة لقرابة 10 آلاف مختبر.
وقال شيفلينكو: «في النهاية، لدى اللاعب الأصغر في السوق ميزتين هما: السرعة والتركيز.. وعندما يتعلق الأمر ببيربلكسيتي، لا يفكر مستخدمونا وفريقنا سوى في شيء واحد: توفير مكان مناسب للجواب على أسئلتك. وتساعدنا المنافسة على شحذ التركيز بشكل أكبر».
ولدعم معركتها ضد الشركات المنافسة الأكبر حجماً، أتمت شركة «بيربلكسيتي» أخيراً جولة تمويل جديدة بقيمة 250 مليون دولار، من مستثمرين مثل صندوق «فيجن فاند 2» التابع لـ «سوفت بنك». وساهم ذلك في مضاعفة قيمتها من مليار دولار في أبريل إلى 3 مليارات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الصفقة. ووردت مفاوضات التمويل في تقارير سابقة لبلومبرغ.
وتتضمن قائمة المستثمرين الحاليين في «بيربلكسيتي»: شركة إنفيديا المصنعة لرقائق الذكاء الاصطناعي، ومؤسس «أمازون» جيف بيزوس، إضافة إلى العديد من الأسماء المعروفة في قطاع الذكاء الاصطناعي، مثل المؤسس المشارك لشركة «أوبن إيه آي» أندريه كارباتي، ويان ليكون كبير علماء الذكاء الاصطناعي لدى شركة «ميتا».
وأوضح شيفلينكو أن «بيربلكسيتي» لا تخشى المنافسة من شركات التكنولوجيا الأفضل حظاً في الموارد، بما في ذلك شركة «أوبن إيه آي» التي تحظى بدعم «مايكروسوفت».
وأضاف: «تتعامل شركة أوبن إيه آي مع مهام مختلفة.. فهي لا تركز على تقديم إجابات من مصادر عالية الجودة لأسئلة المستخدمين. بالتالي، تظهر ملاحظات المقارنة أن محرك «سيرش جي بي تي» لا يتفوق على بيربلكسيتي».
وجاءت أغلب إيرادات «بيربلكسيتي» من اشتراكات المستهلكين والشركات، لكنها أعلنت أخيراً عن خطط لتقديم إعلانات على منصتها، بحلول نهاية الشهر المقبل.
وقال شيفلينكو: «لقد كنا دائماً على دراية بأن الإعلانات ستكون المحرك الرئيس لتحقيق الإيرادات على عكس أوبن إيه آي».
وستتقاسم الشركة نسبة تتجاوز «10%» من عائداتها على المادة الترويجية مع ناشري الأخبار المذكورين، حيث أبرمت صفقات مع «تايم» و«دير شبيجل» و«فورتشن» وغيرها.
لكن قبل الإعلان عن أحدث شراكاتها مع الناشرين، واجهت «بيربلكسيتي» اتهامات بالسرقة الأدبية في يونيو من قبل مجلة «فوربس» و«وايرد»، اللتان انتقدتا نسخها للمقالات والأخبار دون إسناد واضح، وجمعها من مواقع حجبت صراحة زاحف الويب الخاص بها. وأقر شيفلينكو بالاتهامات، وذكر أن الشركة أخذت الانتقادات في الحسبان. وأجرت «بيربلكسيتي» لاحقاً تغييرات على واجهة المستخدم لإبراز المراجع، واتخذت إجراءات لضمان تجنب تلخيص أي محتوى من المواقع في إجاباتها.
وأفاد أنه خلال الأسبوعين اللذين أعقبا إطلاق برنامج تقاسم الإيرادات، تقدم 50 ناشراً بطلب للانضمام لبرنامج تقاسم الأرباح.
وقال: «حتى تكون «بيربلكسيتي» أداة مفيدة على الإنترنت، يجب أن تكون هناك نماذج أعمال قوية لنشر الحقائق الجديدة والمحدثة حول العالم. وإذا كانت هناك رغبة في وجود حوافز للصحافة على المدى الطويل، فإن تقاسم الإيرادات هو أفضل الطرق مقارنة بمبلغ يدفع مرة واحدة، وهو نهج اتبعته أوبن إيه آي».
وعلى عكس «جوجل» و«أوبن إيه آي»، لا تطور «بيربلكسيتي» نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي باتت أكثر تكلفة. وبدلاً من ذلك، تقوم بترخيص مجموعة من أنظمة الذكاء الاصطناعي التابعة لشركات مثل «أوبن إيه آي» وغيرها.
وفي البداية، اعتمد محرك البحث الخاص بشركة بيربلكسيتي على نسخة مرخصة من فهرس «بينغ» لشركة مايكروسوفت، على غرار العديد من المنافسين المحتملين لجوجل. لكن شيفلينكو قال إن بينغ لم يعد النظام الأساسي لمحرك البحث.
وأضاف شيفلينكو: «لقد طورنا فهرس بحث ونظام تصنيف، ورغم أننا نجمع إشارات من مختلف محركات البحث، إلا أن لدينا نظاماً زاحفاً وتصنيفاً خاصاً بالشركة».
وفي مطلع العام الحالي، قال موظف سابق في ب«بيربلكسيتي»: إن مصادر المعلومات الخاصة بهم تمنحهم ميزة على محركات البحث التقليدية مثل «جوجل»، الذي يعتمد على مجموعة أوسع بكثير من المواقع.
رغم ذلك، أشار إلى أن تضمين الإعلانات قد يردع المستخدمين، موضحاً «أن الإعلانات تخلق شعوراً بعدم الثقة، وبات المستخدمون متشككين إلى حد ما في نتائج بحث «جوجل»».
وقال جوزيف تيسديل، رئيس قسم التكنولوجيا لدى شركة إنديرز أناليسيس الاستشارية، إن سوق البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي «تكتسب زخماً».
وأردف: «الخطر الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي يتمثل في أنه يجعل البحث العام على شبكة الإنترنت غير مجد من خلال توفير أساليب جديدة لربط المستخدمين بالمعلومات والمنتجات والخدمات». إلا أن «التساؤل الأهم» هو ما إذا كان يمكن التعويل عليه بدرجة كافية للاستخدام على نطاق واسع، على حد قوله.
وقال تيسديل «الذكاء الاصطناعي عرضة باستمرار لخلق معلومات ملفقة.. ومع مليارات الاستفسارات يومياً، فإنه لا يمكن تفادي الأخطاء الجسيمة».
قد يهمك أيضاً
غوغل وميتا في مرمى الانتقاد بسبب استهداف المراهقين بإعلانات على يوتيوب
وزارة المالية المغربية تُراهن على تسخير الذكاء الاصطناعي لاتخاذ "القرار الميزانياتي"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر