واشنطن ـ عادل سلامة
بدأت مجموعة من أكبر شركات الاتصالات الهاتفية في العالم، ببيع ما تجمعه من أحجام البيانات الهائلة عن أماكن مشتركيها وسفرياتهم وعادات تصفحهم لشبكة الإنترنت. وتعتبر هذه المعلومات أداة فعالة للمسوقين ولكنها تثير مخاوف جديدة من انتهاك الخصوصية. ورغم أن الأميركيين متصفحي الإنترنت
باتوا أكثر اعتياداً على رصد تحركاتهم، إلا أن تجميع تلك المعلومات على نحو مفصل ودقيق في العالم الواقعي يعد أمراً مثيراً للإزعاج والخوف.
وهذا النهج الجديد يعتبر أيضاً دليلاً على تحول في العلاقة بين شركات الاتصالات ومشتركيهم. فبدلاً من الاكتفاء بتزويد عملائها بوسيلة اتصالات موثوقة، بدأت شركات الاتصالات في اعتبار المشتركين وكأنهم مصادر بيانات يمكن استغلالها لتحقيق أرباح، وهي ممارسة أكثر شيوعاً بين مقدمي خدمات الإنترنت مجاناً مثل جوجل وفيسبوك.
وحين يبحر عميل فيريزون وايرلس إلى موقع بالشبكة على هاتفه المحمول، من الممكن أن تتحول المعلومات عن هذا الموقع ومكان العميل وبياناته الديموغرافية إلى نقطة بيانات يتم تجميعها في برنامج يسمى «منظور السوق الدقيق»، وهذا البرنامج الذي أطلقته فيريزون في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2012 عقب عدة تجارب، يزود أصحاب مراكز التسوق وشركات الإعلانات بإحصائيات عن أنشطة مستخدمي الهواتف المحمولة وبياناتهم في أماكن بعينها.
وأطلق أيضاً عدد من مشغلي شبكات المحمول الأوروبيين برامج من هذا القبيل. ففي أواخر مايو قدمت عملاقة البرمجيات الألمانية شركة ساب (SAP) خدمة تقوم بتجميع بيانات استخدام الهواتف الذكية وأماكنها الواردة من شركات الاتصالات وعرضها على شركات التسويق.
وتدرك شركات الاتصالات مدى حساسية هذه البيانات. ولكن بالنظر إلى سعي شركات الإعلان والتسويق إلى الحصول على مزيد من المعلومات المفصلة عن عملاء مرشحين وبالنظر أيضاً إلى بحث صناعة الاتصالات عن مصادر إيرادات جديدة في ظل سوق هواتف محمولة غير مرشحة حالياً لمزيد من النمو أو التوسع، بدأت شركات الهواتف الكبرى في الدخول إلى هذا المجال.
وتقول الشركات إنها لا تبيع بيانات عن أفراد ولكن عن مجموعات وفئات من الناس. ويقول حماة الخصوصية إن القانون يجيز لهم ذلك.
وفي عام 2011، بعثت فيريزون برسالة إلى عملائها تخبرهم فيها بأنه يجوز لها استخدام بياناتهم على هذا النحو. ويقول كريس سوجويان خبير الخصوصية في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية إن إمكانية تحقيق أرباح من بيانات العملاء قد تشجع شركات الاتصالات على رصد العملاء على نحو أدق مما يتطلبه توصيل مكالمات وعلى تخزين المزيد من معلومات تصفحهم لشبكة الإنترنت. ومن شأن ذلك تكبير مجال بيانات عن عادات الأفراد وتحركاتهم على نحو يجيزه القانون حسب سوجويان الذي يقول: «إن عملية تجميع المعلومات عن أفراد بعينهم هي مثار الخوف».
وترد فيريزون بأن البيانات التي تحللها لحساب «منظور السوق الدقيق» هي معلومات تجمعها أصلاً وأنها تتوافق مع الإجراءات القانونية إذا جاءها طلبات معلومات من الجهات المسؤولة عن تنفيذ القانون.
كما تقول فيريزون إنها لن تبيع سوى معلومات موسعة عن مجموعات وفئات من العملاء وإن البرنامج لن يتضمن معلومات عن عملاء فيريزون من الحكومة أو الشركات. وسيتم استخدام معظم بيانات الأفراد الأخرى افتراضياً، ولكن في إمكان العميل أن يطلب استثناءه على موقع فيريزون بالشبكة.
وقال جيف ويبر رئيس مبيعات المحتويات والإعلانات في شركة “إيه تي أند تي” إن شركته تدرس طرقاً لبيع وتحليل بيانات العميل لحساب المعلنين مع مراعاة طلب العميل استثناءه من ذلك، غير أن الشركة ليس لديها الآن منتج شبيه ببرمجية فيريزون.
وفي العام الماضي، أثارت شركة اتصالات تليفونيكا الإسبانية ضجة سياسية في ألمانيا على بيع بيانات مجمعة ولكنها قالت لاحقاً إنها لم تخطط لإطلاق البرمجية في ألمانيا حين أعلنت عن عزمها بيع البيانات.
ويجري استخدام خدمة بيانات فيريزون حالياً من قبل فريق فينيكس سنز لكرة السلة بغرض رصد إعداد الجمهور الحضور في مبارياته لأجل زيادة الإعلانات في أماكن لم تف بالتوقعات حسب سكوت هورويتز نائب رئيس الفريق.
كما وافقت إحدى أكبر شركات لافتات الإعلانات في العالم هي شركة كلير تشانل أوت دور هولدينجز على إجراء تجربة خدمة تجميع معلومات دقيقة حسب سوزان جرايمز رئيس كلير تشانل أميركا الشمالية، التي قالت إن الخدمة تتيح لأصحاب شركات لافتات الإعلانات قياس احتمال أن يقوم شخص مار بسيارته بالذهاب إلى المتجر المعلن عنه. وقالت جرايمز: «هذه الصناعة طالما اعتمدت على جذب أنظار الجمهور ولكن الآن نعرف المزيد من المعلومات عن أولئك الناس وسلوكهم وعاداتهم».
أما شركة ساب الألمانية فإنها تعتزم انتهاج طريقة أشمل. وقال جون سيمز رئيس خدمات المحمول بالشركة إن الخدمة ستقوم بالتعرف على أحجام هائلة من البيانات عن الأماكن التي يستخدم فيها الناس أجهزتهم المحمولة ثم تتقاسم إيرادات بيع المعلومات مع شركات الاتصالات التي تقدم تلك البيانات.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر