إذا أردنا أن نعيش ونعمل ونبني مدنا على المريخ يوما ما، فيجب على البشرية أولا أن تتعلم كيفية تحمل الظروف القاسية على سطح الكوكب الأحمر.وسيحتاج رواد الفضاء المتجهون إلى المريخ إلى وقت للاستعداد والتكيف نفسيا مع فكرة العيش على بعد 145 مليون ميل من الأرض، حيث سيواجهون تحديات لا نهاية لها، سواء أكان ذلك شياطين الغبار، أو مستويات الإشعاع، أو تقلبات درجات الحرارة ، أو العام الذي يدوم 687 يوما، وغيرها.
وقد بدأ الاستعداد بشكل جدي لجعل البشر قادرين على التكيف مع طبيعة الكوكب الأحمر قدر الإمكان، حيث قامت ناسا بتصميم موطن محاكاة للمريخ في مركز جونسون للفضاء التابع لها.
ومن المقرر أن يقضي أربعة رواد فضاء من وكالة الفضاء الأميركية عاما كاملا داخل منشأة تبلغ مساحتها 1700 قدم مربع (160 مترا مربعا)، وتتميز بالمناظر الطبيعية القاحلة في هيوستن، تكساس.وتشكل هذه الخطوة جزءا من خطة ناسا لمعرفة تأثير عام انعزال وموارد محدودة على صحة الإنسان.
ويحتوي المنزل الذي يطلق عليه اسم Mars Dune Alpha، على أربع غرف صغيرة وحمامين وصالة ألعاب رياضية ومنطقة استرخاء ذات أرائك، كما يشمل مزرعة عمودية لزراعة السلطة والنباتات.
حاولت وكالة الفضاء الأمريكية بناء المنشأة بشكل يحاكي المريخ قدر الإمكان. ويتضمن ذلك نحو 1200 قدم مربع من الرمال الحمراء التي تقع داخل فقاعة قابلة للنفخ خلف غرفة معادلة الضغط المزيفة.
وقالت الدكتورة سوزان بيل، التي تقود مختبر الصحة السلوكية والأداء في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا: "هذا حقا ظرف صعب. سيُطلب من الأفراد أن يعيشوا ويعملوا معا لمدة تزيد عن عام واحد. لن يتعين عليهم التعايش بشكل جيد فحسب، بل سيتعين عليهم أيضا الأداء بشكل جيد معا".
وستسعى ناسا إلى خلق ضغوط كبيرة على الرواد خلال التجربة، مثل محدودية الموارد، حيث سيتعين على أفراد الطاقم الاتفاق على تخصيص الطعام، على سبيل المثال، أو مثل فشل المعدات.
وحتى نفاياتهم سيحللها علماء ناسا لمعرفة كيف يمكن إعادة استخدام المنتجات في الفضاء.
وسيكون هناك أيضا تأخير في الاتصال لمدة 22 دقيقة بين السكان (الرواد الأربعة) والعالم الخارجي، تماما كما سيحدث مع رواد الفضاء عند التواصل مع الأرض من الكوكب الأحمر.
وسيختبر العلماء بانتظام استجابة الطاقم للمواقف العصيبة، مثل تقييد توافر المياه أو مثل تعطل المعدات.
ولم تحدد وكالة ناسا بعد أعضاء فريق التجربة الأولى التي من المنتظر أن تنطلق في يونيو المقبل.
ومع ذلك، قالت وكالة الفضاء الأمريكية إن الاختيار "سيتبع معايير ناسا القياسية للمتقدمين المرشحين لرواد الفضاء"، مع التركيز الشديد على الخلفيات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
إقرأ المزيد
خريطة تفاعلية مذهلة تتيح لعشاق الفلك استكشاف المريخ بشكل لم يسبق له مثيل
خريطة تفاعلية مذهلة تتيح لعشاق الفلك استكشاف المريخ بشكل لم يسبق له مثيل
ويشار إلى أن الميزة المثيرة للاهتمام حول "موطن المريخ" الذي تم إنشاؤه لثلاث تجارب مخططة تسمى Crew Health and Performance Exploration Analog (CHAPEA)، تم إنشاءه بالطباعة الثلاثية الأبعاد.
وهذا مهم لأن ناسا تبحث في كيفية استخدام هذه التقنيات كإمكانية لبناء موطن على سطح القمر أو كواكب أخرى.
وسيتم السماح للمشاركين بمغادرة التجربة وقتما يريدون، ويتم اختيار رائدي فضاء احتياطيين للحلول محل المغادرين في حالة حدوث ذلك.
من غير الواضح ما إذا كان هؤلاء سيشكلون طاقم رواد الفضاء المتجهين بالفعل إلى المريخ، لكنهم سيكونون مفتاح النجاح لهذا الإنجاز.
وعلى الرغم من أن ناسا ما تزال في المراحل الأولى من التحضير لمهمة المريخ، فإن معظم تركيزها الآن ينصب على مهمات أرتميس القادمة، والتي ستمهد الطريق إلى الرحلات المأهولة نحو جارنا الكوكب الأحمر.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر