القاهرة - المغرب اليوم
أطفال حكمت عليهم الظروف أن يعيشوا طوال حياتهم عاجزين، لا يتمتعون بالحد الأدنى من الحقوق التي يتمتع بها من في مثل سنهم كالحق في الخروج مع الأصدقاء في نزهة، الذهاب إلى المدرسة بمفردهم أو حتى اللعب في النادي ليصبح الكرسي المتحرك رفيقهم الوحيد ومؤنس وحشتهم.
فهم أطفال شاخوا قبل أوانهم، ليس بشيب الشعر وخوار القوى، بل بشلل دماغي كان بمثابة الرصاصة التي اغتالت طفولتهم وحولتها إلى أسوأ تجربة يمكن للمرء أن يعايشها، ليصبح العلاج الطبيعي هو الرياضة الوحيدة يمارسونها بل النشاط الوحيد الذي يخترق حصار العزلة.
أوضح الدكتور محمد عفيفي، ماجستير أطفال ومدرس مساعد بكلية الطب، أن الشلل الدماغي هو ضرر يلحق بمراكز التحكم في الحركة في المخ، وغالبا ما يصاحبه اضطرابات في الإحساس والإدراك والتعرف والسلوك، مشيرا إلى أن هذا المرض ليس وراثيا على الرغم من أن 86 % من الحالات تعتبر خلقية.
وقال عفيفي إن الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالشلل الدماغي تتمثل في الولادة المبكرة، فهي المسئولة عن ثلث حالات الشلل الدماغي، عدم توافق العامل الريزي لدم الأم والجنين، إضافة إلى معاناة الأم خلال حملها من الأمراض كالسكري أو الحصبة الألمانية أو التهاب السحايا، وكذلك تعرضها للإشعاع، وتناول العقاقير دون استشارة الطبيب.
وأضاف أن عدم ملائمة سن الأم للإنجاب يعد عاملا مهما في إصابة الطفل بالشلل الدماغي، ونجد أن نقص الأكسجين أثناء الولادة، استنشاق الغازات السامة، تعرض الطفل للحوادث أو إصابات الرأس أو الأورام والأمراض الخبيثة، يزيد من احتمالية إصابته بالمرض.
وقال عفيفي إن أعراض المرض قد تظهر بعد الولادة مباشرة أو تتأخر عدة شهور، إلا أن هذا المرض يتسم بضعف في قوة العضلة وردود أفعالها، وحدوث مشاكل في التنسيق بين العضلات، مع وجود حركات لا إرادية في العضلات أو رعشة بسيطة، تفضيل استخدام جهة واحدة من الجسم كاللعب بيد واحدة، التأخر في الزحف والمشي، المشي على رؤوس الأصابع أو مشية المقص و تأخر الكلام.
وذكر عفيفي أنه في حالات الإصابة البسيطة يكون الطفل قادرا على استخدام أطرافه الأربعة دون مساعدة دائمة، بينما نجد الطفل في الحالات متوسطة الإصابة محتاجا إلى أجهزة تعويضية وتدريب للمشي، وأيضا علاج طبيعي مستمر، أما في الحالات الشديدة فيكون الطفل عاجزا عن المشي ويعتمد على الكرسي المتحرك في كل تنقلاته.
وأضاف عفيفي أنه يمكن تصنيف الشلل الدماغي حسب الوظيفة إلى عدة أنواع، أولها الشلل التشنجي وهو أكثر أنواع الشلل الدماغي شيوعا، ويمثل 80% من الحالات، ويتسم بوجود عضلات مشدودة ومتشنجة، الأمر الذي يؤدي إلى شعور مستمر بالألم، وقد يتطور إلى التهاب في المفاصل والأربطة.
وأوضح عفيفي أن الشلل المترنح يتسم بوجود ارتخاء ورعشة لا إرادية في العضلات، وتصل الإصابة في هذا النوع إلى منطقة المخيخ، الأمر الذي يفقد القدرة على التوازن والكتابة، وتشكل نسبة الإصابة به أقل من 10%.
وأشار عفيفي إلى أن إصابة الطفل بالصفرا يعد عاملا أساسيا في إصابته بالنوع الثالث من الشلل الدماغي، والذي يعرف تحت مسمى "الشلل الحركي"، حيث يعاني المريض من ارتخاء وتشنج في العضلات، الأمر الذي يجعل من الصعب على المريض تثبيت نفسه في وضعية الجلوس أو استخدام يديه للكتابة.
وأوضح عفيفي أن تشخيص المرض يعتمد على الفحص السريري للطفل، تحليل عينة الدم مخبريا، التصوير الإشعاعي للدماغ المقطعي المحوسب، التصوير الإشعاعي للدماغ بالرنين المغناطيسي، تخطيط الدماغ العصبي، فحص السمع والبصر.
وذكر عفيفي أنه لا يوجد علاج للشلل الدماغي لكن هناك بعض العلاجات التأهيلية الوظيفية التي تمنع حدوث شلل كامل في الجسم، كما يتم اللجوء أحيانا إلى التدخل الجراحي العصبي للتقليل من حدة الألم، وكذلك استخدام الأدوية والمسكنات للسيطرة على التشنجات حال حدوثها، مؤكدا على ضرورة إلمام الأهل بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر