برلين ـ جورج كرم
قرَّرت المستشار الألمانية أنجيلا ميركل الموافقة على طلب تركيا مباشرة ملاحقات جنائية ضد ممثل كوميدي ألماني سخر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكنها أعلنت، في الوقت ذاته، عزمها على إلغاء بند القانون الذي يجيز هذه الإجراءات، ولكن القرار كشف عن انقسامات داخل حكومتها بشأن القرار، كما جعلها مكشوفة أمام منتقديها، الذين اتهموها باسترضاء حكومة أردوغان الاستبدادية على نحو متزايد.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قالت ميركل، التي أثارت جدلًا واسعًا حول حرية التعبير، إن القضاء الألماني وحده يمكنه أن يقرر ما إذا كان الفنان الكوميدي يان بومرمان مدانًا بموجب قانون "الإساءة للذات الملكية" الذي عفا عليه الزمن، كما تعهدت، خلال مؤتمر صحافي يتم تنظيمه على عجل، "بإلغاء هذا القانون بحلول العام 2018 نتيجة لهذه القضية المحرجة".
وبموجب المادة 103 من قانون العقوبات، فإنه لا يمكن تمرير عقوبة إهانة الأعضاء أو ممثلي دول أجنبية دون موافقة الحكومة الاتحادية، وكشف قرار ميركل عن انقسامات داخل حكومتها حول القرار، كما جعلها مكشوفة أمام منتقديها، الذين اتهموها باسترضاء حكومة أردوغان الاستبدادية على نحو متزايد.
وذكرت المستشار الألمانية، للصحافيين في بث مباشر على التلفزيون الوطني، أن الحكومة ستعطي الإذن الصادر في هذه القضية المطروحة، وتصل عقوبة هذا الاتهام إلى 3 أعوام حبس.
وقدمت أنقرة طلبًا رسميًا إلى ألمانيا، الشهر الماضي، للسماح بمباشرة هذه الملاحقات الجنائية بحق الممثل الكوميدي يان بومرمان، الذي اتهم الرئيس التركي بالبوهيمية والاعتداء الجنسي على الأطفال في ما يسمى بـ"قصيدة هجائية"، واعترف بومرمان بابتهاج بأنه خرق الحدود القانونية في ألمانيا بشأن حرية التعبير، ولكنه حافظ على أن يكون أقل ظهورًا منذ اندلاع الأزمة، كما سخر الممثل الكوميدي من قرار أنقرة استدعاء سفير ألمانيا احتجاجًا على أغنية ساخرة أخرى بثت في التلفزيون الألماني تهين أردوغان.
وتعهدت ميركل، الذي وصفت سابقًا قصيدة بومرمان بأنها "تتعمد الإهانة"، بأن يتم دراسة طلب تركيا "بعناية فائقة"، حتى أنها شددت على ضمانات الدستور الألماني لـ"حرية التعبير والأوساط الأكاديمية وبالطبع الفنون"، وقالت إن حكومتها توصلت، بعد نقاش داخلي ساخن، إلى أن القضاء وحده في يده أن يقرر ما إذا كان بومرمان ارتكب جريمة جنائية أم لا.
وأضافت ميركل "في الدول حيث سيادة القانون، ليس من اختصاص الحكومة، وإنما الادعاء العام والمحاكم ، النظر في قضايا حقوق الشخصية وغيرها من الاهتمامات التي تؤثر على الصحافة والحرية الفنية"، كما أكدت أن قرار برلين لا ينص على "حكم مسبق" بمساءلته القانونية، وأن الكلمة الأخيرة في ذلك لـ"النيابة العامة والمحاكم".
وفتح الادعاء الألماني، الأسبوع الماضي، تحقيقًا أوليًا ضد بومرمان، 35 عامًا، بعد شكاوى من عشرات المشاهدين، وتأتي هذه القضية في وقت حرج للغاية بالنسبة إلى أوروبا، التي تعتمد على أنقرة لتنفيذ اتفاق بقيادة ميركل للحد من تدفق المهاجرين عبر القوارب إلى الاتحاد الأوروبي من شواطئ تركيا، وتتعرض ميركل، في هذا الصدد، إلى انتقادات واسعة بأنها تساوم على القيم الأساسية في بلادها للفوز باستمرار التعاون مع أردوغان حول قضية اللاجئين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر