كشفت رئيس التعاونية المغربية "ناجي" للخبز البلدي رقية بوزكري، أنَّ الجمعيّة، التي تأسست عام 2006، لم تقتصر فقط على العمل في مجال الخبز البلدي، بل طوّرت عملها إلى إعداد ورشات مهمة في مختلف المجالات التي تنهض بالمرأة وتجعلها عنصرًا فاعلاً في المجتمع، ليس في مجال محدد فقط، وإنما خصصت أطرًا تكوينية للنساء في مجال الطبخ التقليدي والعصري، إضافة إلى تقديم دروس في محو الأمية، وتدريس القرآن الكريم، إضافة إلى حصص في إعداد الحلويات المغربية التقليدية والعصرية.
وأوضحت بوزكري، ربة منزل تبلغ من العمر 54عامًا، في حديث خاص لـ"المغرب اليوم"، أنَّ "الفكرة لم تكن ضمن مخططاتي، ولا في تفكيري، بل جاءت عبر الصدفة، بعد أن توفي زوجي، الذي كان معيلاً للأسرة، وتعرض لحادث سير أودى بحياته".
وأضافت "لم أجد أمامي مصدرًا للرزق أعيش منه أنا وأولادي، الشيء الذي دفعني إلى العمل في البيوت كخادمة، وكنت ألاحظ أنَّ الموظفات والسيدات، كن يشترين الخبز يوميًا من السوق، هنا فكرت في خوض تجربة إعداد الخبز وبيعه، عوضًا عن العمل كخادمة طوال اليوم مقابل مبلغ بسيط".
وتابعت "قمت بالتجربة الأولى، وجهزت عددًا كافيًا من الخبز البلدي، الذي يسمى باللهجة المغربية (البطبوط)، وطرقت الأبواب لبيعه، إلا أنّ الفكرة لم تنجح في البداية".
وأبرزت "واجهتني صعوبات عدة، وعراقيل على مستوى البيع، وحتى مسألة الثقة، التي كانت تلعب دورًا أساسيًا، إلا أني لم استسلم، كررت التجربة مرات عدة، حتى اكتسبت ثقة معظم النساء، اللواتي شرعت في تلبية طلباتهن اليومية، وساهمن في التعريف بي بين معارفهن وأصدقائهن الذين أصبحوا من زبائني المهمين".
وأشارت رقية إلى أنَّ "تجربتي انتقلت من مرحلة صغيرة إلى الاحترافية، حيث بدأت الطلبات تتكاثر عليّ، ما استدعى البحث عن مساعدة، تلبية الطلبات اليومية، من طرف مختلف العملاء، ليس فقط المغاربة بل حتى الأجانب، الذين يفضلون الخبز البلدي عن الأنواع الأخرى، والذي أصبحت اتفنن فيه، وأعده بنكهات كثيرة، وأعشاب مختلفة، بمساعدة صديقة لي، التي ساندتني في بدايتي، حتى حققنا النجاح معًا، وتقدمنا في هذه المهنة".
وأردفت "أصبح العمل مصدر رزقنا وعيشنا، ومنه قمنا بتربية أبنائنا ومساعدهتم في مدارسهم وحياتهم، ووفرنا لهم كل ما يحتاجون، وكلما كثرت الطلبات وذاع صيتنا إلا ونتفنن أكثر في تلبيتها، عبر تقديمنا أجود الخدمات".
وبيّنت أنَّ "فكرة التعاونية جاءت من أحد العملاء، الذي كان من أكثر المعجبين، ومن أفضل المتعاملين معنا، وكان يعمل في إحدى الإدارات العمومية، واقترح عليّ فكرة تأسيس تعاونية، تعمل في هذا المجال، لاسيما أنه يلقى إقبالاً كبيرًا من طرف الناس، وتكفل بالأمور الإدراية على أكمل وجه، ونظرًا لمساعدته لنا، ودعمه المستمر حتى تأسيس الجمعية، قررت أن اسميها على اسمه، تعاونية ناجي للخبز البلدي، وانطلقت المسيرة التي أصبح عمرها الآن 8 أعوام".
وأشارت إلى أنَّ "التعاونية أصبحت ذائعة الصيت في مراكش وضواحيها، من بين التعاونيات الكبيرة جدًا، ويرجع الفضل في ذلك إلى العمل المتواصل والكفاح الكبير الذي قامت به النساء اللواتي التحقن بالتعاونية، التي أصبحت تحتضن الآن عددًا كبيرًا منهن، غالبهن أرامل وربات بيوت، تعلمن وساهمن في تنمية التعاونية، التي تزودهن بمصدر رزق يساهم في جعلهن كفيلات بمصاريفهن واحتياجاتهن واحتياجات أطفالهن ومنازلهن، دون الحاجة إلى مد اليد إلى الغير، فضلاً عن اكتسابهن خبرة وتجربة مهمة في هذا المجال".
واستطردت "بفضل العمل المتواصل تمكّنا من الحصول على دعم من الدولة في إطار المبادرة الوطنية للتمنية البشرية، الذي ساعدنا كثيرًا في تطوير عملنا، واقتناء آلات حديثة، تساعدنا في عجن وإعداد الخبز، بأنواعه كافة، إضافة إلى اقتناء عدد كبير من المواد التي تزيد من جودة خدمتنا، وتجعلنا نكسب ثقة العملاء، الذين يتقدمون بطلبات لمناسباتهم كافة، سواء الكبيرة أو الصغيرة".
وأكّدت بوزكري أنَّ "التعاونية لم تقتصر فقط على العمل في مجال الخبز البلدي، بل طورت عملها إلى إعداد ورشات مهمة في مختلف المجالات التي تنهض بالمرأة وتجعلها عنصرًا فاعلاً في المجتمع، ليس في مجال محدد فقط، وإنما خصصت أطرًا تكوينية للنساء في مجال الطبخ التقليدي والعصري، إضافة إلى تقديم دروس في محو الأمية، وتدريس القرآن الكريم، إضافة إلى حصص في إعداد الحلويات المغربية التقليدية والعصرية".
وأبرزت أنَّ "ذلك يتم عبر تقسيم حصص الأسبوع على مجموعات عدة، تستفيد منها النساء بعد الانتهاء من حصة العمل اليومي، وهذا ساهم في تقدمنا والنهوض بهذه الحرفة نحو الأمام، ما خوّل لنا فرصة المشاركة في معارض عدة أقميت في مراكش، والمناطق المجاورة لها".
ولفتت رقية إلى أنَّ "هذه التعاونية تعتبر منبع الروح، ومصدر قوتي، لاسيما عندما أرى حماس النساء العاملات فيها، اللواتي صبرن منذ البداية، حتى أصبحت التعاونية ذات مكانة مهمة، يقصدها الجميع، ويطرق بابها كل شخص".
وأضافت "أنا أقولها دائمًا أبوابنا مفتوحة للجميع، ولكل امرأة مغربية ترغب في تطوير نفسها، واكتساب خبرة ومعرفة، فضلاً عن اكتساب دخل أسبوعي يجعلها فخورة بنفسها، لاسيما إذا كانت ربة بيت، التي لها حقوق يجب أن تتمتع بها وتنالها كباقي النساء، فالمرأة المغربية ككل نساء العالم، عنصر نشيط في تحقيق التنمية وتطوير نموذج مجتمعي لمغرب الغد، فهي قادرة على اقتحام قلاع كانت في عداد المستعصية، وتحقق مكاسب جديدة".
واعتبرت أنَّ "أبسط مثال على مكاسب المرأة المغربيّة المجتمعية هو تعديل قانون الأسرة، والإصلاحات السياسية، فضلاً عن تبني نموذج جديد للحكامة المحلية، وولوج عالم الشركات، كما أنها تميزت على الصعيد الرياضي، وحققت نجاحات بارزة للمجتمع المدني، لذلك فالمرأة المغربية هي نصف المجتمع، وبما أنها تربي النصف الآخر فهي المجتمع ككل، لا ينقصها سوى القليل من الاهتمام والتغطية الإعلامية للتعريف بها وبقدراتها، التي اعتبرها خارقة، كونها المرأة التي تجاوزت الحدود المغربية لتصبح عالمية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر