غزة ـ وفا
كشف تقرير حقوقي الاثنين، أنه طيلة سنوات مضت، كانت النساء الفلسطينيات من أكثر النساء معاناة جراء العنف الممارس بحقهن بفعل الظروف الاستثنائية التي يعشن في ظلها، فعدا عن كونهن عرضة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته وما ينجم عنها من تبعات تجبرهن على مواجهة ظروف معيشية بالغة السوء والقسوة، فهن أيضا عرضة لعنف المجتمع المحلي.وصادف الإثنين ، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، وهو اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 1999، في إطار مساعيها الهادفة لوضع حد للعنف الممارس بحق النساء في مختلف أنحاء العالم. وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقرير له، إنه في هذا العام، يحل اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء على الفلسطينيات في ظل تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل عام وفي قطاع غزة على وجه الخصوص. فمن ناحية تتواصل التبعات المأساوية الناجمة عن انتهاج إسرائيل جملة من السياسات العقابية بحق السكان الفلسطينيين وفي مقدمتها سياسة حصار القطاع وتقييد حركة سكانه. ومن ناحية أخرى، تعاني النساء الفلسطينيات ويكابدن في مواجهة مظاهر العنف المحلي الممارس ضدهن.وأضاف أنه نجم عن استمرار سياسة الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة للعام السابع على التوالي، أوضاعا قاسية يواجهها سكان القطاع بمن فيهم النساء، بفعل استمرار فرض القيود على كافة المعابر الحدودية للقطاع، الأمر الذي يؤثر بشكل أساسي على مجمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لنحو 1.6 مليون من سكان القطاع، ويمس المتطلبات اللازمة للحياة اليومية وكافة الاحتياجات الأساسية.وأدى الحصار إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع وارتفاع نسبة العائلات الفلسطينية التي تعيش تحت خط الفقر إلى 38.8%، بينهم 21.1% يعانون من الفقر المدقع، وذلك بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2013.ووفقا لنفس الإحصائيات، بلغ معدل البطالة في الأرض الفلسطينية المحتلة 23.7%، وتتفاوت هذه النسبة لتصل في قطاع غزة إلى 32.5% مقابل 19.1% في الضفة الغربية. أما على مستوى الجنس فقد بلغ معدل البطالة للذكور 20.3% مقابل 37.8% للإناث في فلسطين ويحول التدهور الراهن على صعيد أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دون تمتع النساء الفلسطينيات بحقوقهن المختلفة وفي مقدمتها الحق في مستوى معيشي ملائم، عدا عن أنه يزيد حياتهن تعقيدا وصعوبة كونهن من أكثر فئات المجتمع تضررا وتأثرا بتردي حالة حقوق الإنسان، وهو ما انعكس على حياتهن الاجتماعية وأدى لتفاقم العنف المحلي الممارس ضدهن وفق ما ورد في التقرير.وجاء في التقرير الحقوقي أنه لا تقتصر معاناة النساء الفلسطينيات الناجمة عن الانتهاكات الإسرائيلية على مواجهة تبعات الحصار وآثاره المأساوية، فالنساء أيضا عرضة لأعمال القتل والإصابة والاعتقال، وهن ضحايا لجرائم هدم المنازل وتشريد قاطنيها.ووثق المركز خلال العام الحالي مقتل المواطنة لبنى منير الحنتش، 21 عاما، في حادثة لا يمكن إلا أن تدل على استهتار قوات الاحتلال الإسرائيلي بأرواح المدنيين الفلسطينيين، فبتاريخ 23 يناير 2013، قتلت المواطنة المذكورة عندما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة على أحد الحواجز العسكرية قرب مدخل كلية العروب أعيرتها النارية اتجاه السيارات التي تقل المدنيين الفلسطينيين. أصيبت الحنتش في صدرها ورأسها وتوفيت مباشرة.ووثق المركز أيضا وفاة المواطنة رندا عبد الحافظ القصير، 49 عاما، من سكان رفح، وذلك بتاريخ 27 سبتمبر 2013. وكانت المذكورة قد أصيبت في 1 مايو 2001، برصاصة في ظهرها أثناء تواجدها أمام منزلها في مدينة رفح. تسببت الرصاصة بإصابتها بشلل رباعي ظلت تعاني آثاره طيلة الأعوام المنصرمة. كما وثق المركز إصابة 11 امرأة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وذلك في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية العام الحالي حتى تاريخه.وبين التقرير أنه على صعيد العنف الممارس ضد النساء في المجتمع المحلي، وثق المركز مقتل 9 نساء فلسطينيات في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك منذ بداية العام وحتى اليوم. بين النساء القتلى 3 قتلن على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف، فيما قتلت النساء الأخريات في حوادث تتصل بسوء استخدام السلاح والفلتان الأمني.وذكر أنه تواصلت خلال العام الحالي معاناة النساء الناجمة عن القيود التي يفرضها المجتمع المحلي على النساء وهي قيود سبق وأن عبر المركز في أكثر من مناسبة عن مخاوفه إزاءها. تتعلق بعض هذه القيود بعدد من النصوص الواردة في قانون التعليم رقم 1 لعام 2013، والتي تهدف لتكريس سياسة الفصل بين الجنسين، وتأنيث المدارس بمعنى منع تعيين مدرسين ذكور في مدارس الإناث.عدا عن ذلك، تواصل خلال العام الحالي أيضا العمل بالقوانين المحلية القاصرة والمخالفة لمعايير حقوق الإنسان خاصة تلك المعايير المتعلقة بسن الزواج. وقد لفتت حادثة زواج اثنين من القاصرين في محافظة شمال قطاع غزة مؤخرا الانتباه مجددا لهذه القضية الناجمة عن الخلل المتأصل في القوانين ذات الصلة والتي تتطلب بالضرورة تعديلها بما يضمن تواؤمها ومعايير حقوق الإنسان الدولية. وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ضوء تفاقم معاناة النساء الفلسطينيات، على أن سكان قطاع غزة، وفي مقدمتهم، النساء والأطفال، هم اليوم بأمس الحاجة لدعم ومساندة المجتمع الدولي الذي يقع على عاتقه التزامات عدة في مقدمتها إجبار قوات الاحتلال على احترام حقوق الإنسان والتخلي عن السياسات التي تمس هذه الحقوق أو تنتهكها.كما أكد المركز ضرورة إنهاء الانقسام وتفعيل عمل المجلس التشريعي الفلسطيني كمقدمة لمواجهة العنف المحلي الممارس ضد النساء، ولضمان مواءمة القوانين ذات العلاقة بهن مع المعايير الدولية ذات الصلة.ودعا المجتمع الدولي إلى العمل فورا على الضغط على إسرائيل لإجبارها على احترام حقوق الإنسان والالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق المدنيين، وفي مقدمتها الحصار المفروض على قطاع غزة والذي يحول دون تمتع سكانه بمن فيهم النساء بحقوقهم التي كفلتها القوانين الدولية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر