مع طلوع شمس الصباح في نيودلهي، يتدرب عناصر في وحدة خاصة من الشرطة لمواجهة المتحرشين جنسيا في عاصمة الهند، التي تشهد حوادث اغتصاب جماعي اصابت سمعة البلاد وحركتها السياحية باضرار كبيرة.
وعناصر هذه الوحدة من الشرطة هن من النساء، يرتدين ثياب الكاراتيه البيضاء اللون، ويتدربن على توجيه ضربات للمتحرشين بالنساء في شوارع نيودلهي.
وباتت قضية الاعتداءات الجنسية في الهند قضية وطنية تتصدر الاخبار في هذا البلد منذ عامين، وجعلت البعض يطلقون على مدينة نيودلهي اسم "عاصمة الاغتصاب"، وهو ما دفع الشرطة الى التحرك وانشاء وحدة من النساء المتقنات لفنون القتال.
وتقول قائدة الوحدة بهارتي وادهوا لوكالة فرانس برس بعد الانتهاء من احد التمارين الشاقة على مدى ساعتين مع الشرطيات الاربعين في وحدتها "لن نتساهل مع اي سلوك سيء".
ويطلق المدربون على هذه الوحدة الامنية اسم "ملائكة تشارلي"، اشارة الى ثلاث محققات في مسلسل "تشارليز انجيلز" الاميركي الذي بث في الثمانينات.
وستجوب الشرطيات شوارع نيودلهي متخفيات بثياب مدنية، بغية الايقاع بالمتحرشين، وسيتركز وجودهن في الشوارع المكتظة ومحطات المترو وامام الجامعات، لحماية النساء وتزويدهن بالنصائح.
ويبدي المدرب فيشال جيسوال اعتزازه بطالباته الشرطيات، ويقول "ان تدريبهن يلقي مسؤولية كبيرة على عاتقي، اشعر في هذه المهمة انني محارب في مهمة".
ويعيش في نيودلهي 16 مليون نسمة، وقد ذاع صيت هذه المدينة في العام 2012 حين نزل سكانها الى الشوارع احتجاجا على اعمال العنف المرتكبة في حق النساء.
وكانت شرارة هذا التحرك حادثة الاغتصاب الجماعي التي تعرضت لها طالبة في الثالثة والعشرين من عمرها، واسفرت عن موتها متأثرة بجروحها، وقد اثارت هذه الجريمة صدمة في البلاد، ودفعت السلطات الى تشديد العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسي.
لكن ذلك لم يؤد على ما يبدو الى انحسار هذه الجرائم.
وسجلت شرطة نيودلهي 2069 حالة اغتصاب في العام 2014، في مقابل 1571 حالة في العالم 2013، ويرى البعض ان الارتفاع في عدد الحالات المسجلة يعود في جزء منه الى اقدام النساء اكثر فأكثر على التبليغ عما تعرضن له، رغم ما يفرضه المجتمع من قيود في هذا المجال.
وانشئت وحدة الشرطيات المكافحات للتحرش بدفع من قائد شرطة العاصمة بيم سان باسي الذي شدد على ضرورة حماية النساء منذ توليه مهامه في العام 2013.
ويقول مسؤول رفيع المستوى في شرطة نيودلهي لوكالة فرانس ببس "ان الوحدة الامنية ستنتشر بثياب مدنية في محيط المدارس والجامعات ومحطات المترو، والاماكن الاكثر عرضة لحوادث الاعتداءات الجنسية، حتى تشعر الشابات والنساء انهن محميات".
ولقي تشكيل هذه الوحدة ترحيبا من المنظمات الحقوقية، لكن البعض يتساءل عن مدى فاعليتها فيما عديدها لا يزيد عن اربعين شرطية.
وتقول ماريغانكا دادوال المديرة التنفيذية في منظمة "سلاب" غير الحكومية لوكالة فرانس برس "ينبغي توسيع نطاق هذه التدريبات لتشمل عددا اكبر من الشرطيات".
وتضيف "يجب ان يعلم المتحرشون بوضوح انهم باتوا تحت المراقبة".
واجرت هذه الوحدة بعض الاختبارات في حافلات عامة في شوارع نيودلهي للحديث مع النساء عن مخاوفهن.
ولاحظ مراسلو وكالة فرانس برس ان الطلب على وجود عناصر من هذه الوحدة مرتفع بين النساء.
وتروي ساكشي شارما البالغة 19 عاما "اركب الحافلة للذهاب الى الجامعة..ويرمقني الرجال بنظرات مزعجة".
وتقول "لقد اسعدني ان اعرف بوجود شرطيات معنا لحمايتنا من الرجال المتحرشين".
وتقول مهندسة المعلوماتية شهايا اغاروال الجالسة الى جانبها في الحافلة "بفضل هذا الجيش النسائي، سيكون اهلنا اقل قلقا علينا حين نخرج من المنزل".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر