الماء يُزيد أعباء النساء في جبال الأطلس في المغرب
آخر تحديث GMT 00:45:55
المغرب اليوم -

الماء يُزيد أعباء النساء في جبال الأطلس في المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الماء يُزيد أعباء النساء في جبال الأطلس في المغرب

صورة تعبيرية
الرباط - كمال العلمي

رغم الجهود التي تبذلها السلطات الترابية لتجاوز أزمة شح المياه بالمدن والقرى، فإن فئات عريضة من المجتمع لا تزال تتطلع إلى التخفيف من عبء الظاهرة خاصة بالعالم القروي؛ فقد أصبح الحصول على الماء حلما صعب المنال ومصدر معاناة، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي فرض عليهن نمط العيش تحمّل المسؤولية والخروج لتوفير هذه المادة الحيوية.

المرأة أكثر تضررا من أزمة الماء
في قرى نائية بجبال الأطلس وفي جماعات ترابية تابعة لنفوذ تراب جهة بني ملال خنيفرة، لا تزال أزمة مياه الشرب مطروحة بحدة، بالرغم من أن المنطقة كانت تعدُّ خزانا للفرشة المائية. وتتجلى حدّة الظاهرة بشكل ملحوظ على حياة المرأة والأطفال المنوط لهما تحمل عبء البحث عن الماء الشروب في ظروف صعبة.

نعيمة، أم لأربعة أطفال من جماعة أولاد عياد، قالت إنه بسبب تراجع الفرشة المائية جراء شح التساقطات المطرية أصبح حالُ سكان البلدة مع الماء الشروب صعبا، خاصة بعدما تعثرت، لظروف قاهرة، مبادرات المجلس الجماعي والسلطات الترابية في تجاوز الأزمة.

وأفادت المتحدثة ذاتها، في تصريحها، بأن نسبة كبيرة من سكان البلدة، وخاصة الذين يقطنون بالطوابق العليا، يفكرون في الهجرة نحو مناطق أخرى بحثا عن ظروف عيش أفضل، مؤكدة أن استمرار أزمة الماء لمدة حوالي عام واستنفاد أغلب المبادرات المستعجلة من الدوافع التي جعلت بعض الأسر تفكر في الرحيل نحو المدن السفلى القريبة منها.

وتابعت نعيمة أن نساء البلدة يضيّعن في عملية جلب مياه الشرب وقتا طويلا؛ بدءا من رحلة الذهاب من المنازل والإياب من مكان الصهاريج، ثم الانتظار بعض الوقت حتى يحين الدور نظرا لكثرة الطلب. كما أن أغلبهن يعشن الأسى ويتطلعن إلى مبادرات أكثر نجاعة لتجاوز هذا الوضع الذي يأخذ من وقتهن الكثير، مثلما يمنعهن من ممارسة أشغال أخرى خارج البيت.

أمل عودة مياه الصنابير
الأم لأربعة أطفال والقاطنة بجماعة أولاد عياد قالت إن “سكان هذه البلدة، وأعني هنا النساء المنوط لهن تدبير هذه المهمة، يأملن في أن يعود الماء إلى صنابير المنازل وليس الزيادة في عدد الصهاريج للتخفيف من طوابير الأمهات والأطفال”، لافتة إلى أن جلب الماء من المسؤوليات الجديدة التي باتت تنغص على المرأة حياتها.

من جانبها، قالت إكرام، وهي طالبة مجازة تقطن بحي تودمرين: “إننا لا نحتاج لنبرهن على حجم المعاناة التي طالت ساكنة البلدة بسبب هذه الأزمة؛ فطوابير النساء وازدحام عرباتهن المدفوعة بكل الأزقة جزء من هذا المشهد اليومي الذي بات يؤثث كل الأحياء بالجماعة الترابية”، معربة عن أملها في أن “تجود السماء بغيثها حتى يعمّ الخير من جديد”.

وتابعت الطالبة، التي كانت تحمل عبوتين فارغتين من فئة خمسة لترات، إن “صنابير منازلنا نضبت من الماء، وتوفير الماء بهذا الشكل للساكنة يزيد من معاناة عامة الناس وخاصة النساء والأطفال”.

وشددت على “أننا نقاسي كثيرا في هذه القرية من ندرة الماء، ونحن معشر النساء نقضي أوقاتا طويلة من أجل ملء بضعة لترات لا تفي بحاجياتنا اليومية”.

حق الولوج إلى المياه
في السياق ذاته، طالبت فعاليات جمعوية ونشطاء باعتماد حلول واقعية تتماشى مع التدابير التي وضعتها الدولة لحل أزمة الماء ببعض المناطق التي تأثرت بالجفاف، للحد من معاناة النساء والأطفال ببلدة أولاد عياد وببعض القرى الجبلية المجاورة.

وعبر مدونون من البلدة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عن أملهم في أن يتم العمل على تأمين حاجيات سكان المنطقة من هذه المادة الحيوية من مياه سد بين الويدان القريب من البلدة، مشيرين إلى أن النساء يعانين كثيرا من عمليات جلب الماء، رغم انتشار الصهاريج ونقط الماء بكل الشوارع والأزقة.

ويتطلع هؤلاء النشطاء إلى التدبير الأمثل للطلب، وأخذ إشكالية ندرة الماء بأولاد عياد بالجدية اللازمة، مشيرين إلى أنه بقدر ما “أن الماء يبقى ملكا عاما للدولة، ولا يمكن أن يكون موضوع تملك من طرف جهة ما بقدر ما هو حق للجميع”.

ومما جاء في تدوينة: “أنه دون البحث عن حلول معقولة تكفل للمرأة حق الولوج إلى المياه، ستذهب جهود المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية والمؤسسات المتدخلة في التنمية المحلية في توفير العديد من المرافق الأساسية وتأهيل الجماعة سدى، في ظل شبح الهجرة الذي بات يتملك بعض الأسر”.

وفي الشأن ذاته، ذكرت دراسة بحثية إلى أنه “إذا كانت مختلف الفئات الاجتماعية معنية بالانعكاسات السلبية لضعف وتدهور جودة المياه، فإن المرأة على وجه الخصوص تبقى العنصر المتضرر أكثر من هذا الوضع الذي يزيد من معاناتها وإثقال كاهلها في تأدية الأدوار المنوطة بها اجتماعيا فيما يخص جلب الماء واستعمالاته المنزلي”.وتحدث سعيد انميلي، نائب برلماني عن الفريق الاشتراكي، في هذا الصدد، عن مشكل الولوج إلى الماء الصالح للشرب بالعالم القروي، مسجلا أن ساكنة البادية، وخصوصا المرأة والفتاة، تقطع مسافات طويلة من أجل جلب برميل ماء، كي تسقي عائلتها وبهائمها التي هي مصدر العيش الوحيد.

تداعيات الصيف
من جهتهم، عبر مواطنون، في تصريحات متطابقة ، عن تخوفهم من أن يبقى الوضع على حاله إلى حين حلول فصل الصيف، حيث تكبر حجم المعاناة بالنسبة للنساء اللواتي تقع عليهن مسؤولية توفير الماء ويصبح الوضع أكثر قساوة وأشد ألما، بسبب تفاقم درجات الحرارة وتزايد الإقبال على الماء.

كما حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقرير له، من أن حالة ندرة المياه في المغرب باتت مقلقة؛ لأن الموارد المائية تقدر حاليا بأقل من 650 مترا مكعبا للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب في سنة 1960، وستنخفض عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030. ولفت التقرير ذاته إلى أن التغيرات المناخية يمكن أن تتسبب في اختفاء 80 في المائة من موارد المياه المتاحة في المملكة خلال الـ 25 سنة المقبلة.

تدابير طموحة
وللتخفيف من عبء هذه الأزمة، اتخذت الدولة، ممثلة في الوزارة المعنية بالماء، تدابير وإجراءات عديدة في هذا الإطار؛ من ضمنها العمل على تسريع أعمال تزويد المراكز القروية انطلاقا من منظومات مائية مستدامة، في إطار المخطط الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي (2020-2027)، وتقوية عمليات استكشاف موارد مائية إضافية، عبر إنجاز أثقاب لاستغلال المياه الجوفية، إلى جانب الاقتصاد في استعمال الماء والحد من الهدر، خصوصا بقنوات الجر والتوزيع.

واستنفرت المصالح الحكومية المختصة أجهزتها لبدء حملات توعية لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية، وتزويد المراكز و”الدواوير” التي تعاني من شح الموارد المائية والبعيدة عن المنظومات المائية المهيكلة عن طريق شاحنات صهريجية، ووقف سقي المساحات الخضراء بواسطة الماء الشروب واللجوء إلى استعمال المياه العادمة المعالجة حال توفرها.

كما خصصت الوزارة، في الإطار ذاته، ميزانية تقدر بـ1153 مليون درهم (حوالي 120 مليون دولار)، من أجل تمويل برنامج استعجالي تكميلي، يهمّ إنجاز سدود تلية وسدود صغرى، وتأجير وشراء شاحنات صهريجية، وتثبيت محطات متنقلة لتحلية مياه البحر والمياه العادمة.

أما على المستوى الجهوي، فقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير من أجل الاقتصاد في الماء؛ من بينها منع زراعة البطيخ بكل أنواعه في المناطق المسقية والبورية، والحد من زراعة بعض الخضروات المستهلكة للمياه كالجزر، وتشجيع الزراعات الاستهلاكية كالشمندر السكري والبذور المختارة وكلأ الماشية المنتجة للحليب، وتشجيع التحول إلى السقي الموضعي لحماية الأشجار المثمرة. كما تم التأكيد على القيام بحملات تحسيسية واسعة النطاق حول الاقتصاد في الماء وترشيد استعماله داخل الإدارات والمباني الحكومية، وكذا بمؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات ذات الصبغة الصناعية، من أجل النجاعة المائية وتفعيل الاختصاصات الموكولة لشرطة المياه.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وزارة الفلاحة المغربية تؤكد أن التساقطات المطرية تُبشر بموسم جيد ومخزونات السدود تتجاوز 30 في المائة

أمطار غزيرة تنعش الزراعة والسدود في المغرب بعد سنوات عجاف

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الماء يُزيد أعباء النساء في جبال الأطلس في المغرب الماء يُزيد أعباء النساء في جبال الأطلس في المغرب



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib