أبو ظبي - وكالات
في أوج ثورة التكنولوجيا والاتصالات، هل نرى في القريب انحساراً لعصر القلم والدفتر، ليبدأ فجر جديد، يكون فيه التعليم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟
رئيس جامعة حمدان بن محمد الإلكترونية الدكتور منصور العور يتوقع خلال 6 سنوات مقبلة انتشار التعليم الإلكتروني بشكل كبير، وانحسار دور الجامعات والتعليم التقليديين.
العور يرى أن التعليم اليوم على الهاتف وليس على اللابتوب والديسك توب، «أنا أتابع مشاكل طلابي عبر الهاتف واقوم بالرد عليها، فاليوم الجامعة اصبحت في الجوال. التعليم الإلكتروني هو التعليم عبر الوسائط الإلكترونية، فنسبة الامية في وطننا العربي تبلغ نحو 40 في المئة ونستطيع ان نصل اليهم عبر الموبايل».
ويؤكد العور أن العلم والتعليم يجب ان يكونا الحصان والعربة هي الاقتصاد وليس العكس، يجب ألا نضع العربة أمام الحصان. فاليوم الاستراتيجية الموجودة بين الجامعات ومؤسسات القطاع الخاص يجب أن تكون شراكة قوية في طرح مادة ومنتج جديد.
ويحذر العور اهل التعليم من ان هناك جيلا مقبلا سيتفوق عليهم، أنا متفائل جدا بالعالم العربي، لأن الجيل المقبل هو من سيقود العملية، وفيما يأتي نص الحوار:
- جامعة حمدان بن محمد الإلكترونية هي أول جامعة افتراضية للتعليم عن بعد في المنطقة العربية، وقد حظيت بترخيص من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الامارات.
أسست الجامعة في 2002، وأطلقها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لاعادة هندسة التعليم، إذ ان التعليم الإلكتروني هو تعليم عن بعد، وبالتاكيد ليس كل تعليم عن بعد هو تعليم إلكتروني، إذ من الممكن أن يكون التعليم عن بعد تعليما تقليديا.
• ما الفائدة التي ترونها في التعليم الإلكتروني؟
- التعليم الإلكتروني يعيد هندسة المفردات الاربعة في التعليم، وهي المعلم والطالب والمنهاج والبيئة التعليمية بمفردات جديدة. بمعنى ان الطالب اليوم يتلقى التعليم عن طريق التلقين. أما في التعليم الإلكتروني، فيعرف الطالب بانه محط الاهتمام وهو في «كرسي القيادة».
المعلم سيصبح مرشدا وموجها وهو الدور الاصعب، أما البيئة التعليمية فمختلفة تماما فلا داعي للقراطيس التعليمية ابدا والدور هنا للانترنت.
نحن في الجامعة صنفنا متعلمينا إلى أنواع: دارسون غير منتظمين، ودارسون منتظمون، ودراسون تنفذيون.
• انتم الآن جامعة إلكترونية، هل تقدمون شهادات البكارليوس والماجستير والدكتوراه؟
- نعم الجامعة تمنح شهادات الماجستير والدكتوراه، لانها جامعة مرخصة من قبل الحكومة الاماراتية، وليست جامعة منطقة حرة، ويستطيع الطلبة في أي منطقة في العالم ان يتواصلوا مع الجامعة، فلدينا طلبة من تركيا وكازاخستان ومن دول مجلس التعاون الخليجي.
لدينا طلاب يدرسون وهم في رحل البر والقنص، واخرون يدرسون على ضوء الاي باد، حتى في المقاهي.
• ما سبب وجودكم في الكويت؟
- أنا في الكويت لاطلاق مثل هذه الخدمة من شركة زين للاتصلات، وهي التجربة الاولى في الوطن العربي، التي ستنطلق من ارض الكويت والامارات.
نحن هنا من أجل التعليم الإلكتروني المجتمعي «cloud cambess»، وهنا لابد من شكر شركة زين للاتصلات لسبقها الشركات الاخرى الخليجية في دعم بناء المجتمع المعرفي، حيث من الممكن أن أوفر وسيلة تعليم عبر وسائل الاتصال المجتمعي (فيسبوك) لجميع الفئات العمرية.
التعليم لم يعد حكرا على فئة معينة. نحن العرب يجب ان ندعم هذا التعليم، لانه عز لنا، فالتعليم الإلكتروني يعتمد على المعرفة، ونحن نمتلكها لمنافسة الغرب والشرق.
اليوم شركة زين مع جامعة حمدان مع «جلوبل ليرنينغ» يوفرون قاعدة معرفية للتواصل، فالتعليم الإلكتروني اصبح منافسا رئيسا على مستوى اميركا الشمالية واوروبا بما يعرف بـ «MOX» «حصص إلكترونية متخصصة».
• انت تقول ان «cloud cambess» يتم عبر التواصل الاجتماعي، حبذا لو تعرفنا بآلية الدخول.
- المشروع قائم على فكرة تطبيق إلكتروني «application» يقوم بتحميله اي شخص على الفيسبوك ويدرس من خلاله، عن طريق حسابه الشخصي، ويحتاج إلى رمز سري وحساب ينطلق منه المتعلم.
وعند الدخول ستجد مكتبة إلكترونية فيها ثلاثة ابواب، الأول لطلبة المدارس من الصف الرابع إلى الثاني عشر، والباب الاخر هو من أجل اللغات، أما الباب الثالث فهو من اجل اولياء الأمور وطبقات المجتمع كافة، من البالغين والمديرين لتطوير مهاراتهم الحياتية والادارية.
وطريقة التدريس للمواد تتم عبر طريق مقاطع فيديو ملفات صوتية واختبارات. فالمدرس عبارة عن صوت تعليمي يأخذ بيد المتعلم خطوة خطوة «أشبه بدرس خصوصي»، والذي يميز هذه الطريقة من التعليم هو الدعم الاكاديمي الذي يتيح للمتعلم امكانية توجيه الاسئلة لمشرف المادة الذي توجد صورته أمام المتعلم.
التعليم الإلكتروني فلسفته قائمة على التفرد في التعليم، ليس تدريس المجموعات، بل تدرس الشخص نفسه الذي يحتاج إلى شيء معين، وله امكانية اختيار المعلم.
• هل هذا التعليم يمنح شهادة أم فقط للمساندة؟
- التعليم الإلكتروني المجتمعي هو تعليم غير نظامي، يأتي مسانداً لطلبة المدارس، التعليم اليوم يشتكي من ظاهرة الدروس الخصوصية التي تثقل كاهل الوالدين في دعم عملية التعليم رغم دعم الدولة لهذه العملية، التعليم الإلكتروني اليوم كسر جميع هذه الأطر.
تكلفة التعليم الإلكتروني شهرياً نحو 4 دنانير فقط، تحصل من خلاله على مكتبة إلكترونية كاملة، فيها مناهج عالمية (كامبردج) أكثر من 20 دولة، ومن مؤسسات معروفة في أميركا واوروبا والشرق الأقصى، وهو ما يعني أن مناهج الجامعة معتمدة.
• بعد دخول «زين» كشريك استراتيجي في هذا المشروع ماهي طريقة الاشتراك؟
- المشروع أطلقناه للمؤسسات فقط، وليس لعامة الناس، شركة زين ستوفر هذا النوع من التعليم لـ 800 ألف من عملائها ومن ثم للجميع، سيتاح الأمر مجانا لمدة شهر، ومن ثم يقوم المشترك بدفع الرسوم.
• ما آلية تقييم المتعلم؟
- الطالب هو من يقيم نفسه، المتعلم يأخذ مجموعة كبيرة من الأسئلة، واذا لم يفهمها يقوم بسؤال المدرس الذي أمامه، ومن ثم يتم تقييمه عن طريق نسبة الأجوبة الصحيحة.
المدرسون موجودون، لان الفيسبوك حساب شخصي، وهم يراقبون العملية لكي لاتصبح الامور عبثية.
اليوم نحاول تغيير نظرة المجتمع للفيسبوك من مجرد تصفح ودردشة ومشاهدة مقاطع الفيديو إلى محطة تعليمية.
المحتوى التفاعلي لطلاب المدارس، يقوم بطرح اسئلة ويعمل على تصحيحها، ويمنحك امكانية تصحيح الاخطاء، واذا لم يعرف فيقوم باعطائه الاجوبة الصحيحة، وهو تقييم شامل مثل الجودة الشاملة.
• هل هناك فرق بين التعليم النظري والعملي؟
- التعليم العملي يقوم بتغطيته عبر الفيديو، يقوم بشرح الفكرة، ثم يقوم بطرح الاسئلة لمعرفة مدى استيعاب المتعلم للفكرة، اذا لم يستوعبها يقوم من جديد بشرحها، وبالتالي التعلم اليوم انتقل إلى التفاعلية.
طلبتنا تعودوا على التلقين، ولم يتعودوا على اخذ رأيهم في أي شيء.
التعليم اليوم هو تعليم الاقران، كما كان يحدث في السابق، عندما يكون هناك طالب ذكي، فالجميع يذهب اليه لكي يُدرسهم، لانه الاقدر على ايصال الفكرة، هذا النظام يتيح المجال للطلبة المتميزين لكي يتحولوا إلى مدرسين للمواد التي يتفوقون بها.
• ماذا ستثري مخرجات هذا التعليم سوق العمل؟
- القضية الاساسية، في اعتقادي الشخصي، ان السؤال معكوس. دائما وأبدا التجار دفعوا الناس إلى النظر بان السوق سيقود التعليم، ومن المفروض ان يقود العلم السوق.
السوق منذ 4 سنوات سقط اين ذهب التعليم؟ اليوم هذا النوع من التعليم سيوفر قاعدة اقتصادية في العالم العربي، لم تخطر على بال أحد.
نريد ان نبني الكفاءات والقدرات في الوطن العربي، وهي تبنى في اماكن عملها.
لن تحل المشكلة الا اذا خططت الجامعات استراتيجيا.
اذا جاء رئيس مؤسسة مقتنع بالاقتصاد القائم على المعرفة، وطرق ابواب الجامعات وهم قلة قليلة لا تكاد تذكر في عالمنا العربي، والغالب الاعم المثل العربي «العلم يؤتى» وليس نهج جامعة حمدان ونحن نقوم بطرق أبواب المؤسسات.
اليوم الاستراتيجية الموجودة بين الجامعات ومؤسسات القطاع الخاص يجب أن تكون شراكة قوية في طرح مادة ومنتج جديد. العلم والتعليم يجب ان يكون الحصان والعربة هي الاقتصاد وليس العكس، يجب ألا نضع العربة أمام الحصان.
• متى تتوعد انتشار هذا النوع من التعليم في المنطقة؟
- انا اشبه التعليم الإلكتروني بالأخوبن رايت اللذين أسسا الطيران في عام 1902، اول طيارة عبرت المحيط الاطلسي من اميركا إلى اوروبا في عام 1928، ولم تظهر الطائرات التجارية الا في عام 1958. وهذا الامر لم يكن في زمن التكنولوجيا والتطور الموجود حالياً.
خلال 6 سنوات من اليوم سيكون لهذا العلم انتشاره الكبير، وسنضحك على التعليم التقليدي والجامعات التقليدية.
أخاطب وزارات التعليم العالي في الدول العربية ان يطرحوا هيئات الاعتماد الاكاديمي التقليديين الموجودين داخل هيئة الاعتماد الاكاديمي لانهم يأخرون تقدم الدول العربية، هؤلاء هم عقبة أمام انطلاقة التعليم.
ادعو جميع الدول العربية للاطلاع على تجربة الامارات العربية المتحدة الثرية، في التعلم الإلكتروني المنتظم بقواعد واسس التعليم. لانها مؤطرة بإطار الجودة والاعتماد التعليم العالي.
• لكن معظم الدول العربية تشتكي من وسائل الاتصالات (الانترنت)
- التعليم اليوم على الهاتف وليس على اللابتوب والديسك توب، أنا اتابع مشاكل طلابي عبر الهاتف واقوم بالرد عليها، اليوم الجامعة اصبحت في الجوال. التعليم الإلكتروني هو التعليم عبر الوسائط الإلكترونية. نسبة الامية في وطننا العربي 40 في المئة ونستطيع ان نصل اليهم عبر الموبايل، لكن هذه المسألة تحتاج إلى قيادات جريئة.
نحن نفتخر في الامارات بمحمد بن راشد، استغرفت فترة التجربة 11 عاما بأيد عربية محلية لم نستعن بأجانب.
• ما مصدر الكوادر؟
- الكوادر محلية، في اي دولة تنتشر فيها التجربة، نحن نوفر اقتصادا في ارض البلد، «ان لم تستطع ان تذهب إلى الجبل فنحن نأتي به إليك»، ففي الكويت كوادرها الكويتية، وفي الامارات كذلك محلية.
نحن نحتاج الان إلى دعم العقول العربية في تطوير هذه العملية.
الطلبة يُمَثلون حالياً في مجلس جامعة حمدان، في البداية كان هناك اعتراض من قبل الدكاترة، لانه المقصود بالعملية.
فليحذر اهل التعليم من ان هناك جيلا مقبلا سيتفوق عليهم، أنا متفائل جدا بالعالم العربي، لان الجيل المقبل هو من سيقود العملية، نحن نعتبر محفزين لمثل هذا النمط من التعليم.
وأرى أن أجرأ وزير تعليم عالي عربي هو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم والعالي والبحث العلمي السابق في دولة الامارات، الذي سبق نظراءه بالاعتراف بالتعليم الإلكتروني في 2005.
جهود عربية ضعيفة
في التعليم الإلكتروني
قال الدكتور منصور العور ان هناك جهودا كانت موجودة في العالم العربي في موضوع التعليم الإلكتروني، لكنها لم تحظ باعتراف من هيئات الاعتراف الاكاديمي في الدول العربية، ومازالت هذه الهيئات التعليمية تتقدم خطوة وتتراجع 10 اخرى في عملية الانطلاق نحو هذا النوع من التعليم.
الجامعات العربية لا تساهم
في بناء الاقتصاد الوطني
أكد العور أن الجامعات العربية لم تعد تساهم في بناء الاقتصاد الوطني، فبناء الاقتصاد يحتاج إلى بناء كفاءات وقدرات، والجامعات اليوم تخرج أفواجا من البطالة، لانها ابتعدت عن دورها الاساسي في بناء الكفاءات.
يجب ان تتنازل الجامعات عن كبريائها قليلا وان تنزل إلى مؤسسات القطاع العام والخاص، وتسألهم عن احتياجاتهم، فعندما ينزل الدكتور إلى أرض الميدان ويرى الواقع فانه سيقوم بتطوير القدرات المطلوبة لخدمة السوق، الجامعات جالسة في هذه الايام في ابراج عاجية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر