لم يكن محبوب جعفري يعرف اصلا ما هي المدرسة، حين وصل الى اندونيسا هربا من الاضطرابات في بلده افغانستان، لكنه اصبح الآن مدرسا في مؤسسة تعليمية فريدة من نوعها تعنى باللاجئين الآتين هربا من مختلف اصقاع العالم.
يبلع محبوب من العمر 19 عاما، وهو واحد من اللاجئين الكثيرين الذين غيرت هذه المدرسة حياتهم.
تأسست هذه المدرسة على يد لاجئين، وهي مخصصة للاجئين، وتعنى بالاطفال الوافدين الى اندونيسيا هربا من بلدانهم، لتؤمن لهم الدراسة الى ان تتحدد وجهتهم النهائية في رحلة اللجوء.
يقول الفتى العراقي علي رياض البالغ من العمر 14 عاما "حين وصلت الى اندونيسيا قبل سنوات، لم اكن اتخيل اني قادر على العثور على مدرسة كهذه".
ويضيف متحدثا لمراسل وكالة فرانس برس "اود ان اتابع دراستي ثم اصبح طبيا اساعد الناس".
في اذار/مارس الماضي احتفلت المدرسة بالذكرى الاولى على تأسيسها. وقد اصبحت مصدر اعتزاز للمهاجرين في سيساروا، المدينة التي كانت في ما مضى محطة اساسية للمهاجرين غير الشرعيين الى استراليا.
يعمل في المدرسة عشرون متطوعا هم ايضا من اللاجئين، يعلمون 58 تلميذا تراوح اعمارهم بين السادسة والثامنة عشرة، الرياضيات واللغة الانكليزية والمعلوماتية والفنون.
وفي المدرسة ايضا مكتبة تقرض الكتب للتلاميذ، وملعب كرة قدم يفتح ابوابه في وقت استراحة الغداء.
- "من الصفر" -
حين يترك التلاميذ المدرسة بعد الظهر، يأتي اليها اهلهم، ليتعلموا فيها اللغة الانكليزية، وهي لغة لا بد من تعلمها لمن يريد الهجرة الى كندا او نيوزيلندا او الولايات المتحدة.
يبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى الامم المتحدة في اندونيسيا 13 الفا و745، من بينهم الفان و700 طفل وفتى في عمر التعليم المدرسي.
معظم تلاميذ المدرسة من افغانستان وايران وباكستان وسريلانكا، يجري توزيعهم على الصفوف بحسب الاعمار والمقدرات، بحسب ما يروي عباس الحسيني، احد مؤسسي المدرسة، لمراسل فرانس برس.
ويقول "بعضهم لم يدخلوا مدرسة من قبل، بدأوا معنا من الصفر" مشيرا الى تلاميذ يتلقون حروف الابجدية مع معلمهم الافغاني.
يرى المتطوعون في هذا المشروع انه يزيل عنهم الملل والقلق، فما ان يتسجل الواحد منهم في الوكالات المعنية باللجوء، يمنع عنه السفر ولا يمكنه ان يتابع دراساته.
في هذه المدرسة تلقى محبوب جعفري دروسه الاولى في حياته، بعد ما فر من افغانستان حيث قتل عمه على يد مسلحين من حركة طالبان.
ويقول "لا عمل، ولا شيء هنا غير لعب كرة القدم.. هذه المدرسة فرصة كبيرة، وعلى كل لاجئ ان يستفيد من وقته هنا، لانه لن يجد شيئا مشابها لها في ما بعد".
- فرصة لم تكن في الحسبان -
يتابع عدد آخر من اللاجئين برامج تعليمية اطلقت في اربع مدارس في المدينة، كلها تتلقى مساعدات من منظمات خيرية اجنبية تتكفل بالبناء المدرسي وبعض النفقات، لكن الباقي يتحمله مجتمع اللاجئين في المدينة.
في مدرسة سيساروا، يهتم اهل التلاميذ بشؤون الطعام وصيانة الحرم المدرسي، فيما يهتم الشباب المتطوعون بالتدريس والادارة والمسائل المالية.
ومع هذا النجاح الكبير، اصبحت المدرسة مكتظة بالتلاميذ، حتى ان 12 فتى ما زالت اسمائهم على قائمة الانتظار، لقبولهم في حال تمكنت المدرسة من انجاز اعمال توسعة الصفوف.
يدرك المشرفون على المدرسة انهم في وقت ما سيغادرونها ويمضون الى وجهتهم في الهجرة، وان غيرهم سيحلون محلهم.
فأحد مؤسسيها نال اللجوء في الولايات المتحدة قبل شهر، وبعد ايام او اسابيع يغادر واحد آخر الى استراليا مع عائلته، لكنهم يبقون جميعا على اتصال.
تقول التلميذة الافغانية سوني ساماندري البالغة من العمر 13 عاما "هذه المدرسة مرحلة مهمة وفرصة لم تكن في الحسبان..آمل ان تبقى دائما"..وهي تستعد للمغادرة مع عائلتها الى الولايات المتحدة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر