الرباط - المغرب اليوم
نحو بلاد الشمس المشرقة اختاروا الرحيل، هم طلبة مغاربة من مختلف الشعب والتخصصات ضاقت بطموحاتهم معاهد وجامعات الوطن، وساروا على درب المقولة الشهيرة “اطلبوا العلم ولو في الصين”، مع تحوير بسيط قادهم إلى الجارة اليابان، بلد التكنولوجيا والعجائب العلمية.
متابعة الدراسة الجامعية في اليابان تمر عبر طرق عدة؛ أبرزها برنامج “ABE Initiative” الذي تضعه الوكالة اليابانية للتعاون الدولي أمام الطلبة المغاربة، وهو البرنامج الذي يأتي في إطار مخطط شامل للحكومة اليابانية من أجل تأهيل وتكوين كفاءات مغربية باليابان وإعادتهم إلى المغرب من أجل منحهم زمام الأمور في تدبير المقاولات والاستثمارات اليابانية بالمملكة.
ومنذ 2013، سنة إطلاق البرنامج الياباني لاستقبال الطلبة المغاربة، تشير الأرقام التي كشف عنها السفير الياباني في الرباط، على هامش لقاء تأطيري لفائدة الفوج الحالي المغادر إلى إمبراطورية اليابان، أن 160 طالبا مغربيا سافروا إلى هناك من أجل استكمال مشاريعهم العلمية في مختلف الشعب خلال ثلاث سنوات.
وعادة ما نسمع عن شباب كثر قرروا متابعة تحصيل العلم في بلدان أوروبية قريبة، كفرنسا على وجه التحديد، أو إلى بلاد العام سام؛ حيث الكل يحلم بأن يدرس في جامعات يراها فقط في الأفلام الأمريكية، إلا أن مجموعة من الشباب اختاروا مسارا مختلفا لأسباب متباينة.
فضول..
شيماء الورديغي، مهندسة صناعية حاصلة على دبلوم المدرسة المحمدية للهندسة، وواحدة من الشباب الذين حجزوا لأنفسهم مقعدا في إحدى الجامعات اليابانية، قالت إن “الفرصة التي يوفرها برنامج الوكالة اليابانية للتعاون الدولي لا تعوض، فاليابان بلد جد متقدم، ومعروف بتنميته وصرامة شعبه”، مضيفة: “فضولي يدفعني إلى معرفة ماذا يحدث في هذا الجزء من العالم”.
وحول الصعوبات التي يمكن أن تعترض الطلبة المغاربة هناك، قللت الورديغي من حجمها، موضحة، في تصريح لهسبريس، أن “الماستر الذي سجلت فيه سيكون باللغة الانجليزية التي تعد لغة عالمية. أما بالنسبة للثقافة، فلن تكون حاجزا على اعتبار أن الدافع من وراء الذهاب إلى هناك هو في حد ذاته اكتشاف ثقافة جديدة”، تقول شيماء.
الوصول إلى اليابان من أجل التحصيل العلمي يتطلب سنة من الإجراءات “الطويلة”، على حد تعبير الطالبة المغربية التي كشفت أن مدة تجميع الوثائق المطلوبة واجتياز الامتحانات الشفوية والكتابية “تدوم سنة كاملة، تواكبنا عبرها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي في كل مرحلة على حدة”، تضيف المتحدث ذاتها.
أحلام الصبا
هشام أوتيزغي، طالب آخر قاده حلمه إلى بلاد الشمس المشرقة التي زارها السنة الماضية كسائح لينسج معها علاقة حب ستستمر لثلاث سنوات قادمة هي مدة التكوين هناك في إحدى الجامعات اليابانية، وبالضبط في إحدى شعب التسويق والتواصل، يتحدث بشغف عن اليابان، ويقول: “أنا أعشق الثقافة اليابانية منذ الصغر، وأريد العيش هناك، وهذا ما سيحصل”.
هشام، الحاصل على دبلوم في الماركتيغ والتواصل وأحد الشباب المستفيدين من برنامج “ABE Initiative”، كشف عن مراحل تقديم ترشيحه، في مقدمتها “تقديم الدبلومات وكشف النقاط، تلتها مرحلة اجتياز امتحانات في اللغة الانجليزية والرياضيات، بعد ذلك يتم إجراء مقابلة مع مسؤولين عن (Jica) والسفارة اليابانية”، أما “المرحلة الأخيرة، فتتم عبر إرسال ملفات الطلبة إلى الجامعات هناك لتقوم بعملية الانتقاء بناء على معايير النقط والدبلومات المحصل عليها”، يورد المتحدث ذاته.
“تم إطلاعنا، خلال آخر ورشة نظمتها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي لفائدة فوج يضم 28 طالبا، على الإجراءات والخطوات التي ينبغي علينا إتباعها منذ هذه اللحظة حتى الوصول إلى اليابان”، يقول هشام الذي أضاف: “الوكالة ستتكلف بكل شيء خلال مقامنا هناك”.
استشراف المستقبل
بلغة واثقة تحمل الكثير من معاني الطموح، تحدث أنس العمراني، الحاصل على دبلوم في هندسة البرمجيات وأحد أفراد المجموعة المقبلة على السفر نهاية الشهر الجاري إلى اليابان، “اخترت أن أقوم بماستر في الطاقة باليابان التي تعد رائدة في هذا المجال، خاصة وأن المغرب يعيش ثورة على صعيد الطاقات المتجددة، وهذا المجال سيكون مهما للغاية في المستقبل القريب”، مضيفا أن “الشركات اليابانية ستأتي إلى المغرب للاستثمار في هذا المجال، وستكون بحاجة إلي شباب أمثالنا”.
النظرة المستقبلية ليست وحدها التي دفعت أنس إلى حزم حقائبه والرحيل إلى بلاد “التكنولوجيا المتطورة”، بل أيضا، كما جاء على لسانه، “إرادة متجذرة لتحقيق حلم الطفولة” الذي لطالما دعاه إلى الرحيل صوب تلك البلاد البعيدة.
وحول صعوبة الاندماج في مجتمع مختلف بثقافة فريدة، أكد المتحدث ذاته أن “الثقافة واللغة لا تشكلان عائقا بالنسبة لي شخصيا”، مضيفا أن “الجميل في خوض التجارب هو اكتشاف أشياء جديدة، وهو ما سيتم فعلا في مقامنا هناك، علاوة على كونها فرصة لتحسين مستوانا في اللغتين اليابانية، والانجليزية التي سندرس بها”، يورد العمراني.
معاكسة التيار
الانفتاح على ثقافة جديدة ومعاكسة موجة الطلبة المتجهة نحو أوروبا دوافع قادت إيمان بلقاضي، حاصلة على دبلوم في الهندسة المعمارية، إلى اختيار إتمام دراستها في الإمبراطورية اليابانية، ناهيك عن “الدراسة باللغة الانجليزية كلغة عالمية ستخول لك فرص شغل أكبر، عكس متابعة الدراسات العليا في فرنسا أو ألمانيا؛ حيث ستدرس باللغة المحلية للبلد”، تورد المتحدثة ذاتها.
“لا أرى اللغة والثقافة اليابانيتين عائقا، بل إن الاحتكاك بهما سيغني كفاءات الطلبة وسيمكنهم من اكتساب لغة جديدة وأشياء مميزة”، تقول إيمان التي بدورها ستحزم حقائبها للمغادرة في الدفعة الأولى نهاية الشهر الحالي، لكنها لم تنف بشكل قاطع وجود بعض الصعوبات في البداية، “إلا أنه مع مرور الوقت ستتم عملية الاندماج بشكل أسهل”، على حد تعبيرها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر