افتتحت الاميرة بسمة بنت طلال في عمان اليوم السبت فعاليات المؤتمر الثالث والعشرين للمعلمين الذي ينظمه الملتقى الثقافي التربوي للمدارس الخاصة تحت شعار" قضايا تؤرق معلم المدرسة" بمشاركة خبراء وتربويين من لبنان والولايات المتحدة الاميركية والاردن.
وهنأت سمو الاميرة بسمة المشاركين في الملتقى بالعام الدراسي الجديد ونجاح القائمين على الملتقى في إستدامة هذه اللقاءات التربوية الهامة في إطار من التخطيط والتنظيم والمتابعة.
واكدت سموها أن مهنة التعليم ليست سهلة ولا يقوى على امتهانها الا من امتلك المواهب والقدرات التي تسعفه على النهوض بمسؤولياتها، مبينة أن المعلمين هم الطاقة المؤثرة في بناء شخصيات الابناء وهم المؤتمنون على اكسابهم المعارف ورفدهم بالمهارات ومساعدتهم على تمثيل قيم الخير والفضيلة والعمل والحرية والعدل والتسامح لبناء الانسان القادر على حمل الأمانة وتعظيم الانجاز والانخراط في مجتمع المعرفة دون تناسي او إهمال لخصوصية أمته الثقافية.
وقالت إن المدرسة كانت وستبقى وسيلتنا الاولى في اعداد الاجيال للحياة وبناء شخصياتهم وتنمية عقولهم واكسابهم الحلم الوطني والرؤية العالمية، غير أنها وكودارها باتت أمام تحد صعب يجعل مهامها اكثر تعقيدا ويستدعي التفكير الدقيق للوصول الى منهجية مقنعة في ظل ما نشهده من تنامي لتيارات التطرف وظهور جماعات تتنافس في ابتداع نماذج القتل والفوضى والتدمير تحت غطاءات ايدلوجية وطائفية مختلفة.
وإعتبرت سموها أن الإعداد للحياة لا يتوقف عند تعليم أساليب العلوم التطبيقية بل يتعدى ذلك الى نقل الثقافة والهوية وبما يجعل الطلبة اكثر اعتزازا والتصاقا بهويتهم وتراثهم واكثر اقبالا على تطوير الهوية بالانفتاح على العالم لا بالانغلاق ومعاداة الاخر.
وقالت إن التنافس عملية تطلق كوامن النفس وطاقاتها وتحافظ على القواعد وتحترمها دون الانفلات والتدمير الذي يغذيه الصراع وما يولده من نوازع عنف قد تأتي على انجازاتنا، فيما أكدت سموها أنه من غير المنصف أن يواجه المعلمون والمعلمات أعباء التنشئة بمفردهم وأن يعانوا وحدهم من نتائج الاخفاقات الناجمة عن إنشغال الاسرة عن دورها وجهلها بمتطلبات العملية التعليمية.
واعبترت أن المعلمين هم الأكثر التصاقا بابنائنا وهم من يقضون معهم وبينهم اطول فترات زمنية ويعملون ما بوسعهم لتوفير تعليم يتناسب مع قدراتهم واستعداداتهم.
بدوره، قال رئيس الملتقى المدير العام لروضة ومدارس المعارف عمر التايه، إن النظام التعليمي في أي مجتمع يقع عليه عبء التنمية ونهضة المجتمع وتقدمه وبناء حضارته، وأن المعلم هو الاساس في نجاح وتحقيق اهداف اي نظام تربوي باعتباره عماد العملية التربوية، مبينا أن مهنة التعليم رسالة ومهنة تتطلب معلما متمرسا ومتميزا بمعرفته ومهاراته وادارته وقادرا على التحمل والاستمرار.
وبين أن الملتقى يعمل جاهدا للتركيز على قضايا تربوية ترتبط بحاجات التربويين وحاجات الوطن التربوية، مشيرا الى أن قطاع التعليم الخاص في الأردن يضم حوالي 30 بالمائة من طلبة المملكة.
وأضاف إن الملتقى يفكر باستمرار في آليات المحافظة على مهنة التعليم وتطوير المعلم ورفده بخبرات ومهارات جديدة تنعكس على طلبتنا، فيما أكد أن المنحنى الابداعي يحتم علينا البحث عن حلول إبداعية ونظام تربوي يقدر معلميه ويضعهم على قمة اولوياته وصولا الى مجتمع متماسك ومتطور ومبدع ومنتج.
وثمن التايه الرعاية المستمرة لسمو الاميرة بسمة لفعاليات الملتقى منذ اكثر من ربع قرن، مشيدا كذلك بجهود وزارة التربية والتعليم لرفع سوية التعليم والنهوض به ومديري ومديرات المدارس الاعضاء في الملتقى لدعمهم المستمر لنشاطاته وفعالياته والمؤسسات الوطنية الداعمة للملتقى.
وتضمنت فعاليات الافتتاح محاضرة لمندوب وزير التربية والتعليم مدير ادارة التعليم الخاص في الوزارة الدكتور فريد الخطيب ، اكد خلالها ان حجم التغيير المعرفي الذي يؤثر في كل مناحي الحياة لا يمكن انكاره وفي ظل هذا المناخ المعرفي المتسارع وان الانظمة التربوية بكل مضامينها تتاثر بهذا التسارع المعرفي.
واكد الدكتور الخطيب ان المعلم ركنا اساسيا في النظام التربوي يؤثر ويتأثر بما يحيط به وهو قائد التفاعل والتغيير وفق ما يمتلكه من رؤية مكملة لغايات النظام التربوي بما فيه من قيم وبما لديه من مهارات وامكانات.
واشار الدكتور الخطيب الى المبادرات الملكية التي تستهدف العملية التعليمية في الاردن بكافة عناصرها وبخاصة المعلم والطالب ومنها جائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز التي تهدف الى تمكين المعلمين وتحفيزهم الى جانب اهتمام الوزارة المستمر بالمعلمين في اثناء الخدمة ورفدهم بالمهارات التعليمية والادارية والقيادية اللازمة في القطاعين العام والخاص ، مشيرا الى نظام المؤسسات التعليمية الخاصة الذي اعدته الوزارة اخيرا بهدف رفع سوية المعلم في التعليم الخاص والحفاظ على الحقوق المادية والمعنوية للمعلمين فيه.
كما عرض للانجازات التي حققها المعلم الاردني داخل وخارج الوطن ما جعل الاردن بيت الخبرات التربوية بالنسبة للدول العربية الشقيقة التي تحرص على استقطاب المعلم الاردني نظرا لتميزه وكفاءته.
وقدم مجموعة من الطلبة عرضا اظهر قدرات عالية اكتسبوها في حساب مسائل الرياضيات من خلال برنامج تطوير القدرات العقلية والذهنية.
ويناقش الملتقى على مدار يومين محاور تتعلق بتطبيقات الذكاء العاطفي في التعليم والتعليم بثقة والمعلم كقائد التغيير في المدرسة وطرق إدارة الاضطرابات السلوكية في الصف بالاضافة الى استراتيجيات التعليم في ايجاد تفكير ابداعي وخلاق وتحفيز نحو التعليم.
ومن الجدير بالذكر ان الملتقى ، الذي تأسس عام 1989 وتتولى سمو الاميرة بسمة رئاسته الفخرية ويشارك فيه تربويون من مختلف الدول العربية، يشكل منبرا للقادة والمعلمين والتربويين لتبادل الخبرات والتجارب والمساهمة في نشر الفكر التربوي.
ويهدف الملتقى الى المساهمة في تطوير العملية التربوية في الأردن وتوثيق العلاقات بين المدارس الخاصة من جهة والمجتمع المحلي والعربي والعالمي من جهة أخرى، وخلق مناخ تعاوني بين أعضائه.
كما يسعى الى رفع مستوى الاداء المهني لأعضاء الهيئات التدريسية والفنية والإدارية وتطوير كفاءة القيادات التربوية وتبادل الخبرات الثقاقية والتربوية والاكاديمية والرياضية والفنية والاجتماعية بينهم، الى جانب تحفيز المعلم وتشجيع الابداع لديه وتعزيز دوره في المجتمع وإقامة الأنشطة الثقافية وورشات العمل التدريبية والندوات والمحاضرات وحلقات البحث.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر