الرباط_ المغرب اليوم
دعا عالم الاجتماع التونسي الطاهر لبيب إلى أن تعمل البلدان العربية على اتخاذ قرارات سياسية كبيرة “تحرك المياه الراكدة في مجال البحث العلمي”، مبرزا أن “الوطن العربي يمر بتحديات كبيرة في ظل ما تعيشه بلدانه من أزمات لغوية وتراجع ثقافي وفشل في تحقيق تقدم حقيقي في مجال البحث العلمي”.
وأكد الطاهر لبيب، في محاضرة تحت عنوان “واقع البحث العلمي في الوطن العربي)” نظمتها كلية الدراسات العليا والبحوث بالجامعة الأهلية في البحرين، أن البحث العلمي لا يمكن أن يحقق نتائجه المرجوة من دون أن يكون متصلا باللغة الأم، بوصفها الوعاء الأساسي للثقافة والجسر الذي يربط الباحثين بمجتمعهم وبيئتهم المحيطة.
واستعرض الباحث مجموعة من الأرقام حول واقع البحث العلمي في الوطن العربي، مشيرا إلى أن إسرائيل تنفق منفردة ضعف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي، وأن نصيب الفرد مما يصرف على البحث العلمي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط لا يتجاوز دولارا واحدا، فيما يصل إلى 700 دولار في دولة كالولايات المتحدة، و600 دولار في الدول الأوروبية.
وأوضح المتحدث أن هناك عراقيل داخلية تعانيها الجامعات العربية وأخرى ثقافية واجتماعية وسياسية تعانيها البلدان العربية، تحول مجتمعة دون أن تتقدم الجامعات العربية خطوات ملموسة إلى الأمام في مجال البحث العلمي.
وتتمثل العراقيل الداخلية للجامعات العربية، في البنية التحتية المهترئة لدى أكثرها، وعدم احتوائها مكتبات ومراجع أساسية تمكن الباحثين من الوصول إلى المعلومات التي يحتاجون إليها، وظاهرة التنازع بين الأساتذة والاختلافات التي لا صلة لها بالمعرفة، والتي تتشكل لأسباب شخصية أو اجتماعية، ويكون ضحيتها البحث العلمي والطلاب الدارسون بشكل عام.
وانتقد الطاهر لبيب، بشدة، ما أسماه ظاهرة النزعة الفردية التي يعانيها بعض الأساتذة، ما يجعلهم يستأثرون بما لديهم من مراجع ووسائل معرفة، فيحرمون منها زملاءهم وحتى طلابهم في بعض الأحيان، فضلا عن ركون عدد واسع منهم إلى “الخمول والجمود” بعد الوصول إلى “مرحلة الأستاذية (البروفيسورية)”، مع أنها مرحلة النضج العلمي التي يمكنها أن تقدم عصارة الحكمة في المجال العلمي الذي يختصون به.
وتطرق السوسيولوجي إلى عراقيل أخرى يواجهها البحث العلمي كهجرة العقول العربية إلى الغرب لأسباب مختلفة، وتدني مستويات الحرية الأكاديمية، وغياب مشاريع البحث العلمي المشتركة. أما المعضلة الكبرى التي تواجهها الجامعات العربية، حسب الباحث المحاضر، فهي ظاهرة الفصل لدى هذه الجامعات بين التعليم والبحث العلمي، وعدم ربطهما ببعضهما البعض، واستغناء الأساتذة عن البحث العلمي في العملية التعليمية، بينما التعليم وثيق الصلة بالبحث العلمي في الجامعات الغربية التي لا تسمح لعملية التعلم أن تسير وتتحرك من دون أن ترافقها مسيرة البحث العلمي بدرجة الفاعلية نفسها.
يذكر أن الطاهر لبيب يشرف على مشروع “نقل المعارف” الذي أطلقته هيئة البحرين للثقافة والآثار، والذي يتمثل في ترجمة خمسين كتابا من أمهات الكتب العالمية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر