في بيان مفصّل، اعتبرت هيئة دفاع الصحافي سليمان الريسوني أن محاكمته، التي قادت إلى صدور حكم في حقه بخمس سنوات سجنا نافذا وغرامة قدرها 10 ملايين سنتيم، “غير عادلة وباطلة”.
وأكدت هيئة الدفاع أنها “جد مقتنعة” بأن أسباب اعتقال الريسوني “لها بواعث سياسية بسبب آرائه المعبر عنها في كتاباته، خاصة افتتاحيات “أخبار اليوم”، والتي أصبحت تزعج جهات نافذة داخل السلطة”.
وهي “قناعة” تقول هيئة الدفاع إنها وصلت إليها “خاصة من خلال وقوفها على فحوى المقالات السابقة التي تم نشرها في بعض المواقع الإلكترونية المعروفة بولائها لبعض الجهات في السلطة، وقبل الاستماع حتى للمشتكي، وبمجرد نشر تدوينة من طرف مجهول، يتهم فيها شخص مجهول بهتك عرضه، والتي نسبت الواقعة إلى سليمان الريسوني ونشرت صوره وتنبأت بموعد اعتقاله، بل وتوعدته بالجحيم”.
وأضافت هيئة دفاع الريسوني، في بيان لها، أن “الاهتمام الذي حظيت به مجرد تدوينة، من طرف شخص مجهول وضد شخص مجهول، من طرف الشرطة القضائية والسيد وكيل العام، في الوقت الذي ينتظر فيه عشرات المواطنين المعلومين وضد مشتكى بهم معلومين إجراء أبحاث حول شكاياتهم، واتخاذ المتعين بخصوصها حماية لأعراض الناس وممتلكاتهم وحفاظا على سلامتهم، يطرح أكثر من تساؤل حول خلفيات القضية التي توبع من أجلها سليمان.”
وأوضحت هيئة الدفاع “على عكس ما ورد في محضر الشرطة القضائية زورا بأن انتقالها إلى منزل سليمان الريسوني يوم 22 ماي 2020 على الساعة الخامسة وخمس وأربعين دقيقة كان بهدف تبليغه بالاستدعاء، فإن الحقيقة التي عاينها كل من اطلع على الفيديو الذي يوثق لحظة اعتقاله بالصوت والصورة تثبت وتؤكد أن الأمر كان يتعلق بإلقاء القبض على سليمان واعتقاله من طرف ما يزيد على 14 عنصرا من قوات الأمن، ونقله ضدا عن إرادته إلى مخفر الشرطة”.
وتابع البيان “رغم أن سليمان الريسوني، وكما شاهد ذلك العديد من المواطنين بالصوت والصورة، تم اعتقاله على الساعة الخامسة وخمس وأربعين دقيقة، فإنه أشير في المحضر إلى أن وضعه تحت الحراسة النظرية لم يتم إلا بعد الساعة الحادية عشرة ليلا، وبالتالي فإن اعتقاله من ساعة إلقاء القبض عليه إلى ساعة وضعه تحت الحراسة النظرية كان اعتقالا تحكميا.”
و”في خرق سافر لمقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية”، وفق المصدر نفسه، “لم يتم إشعار سليمان سواء لحظة اعتقاله، ولا في أول محضر للاستماع إليه لا بأسباب اعتقاله ولا بالتهم الموجهة إليه، ولا بباقي حقوقه بما فيها حقه في التزام الصمت وفي تنصيب محام.”
وأكدت هيئة الدفاع أن “اعتقال سليمان تم بناء على تصريحات المشتكي التي نفاها الريسوني، وفي غياب أي دليل يثبت ذلك، رغم انتفاء حالة التلبس وتوفره على كافة ضمانات الحضور، ورغم أن الأفعال المنسوبة إليه قد مر عليها ما يزيد على سنة ونصف”، مشيرة إلى أن الريسوني ظل “محروما لمدة تفوق خمسة عشر يوما من حقه في الاتصال بمحام، سواء أثناء وضعه تحت الحراسة النظرية أو بعد إيداعه السجن من طرف السيد قاضي التحقيق”، قبل أن تستمر فترة التحقيق معه “ما يقارب تسعة أشهر”.
وسجل البيان ذاته أن “محاولة البحث عن أدلة لإدانة سليمان الريسوني، من خلال التحريات التي باشرتها الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق، بتحديد أماكن الاتصال وإجراء الخبرات على الهواتف قد انطلقت بعد اعتقال الريسوني”، مؤكدا أن “هذه العملية التي باشرتها الضابطة القضائية قد تمت في خرق سافر للمادة 24 من الدستور ونص المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية ودونما احترام للتشريعات الوطنية والدولية ذات الصلة بحماية المعطيات الشخصية.”
وذكر الدفاع في بيانه بأن جميع طلبات الريسوني التي قدمت عبره قوبلت بالرفض، خاصة طلب الاستماع إلى الشهود، وضمنهم العاملة المنزلية، التي “صرح المشتكي أنها كانت موجودة بالبيت لحظة الاعتداء عليه المزعوم”، أو “طلب إجراء معاينة للمنزل الذي تخالف مواصفاته ما جاء في تصريحات المشتكي”.
ونفى الدفاع عن نفسه مسؤولية “تأخير أطوار المحاكمة”، قائلا: “على العكس من بعض الاتهامات المغرضة، مارس مهامه في الدفاع عن مؤازره وفق ما يمليه عليه ضميره المهني والقسم الذي سبق وأداه، ورسالته النبيلة، وفي احترام تام لضمانات المحاكمة العادلة، في سائر أطوار المحاكمة وطيلة المدة التي قضاها الصحافي الريسوني رهن الاعتقال الاحتياطي وإلى حين النطق بالحكم”.
وأوضح البيان أن “التأخيرات المتكررة التي عرفتها المحاكمة كانت لأسباب وجيهة وخارجة عن إرادة هيئة الدفاع ولا يد لها فيها، بل تعود بداية لرفض إدارة السجن تمكين السيد سليمان من نسخة من ملف قضيته للاطلاع عليه وإعداد دفاعه، ثم تماطل وتسويف النيابة العامة في الجواب عن الطلب المقدم لها من هيئة الدفاع من أجل تمكينه من نسخة من المحضر والوثائق المرفقة به، الشيء الذي اضطرت معه هيئة دفاعه إلى استصدار حكم تمهيدي في منتصف أبريل 2021، قضى بتمكين هذا الأخير من نسخة من الوثائق المطلوبة”.
أشار البيان ذاته إلى أن من أسباب التأخر “تعنت ورفض المحكمة الاستجابة لطلب إحضار سليمان للمثول أمامها، وتمكينه من حضور سائر أطوار محاكمته كحق من حقوقه، وضمانة تخولها له ضمانات المحاكمة العادلة، وهو الملتمس الذي ظل الدفاع يتشبث به رغم إصرار المحكمة على رفضه، دفاعا عن حق مؤازره في المحاكمة العادلة”.
وسجلت هيئة الدفاع أن الريسوني “لم يسبق له أن امتنع عن الحضور لمحاكمته، بل كان مواظبا على حضورها إلى أن تدهورت وضعيته الصحية بسبب الإضراب عن الطعام الذي فرض عليه بسبب ما تعرض له من ظلم وقهر وتعسف، حيث التمس تمكينه، من أجل المثول أمام المحكمة، من كرسي متحرك أو سيارة إسعاف تقله إلى مقرها، وهو ليس بالطلب التعجيزي، بل هو أمر عادي ومتاح، وقد سبق اللجوء إليه في محاكمات سابقة”.
وأضافت “إلا أنه وبعد رفض مطلبه نهائيا، تنازل عنه وتشبث بحقه في الحضور، وأبدى استعداده لذلك، بل ارتدى ملابسه وجهز نفسه لنقله، لكنه ترك بزنزانته ينتظر. وعلى عكس الحقيقة تم تدبيج محضر مزور ادعى فيه محرره أن مؤازرنا رفض الحضور.”
وأكدت هيئة الدفاع أن “تطبيق المحكمة لمقتضيات المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية” على حالة الريسوني، “الذي لم يكن حاضرا في مقر المحكمة، ودون أن تأمر هاته الأخيرة بإحضاره وتسجل امتناعه عن ذلك، وهو المعتقل داخل السجن والفاقد لحرية الإرادة في الحضور أو الغياب لمحاكمته، هو خرق واضح وسافر للقانون ويجعل محاكمته دون حضوره محاكمة باطلة.”
كما ذكرت أن “الدفاع سلك كافة المساطر التي يتيحها له القانون، فقد وضع طلب التجريح قبل صدور الحكم، كما قام بوضع شكاية بالطعن بالزور ضد محضر الانتقال والاستدعاء، وشكاية أخرى بالطعن بالزور ضد محضر رفض الحضور من السجن للمحكمة، دون أن يتلقى جوابا عن هذه الطلبات والشكايات.”
قبل أن تخلص إلى أن “انسحاب هيئة الدفاع كأفراد من جلسة المحاكمة احتجاجا على رفض المحكمة إحضار مؤازرها سليمان الريسوني للمثول أمامها، والاستماع لأقواله وتصريحاته ومواجهته بالتهم المنسوبة إليه والأدلة المستند عليها في اتهامه ليقول كلمته فيها” موقف “سديد مارسناه بوعي ومسؤولية، التزاما برسالتنا كمحامين، وانتصارا لحقوق الدفاع”، مشيرة إلى أن ما جاء في “التصريحات الصادرة عن بعض الجهات القضائية، التي قررت حشر أنفها في قضية غير معنية بها، منتصرة لفريق على حساب آخر، أمر بعيد عما يفرضه القانون من التزام واحترام القضاة للنزاهة والتجرد والحياد والاستقلالية والحق في إبداء الرأي والتعبير بعيدا عن الممارسة السياسوية”. واعتبرت أن ذلك “يضر بمصداقية القضاء واستقلاليته”.
وفي ختام بيانها أكدت هيئة دفاع الصحافي المعتقل أن محاكمته “غير عادلة وباطلة”، وطالبت بـ”إطلاق سراحه وإنقاذ حياته من موت محقق بات يتهدده، ونقله الفوري للمستشفى قصد تمكينه من كل وسائل العلاج الآنية والضرورية”، مجددة في الآن نفسه “مطالبته ومناشدته بوقف إضرابه عن الطعام.”
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر