واشنطن - المغرب اليوم
العلماء ما يزالون في حيرة كبيرة أمام لغز الحيتان الحدباء، التي تخرج عن طريقها فقط لإنقاذ الحيوانات والكائنات الأخرى من أن تصبح وجبة الحيتان السفاحة، دون أي نفع يعود عليها من ذلك، فما السبب الذي يدفعها لذلك؟ اللغز الذي تجسد في 115 حالة إنقاذ موثقة حتى الآن، جعل العلماء يعتقدون أن حب الإنقاذ أو الرغبة في الحماية، هو شئ متأصل في هذه الحيتان الطيبة، لكن، لا أحد حتى الآن استطاع الوصول إلى السبب الحقيقي.
الحيتان الحدباء .. المنافس الجديد للدلافين في الإنقاذ
لطالما بقينا نتداول القصص عبر القرون حول الدلافين في البحر التي تأتي لغوث أفراد من نفس نوعها، بالإضافة إلى إنقاذ أفراد من أنواع أخرى مثل البشر، لكن الشئ الجديد الذي وثقته العديد من الفيديوهات على شبكة الإنترنت والشهادات، هو أن الحيتان الحدباء أيضاً، تقوم بإنقاذ الفقاريات البحرية كذلك العالقة في الأزمات، بالذات عندما تتم مهاجمتها بواسطة الحيتان المتوحشة، وذلك كما ورد في تقرير جديد صدر حول اللغز وقام عليه فريق دولي من العلماء بقيادة الباحث روبيرت بيتمان.
قصص مذهلة تخرج إلى السطح
لن تدرك مدى غرابة الأمر، إلا عندما تعرف أحد القصص التي حدثت بالفعل، ففي 2009 بالقرب من أنتاراكتيكا، قامت أحد الحيتان الحدباء بالتدخل لإنقاذ فقمة عالقة على قطعة من جليد تلاحقها الحيتان السفاحة، فبعد أن تمكنت الحيتان المفترسة من إسقاط الفقمة عن قطعة الجليد، فوجئ الباحثون برؤية حوت أحدب ضخم قادم من أسفل الفقمة، مغلقاً الطريق على الحيتان المتوحشة. ومع إن هذا يبدو مجرد صدفة حتى الآن، إلا إن الحوت الأحدب استدار، ورفع بطنه فوق الماء، ثم وضع الفقمة فوقها، حامياً إياها من أن تصبح وجبة مؤكدة للوحوش.
مع إن هذا المثال غريب، إلا إنه دليل على إن هذه الحيتان تعرف ما الذي تفعله، وتنقذ الحيوانات الأخرى عن وعي، كما قال الباحث بيتمان، وبهذا لم يعد التساؤل حول ما إن كانت هذه حماية أم لا، فقد أصبح ذلك مؤكداً، السؤال الآن حول الدافع، خاصة بعد أن رصد الباحثون حالات أخرى تنقذ فيه هذه الحيتان حيوانات أخرى من غير أبناء جنسها، بدون نفع يعود عليها من ذلك.
هل تحركها نار الانتقام؟
بالرغم من أنه لا يوجد شئ قاطع حتى الآن، إلا إن واحدة من أهم النظريات التي توصل إليها الفريق، هو أن الحيتان الحدباء تعودت على رؤية صغارها وهي تطارد من قبل الحيتان السفاحة، ولهذا، فإنها تتدخل عندما تطارد تلك الوحوش الحيوانات، حتى ولو كانت من غير أبناء جنسها، لكي تحميهم بدافع من الإيثار أو الانتقام، أو بخليط منهما.
حتى الآن، لم يقم الفريق إلا باستعراض تسجيلات التعاملات بين الحيتان الحدباء والمتوحشة، لكنهم ما يزالون بحاجة للمزيد من البحث لكي يفهموا تعقيدات هذه التعاملات بشكل كامل، والتي قد تقود لفهم مدى تعقيد المعالجة العاطفية في الحيتان الحدباء أيضاً، إذ يبدو أنها تخوض الأمر بنوع من مشاعر “الحرب” مع الحيتان المتوحشة، والذي ربما يشبه انتحاب الدلافين على موتاها الذي يحاكي الإنسان.
الأمر قد يكون راجعاً لأسباب أخرى غير التي ذكرها البحث، ربما مثلاً هو مجرد رد فعل بسبب نداءات الاستغاثة التي ترسلها الحيوانات البحرية الأخرى ليس إلا، وفي كلتا الحالتين أياً كان السبب، يبدو أن استمرار هذه الدراسة شئ مثير للفضول والترقب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر