نيويورك ـ برس
ربما تكون قد سمعت عن أفلام "دراكيولا يتحدى فرانكشتاين" او "فريدي يتحدى جيسون" او حتي "كينج كونج يتحدى جودزيلا" والآن بات بوسعك ان تضيف الى هذه القائمة "النمل المجنون يتحدى نمل النار".. الا ان هذه ليست رواية خيالية تعرضها شاشات السينما. يوجد نوعان من النمل يعيشان في أميركا الجنوبية وتحرص الولايات المتحدة على الا ينتشرا فيها بوصفهما كائنات غير مرغوبة ويتقاتل هذان النوعان بضراوة للاستحواذ على الغذاء وأماكن المعيشة في جنوب شرق الولايات المتحدة. هناك النمل المجنون وهو القادم الجديد في هذه المعركة ويتقاتل بشراسة مع نمل النار إلا ان العلماء في جامعة تكساس وضعوا أيديهم على أسباب هذا التناحر. يعيش نمل النار الاحمر بالمناطق الاستوائية من امريكا الجنوبية ويعتبر من اشرس الحشرات التي عرفها الانسان اذ يمكنه ان يلدغ ضحيته -بعكس الحشرات الاخرى التي تلدغ مرة واحدة ثم تتوقف او تموت- مرات عديدة تصل الى خمس مرات في الثانية الواحدة لينفث فيها سموما فتاكة تصيبها بالشلل وقد تجهز على الانسان. وسمي نمل النار ذي اللونين الاحمر والاسود بهذا الاسم لقدرته الخارقة على العيش وسط درجات الحرارة اللافحة وحتى في النار نفسها الى جانب لدغاته النارية المؤلمة التي يسببها للبشر والحيوانات على حد سواء. ونمل النار حشرة سريعة الحركة عند الهجوم وينقض على فريسته باعداد كبيرة وباسراب يصل طول الفوج منها الى ستة كيلومترات قبل ان يشرع في التهامها على مهل ويتغذى اساسا على النباتات والحشرات والحيوانات الصغيرة كالضفادع والسحالي وعندما يلمس جسم الضحية تتوهج وتصاب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة. ووصل نمل النار الى الولايات المتحدة في منطقة موبايل بألاباما في ثلاثينات القرن الماضي بعد ان اكمل دورة حياته على ظهر السفن على ما يبدو ثم انتشر من هناك الى جنوب شرق الولايات المتحدة. أما النمل المجنون -وكان يعرف في السابق باسم نمل التوت البري- فهو مقاوم لمختلف أنواع المبيدات الحشرية المعهودة وحتى الصعقات الكهربية بل انه دأب في الآونة الاخيرة على مهاجمة مختلف الاجهزة الالكترونية حيث يساعده على ذلك صغر حجم الحشرات وقدرتها على الاختباء داخل اجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والتهام الاسلاك الرفيعة واذا نفقت الحشرة بسبب الصعقات الكهربية فان بقاياها تجتذب الالاف من هذه الحشرة. وسمي النمل المجنون بهذا الاسم بسبب لون جسمه العسلي والطريقة المضطربة الغريبة التي يسير بها حين يجد ضالته من الغذاء ووصل الى منطقة انتشاره عام 2002 وتم تسجيله في منطقة قناة هيوستون الملاحية وفي فلوريدا. وقالت دراسة نشرت نتائجها في دورية (ساينس) إن النمل المجنون يحظى بقدرة نادرة على ابطال مفعول سموم نمل النار اذ يطلق سموما مضادة والترياق الخاص به تلتصق باجسام الحشرة بعد تعرضها لسموم نمل النار لينجح في حماية نفسه من شرور عدوه. وتمثل هذه المنظومة الدفاعية الكيمائية تعديلاً في قواعد لعبة سباق التسلح بين هذين النوعين من الحشرات. وقال اد ليبرون الخبير في الانواع الحشرية المفترسة بجامعة تكساس في مكالمة هاتفية "ربما يكون ذلك السبب الرئيسي وراء انتشار النمل المجنون محل نمل النار في المناطق التي يغزوها الاخير." ويعيش النوعان في شمال الارجنتين وباراجواي وجنوب البرازيل ويعتقد العلماء ان النمل المجنون طور دفاعاته هناك منذ زمن طويل. ويهيمن نمل النار على مختلف بيئات ومناطق معيشة الانواع الحشرية الاخرى من خلال نشر سمومه الناقعة الاكثر سمية من مبيد (دي دي تي) لكن حينما يتعرض النمل المجنون لهجوم فسرعان ما يلجأ الى دفاعاته المضادة للسموم اذ يقف على ارجله الوسطى والخلفية ويفرز حمض النمليك (الفورميك) من غدة على جانب البطن ويغطي به جسمه ليبطل مفعول السم الزعاف لنمل النار. وحتى يتمكن العلماء من قياس ورصد كيفية عمل حمض النمليك على اكمل وجه قاموا باستخدام طلاء الاظافر لاغلاق غدد النمل المجنون ووضعوه في انابيب اختبار مع نمل النار. ودون الاستعانة بالدفاعات الكيميائية تعرض 48 في المئة من النمل المجنون المصاب بسموم نمل النار للنفوق وحين اعيد فتح غدد النمل المجنون نجا 98 في المئة منه. وقال ليبرون إنه ما لم يحدث تطور مفاجيء فان النمل المجنون سيحل محل نمل النار في معظم ارجاء جنوب شرق الولايات المتحدة ليصبح النوع الجديد المهيمن بيئيًا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر