مراكش - المغرب اليوم
من يدخل قصر وفاء بوصغّار في مراكش دخل مجموعة قصور... هنا تجتمع كلّ الألوان الانيقة والأمزجة المرهفة والأذواق الرفيعة. كأن مهندسي الديكور في العالم كله اجتمعوا وسكبوا عصارة علمهم وفنهم في هذا المكان، لتولد لوحة يندر أن نجد نظيرا لها.
وسط واحة خضراء يستريح، ويبسط أجزاءه في أحضان طبيعة غناء، تزنره الأشجار، وسقفه السماء. من الخارج يستدعي الزائر للدخول على عجل وَتَبيُّن الروائع الواحدة تلو الأخرى. ولكن قبل الدخول لاكتشاف روائع هذا المنزل الفسيح، لا بدّ من تأمّل الهندسة الخارجية اللافتة التي لبست الحجر البيج الداكن. لكلّ جهة هندسة تميّزها مختلفة عن الأخرى، كلّها تتّبع النمط العصري، وأجملها ما تقاطع فيها الزجاج المستطيل مع الحجر. والزجاج لعب دوراً تجميلياً من الداخل كما من الخارج، إذ عكس على الداخل عصرية هندسية ونوراً على الصالونات والممرّات التي تقود إلى الطبقات العلوية.
الخشب بلونه الكرزي رافق كلّ الجلسات بدءاً من الباب الخارجي بتقطيعه المستطيل، وقابله في الأرض الرخام البيج الذي تداخلت فيه مربّعات بلون الخشب نفسه للأبواب. وبعد الدخول بضع خطوات من الباب الرئيسي يخال الزائر أنّه يصل إلى حديقة خارجية. والواقع أنها جزء من المنزل، وقد تحوّلت قاعة الاستقبال إلى حديقة غناء، وهي عبارة عن حوض مرّبع وضعت فيه الشتول الخضر بطريقة متناسقة، وجعل السقف من الزجاج الذي حدّده الخشب واستلقى على أربعة أعمدة حضنت الشتول.
جناح الاستقبال فسيح ومنير، يشع جمالاً وابتكارات عصرية لافتة. لا تفصل بين أرجائه. وتتجلى البراعة الهندسية في غنى الأثاث على بساطة لافتة، وهو ما حافظ على رحابة المكان. وهذا الجناح عبارة عن صالونين وغرفة طعام وقاعة جلوس إلى يسار الصالونات، ميّزت نفسها بإطار من الخشب فصلها عن بقية المكان، وتزيّنت بقماش أبيض غطته قطع من القماش عبارة عن مربعات هي مزيج بين البرتقالي والبنفسجي والأسود، وضعت عليها الأرائك البيض بشكلها المربّع الذي يقابل المربعات في قماش المقاعد.
الصالونان المتقابلان يختلفان في اللون ويأتلفان في الجوهر والأسلوب العصري. فأحدهما من الجلد باللون الاخضر الداكن والآخر من القماش البيج، تجمعهما البساطة. الصالونان وغرفة الطعام تشعر الزائر بأنه في رحاب الحديقة المحيطة بالمنزل بفضل كثرة واجهات الزجاج التي تحدّدها. وقمة الذوق على بساطته تجلّت في تصميم غرفة الطعام، وطاولتها مربّعة من الخشب الداكن، في كلّ جهة منها مقعدان من الجلد البني. وقد زيّنت وسط الطاولة مزهرية استراحت فيها شتول البامبو.
وبما أنّ في كلّ جلسة جديداً ولكلّ جديد رونقه، فقد وزعت مدفأة عصرية من الحجر المستطيل دفئها على الصالون البيج وغرفة الطعام معاً، إذ إنها زرعت في الوسط بينهما جامعة الشكل الهندسي الجميل والعملية في الاستعمال. ولا يمكن المرور في الصالونات من دون التوقف عند الجبس في السقف، المصمّم بأسلوب مبتكر.
لكلّ جلسة تصميمها الخاص، ومنها ما تداخل معه الخشب، لكنّها في النهاية تشكّل لوحة متكاملة الأجزاء. واقتصر الاكسسوار في الصالونات على مصابيح توزّعت في زوايا بعض الجلسات، وطاولات مربّعة احتلّت وسط كلّ جلسة. وغابت اللوحات الزيتية في الصالونات تاركة المجال للوحة واحدة، هي الطبيعة والشتول المتناسقة في الحديقة. وتربع السجاد في الصالونات، بحجم وسطي، إفساحاً في المجال أمام الرخام البيج ليعكس رفاهية في المكان.
وأنت تتجه صعوداً إلى غرف النوم، تخال لوهلة أنك دخلت منطقة أخرى أو منزلاً آخر أكثر جمالاً. فالدرج اكتسى الرخام الأنيق وتوسطته نافذة طويلة تطلّ على الخارج، وتوزّع النور في الداخل. أما الحائط في وسط الدرج، فلبس طلاءً بنياً وترّبعت في وسطه لوحة تناغمت مع اللون. لغرف النوم كلّها النفحة الهندسية نفسها.
الجدار خلف السرير مطلي في كلّ غرفة بلون معيّن، إما بني وإما أخضر وإما أزرق، وإما زهر. والسرير بسيط التصميم. وقد افترش خشب الباركيه أرض الغرف والممرات التي اخترق وسطها البلاط البيج. أما الرفاهية والعصرية المطلقتان فنلاحظهما في غرفة المالكين، وقد تميّزت بفساحتها وبالجاكوزي الذي شكّل جزءاً منها قبالة السرير.
الرحلة الأخيرة في رحاب هذا القصر تنقلنا إلى أحضان الحديقة الفسيحة التي احتضنت المنزل وحوت حوض سباحة ضخماً، فشكّل المكان واحة فريدة من العصرية تذكرك دائما بأنك في المغرب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر