بعد صمت دام أزيد من شهر، كشف حزب الاتحاد الاشتراكي أخيرا موقفه من مشروع القانون رقم 20.22 الذي أعدته وزارة العدل التي يرأسها محمد بنعبد القادر المنتمي لنفس الحزب، وهو المشروع الذي أثار جدلا واسعا وتبرأت منه مختلف مكونات الحكومة وطالبت المعارضة بإسقاطه.
ففي بلاغ لمكتب السياسي، أعلن حزب “الوردة” عن رفضه التام لأي مشروع لتقنين شبكات التواصل الاجتماعي يتضمن مقتضيات تنتهك حقوق الإنسان وتمس بحرية الرأي والتعبير، في إشارة منه إلى مشروع القانون رقم 20.22 الذي وصفه نشطاء بـ”قانون الكمامة”.
وقال الحزب في بلاغ مطول لمكتبه السياسي، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، إنه يوصي الاتحاديين والاتحاديات في البرلمان بأن ينخرطوا بقوة في تصريف المرجعية الاتحادية أثناء مناقشة كل مشاريع ومقترحات القوانين.
وشدد البلاغ على رفضه لكل مشاريع ومقترحات القوانين “التي من شأنها أن تتعارض مع القيم التي ناضل الحزب من أجل ترسيخها في مختلف محطاته النضالية وواجهاته المؤسساتية تنفيذيا وتشريعيا”.
وقال الحزب إن “الاحتكام إلى المرجعية الحزبية الحداثية والتقدمية والحقوقية كانت وستظل بالنسبة لكافة الاتحاديات والاتحاديين، مسألة مفصلية في قوانين الحزب وميثاقه الأخلاقي”.
وأضاف أن “هذا الاحتكام فضلا عما يشكله من بوصلة توجيهية في أداء التزاماتهم النضالية، فإنه يعتبر سلوكا ملزما لكل من يمارس مهمة انتدابية في مختلف الواجهات الحكومية والبرلمانية والمؤسساتية والنقابية والجمعوية”.
وأشار الحزب إلى “التفاعل الواسع والعميق، المتسم في جوهره برفض أي تراجعات والمساس بحقوق التعبير والتفكير والمبادرات المدنية والاجتماعية لا سيما ذات الصلة بالحريات الاساسية في إبداء الرأي والتعبير عنه، والتواصل ذي الطبيعة الملتزمة بقضايا المجتمع وحقوق المواطنات والمواطنين في الاختيار وبناء القناعات ، سواء في المواقف العامة أو في المعيش اليومي والسلوك الاستهلاكي”.
كما نوه المكتب السياسي بما سماه “الروح الحقوقية الأصيلة في صفوف الاتحاديات والاتحاديين، فرادى وجماعات، وفي كل الهيئات التنظيمية والسياسية والجماهيرية، والتي تفجرت طاقاتها النضالية بشكل رائع حمى المكتسبات والتاريخ النضالي المجيد لحزب القوات الشعبية”.
حزب لشكر هاجم أحد مكونات الحكومة التي شارك فيها، لكن دون أن يسميها، مشيرا إلى أنه “يسجل أخيرا بأسف عميق وبقلق بالغ، التعامل اللامسؤول والمشبوه أحيانا، لطرف داخل مكونات الاغلبية الحكومية، مما أوحى إلى المواطنين والمواطنات أن السلطة التنفيذية ما هي إلا ساحة لتصفية الحسابات السياسية وتدبير شؤون الدولة بأعراف المكيدة والتربص”.
واعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن هذا “التعامل اللامسؤول والمشبوه” وفق تعبيره، “قد يضعف المصداقية المطلوبة في جهاز دستوري من أجهزة الدولة في ظروف هي في أمس الحاجة الى كل أذرعها لمواجهة الصعوبات الناجمة عن الجائحة”، حسب تعبير البلاغ ذاته.
إلى ذلك، طالب الحزب بـ”إجراء حوار شامل مع الهيئات السياسية، أغلبية ومعارضة، من أجل معالجة اختلالات المنظومة التمثيلية وتعزيز نزاهة العملية الانتخابية”، داعيا المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى المساهمة في الإصلاحات الانتخابية المرتقبة، ومراقبة نزاهة العمليات الانتخابية والإعلان عن ذلك في آنه، انسجاما مع المهام الموكولة لهما، دستوريا وقانونيا.
وأثار مشروع القانون المذكور جدلا واسعا في المشهد السياسي والحقوقي بالمغرب، بسبب فرضه قيودا على حرية التعبير وفق رأي المنتقدين، ووصل الأمر إلى حد مطالبة رئيس الحكومة بإقالة وزير العدل والأمين العام للحكومة.
وتفجر جدل “قانون الكمامة” عقب تسريب أجزاء من المشروع على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمن نصوصا اعتبرها نشطاء “صادمة”، من قبيل تجريم الدعوة إلى مقاطعة المنتوجات أو البضائع أو الخدمات، وإدانة الداعين للمقاطعة بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات أو غرامة مالية.
وبعد التنديد الواسع الذي لقيه مشروع القانون المذكور، سارعت الحكومة إلى إعلان تأجيل مناقشته إلى ما بعد انتهاء حالة الطوارئ بالبلاد، مشيرة إلى أنه لا زال قيد المدارسة داخل لجنة وزارية. في حين عبرت مختلف الأطياف السياسية، حكومة ومعارضة، عن رفضها لمشروع القانون، تاركة الاتحاد الاشتراكي في مواجهة غضب الرأي العام طيلة الأسابيع الماضية، قبل أن يخرج أخيرا الحزب بموقفه في القضية.
قد يهمك أيضَا :
لشكر يقاضي مدنسي النصب التذكاري للراحل عبد الرحمان اليوسفي
أعضاء بالمكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي يرفضون الاجتماع بكاتبهم الأول
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر