حظرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مشروعاً جديداً للتنقيب عن النفط والغاز في منطقة واسعة من ولاية ألاسكا التي تعد موطناً لفصائل متنوعة من الحيوانات.
ويأتي القرار قبل نحو عام على الانتخابات الرئاسية في 2024، إذ يسعى بايدن إلى تعزيز موقفه تجاه التحول الأخضر في البلاد للحفاظ على البيئة من خلال التراجع عن إجازة حكومته في مارس (آذار) الماضي للمشروع التابع لمجموعة «كونوكو فيليبس» الأميركية العملاقة.
ويشمل الحظر منطقة تبلغ مساحتها 10,6 مليون فدان (4,3 مليون هكتار)، أو ما يعادل 40 في المائة من أراضي الاحتياطي القومي للنفط في ألاسكا، وهي منطقة مهمة بيئياً للدببة الرمادية والقطبية ومئات الآلاف من الطيور المهاجرة وغيرها من الحيوانات.
وقال بايدن في بيان إن «ألاسكا هي موطن لكثير من عجائب الطبيعة المذهلة في أميركا والمناطق ذات الأهمية الثقافية». وتابع: «بينما تزيد أزمة المناخ من درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع مرتين من بقية العالم، تقع على عاتقنا مسؤولية حماية هذه المنطقة النفيسة على مر العصور».
من جهتها، أكدت وزارة الداخلية الأميركية أنها بصدد إلغاء سبعة عقود لامتيازات الكشف عن النفط والغاز كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وافقت عليها في المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي، والتي تقع على المنحدر الشمالي لولاية ألاسكا أيضا.
ونتيجة لهذه القرارات، انتقد عضوان جمهوريان في مجلس الشيوخ عن الولاية البيت الأبيض، معدين أن بايدن يقوّض أمن الطاقة للولايات المتحدة. وعلقت السيناتور ليزا ماركوسكي: «هذه القرارات غير قانونية ومتهورة وتنافي كل المنطق». بينما قالت النائبة عن الحزب الديمقراطي في مجلس النواب ماري بيلتولا إنها تشعر «بإحباط شديد» تجاه ما وصفته بإخفاق حكومة بايدن في الاستماع إلى رغبات السكان المحليين.
وبينما تتجه خطة الرئيس الأميركي لدعم أنشطة لإعاشة سكان ألاسكا الأصليين، فقد قوبلت بمعارضة من قبل أعضاء بارزين في مجتمعات المنحدر الشمالي.
وقالت عمدة مدينة كاكتوفيك آني تيكلوك: «لقد ناضل مجتمعنا بشدة من أجل فتح السهل الساحلي أمام امتيازات النفط والغاز»، في إشارة إلى العقود الملغاة. وتابع: «نحن مجتمع يعاني من نقص الخدمات، ونبحث باستمرار عن الفرص الاقتصادية لتأمين استدامتنا على المدى الطويل».
وكان بايدن تعرض لانتقادات شديدة من المدافعين عن البيئة بعد موافقته على مشروع «ويلو» النفطي الضخم في شمال ألاسكا لشركة «كونوكو فيليبس». ومشروع ويلو، الذي تقدر تكلفته بما بين 8 و10 مليارات دولار، تمت الموافقة عليه في عهد ترمب ثم دعمه بايدن لاحقا، ما أثار احتجاجات وطنية.
وقال مراقبون إن القرارات المتعلقة بحماية المزيد من مناطق القطب الشمالي قد تهدف جزئيا إلى ردّ بعض الانتقادات الموجهة إلى ويلو. كما تشتمل خطة بايدن على تحديد التنقيب في منطقة بمساحة 2,4 مليون فدان تقع ضمن حيز الاحتياطي القومي للنفط في ألاسكا، ولكنه لم يحظر النشاط بالكامل.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الداخلية أنها ستحظر الحفر فيما يقرب من 2,8 مليون فدان من بحر بيوفورت، «لضمان أن المحيط المتجمد الشمالي بأكمله للولايات المتحدة خارج نطاق امتيازات النفط والغاز الجديدة».
وتعد منطقة الاحتياطي القومي للنفط في ألاسكا أكبر مساحة من الأراضي العامة في الولايات المتحدة، وأقامها الرئيس السابق وارن هاردينغ في عام 1923. وفي عام 1976، أصدر الكونغرس توجيهات بضرورة الموازنة بين استخراج الوقود الأحفوري هناك مع الحاجة إلى حماية البيئة.
وتعهد بايدن خلال حملته الرئاسية بوقف جميع الامتيازات الجديدة للأراضي والمياه الفيدرالية، لكنه لم يف بهذا الوعد. وعزا مراقبون محدودية إجراءات بايدن لقرارات قضائية لم تكن في صالحه حيال طعون مقدمة من الولايات التي يقودها جمهوريون من ناحية، لكنه يشيدون بدور إدارته في الحد من التطورات الجديدة.
وأشرفت إدارته على إقرار قانون خفض التضخم، الذي خصص ما يقرب من 400 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ.
ووفق دراسة نشرت في مجلة «ساينس» في يوليو (تموز) الماضي، فإن هذا القانون سيقلّل بحلول عام 2035، من انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تراوح بين 43 إلى 48 في المائة أقل من مستويات عام 2005... إلا أن هذه النسبة لا تزال أقل من مستهدف الإدارة الأميركية بخفض الانبعاثات بنسبة 50 في المائة بحلول 2030.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر