فقدوا والدتهم قبل أشهر بعد إصابتها بالسرطان، وهرب عنهم والدهم إلى بلد أجنبي ليتركهم يواجهون مرارة الغربة والفاقة الشديدة بعد آلام البعد عن الوطن، هذه حال 6 أطفال من سوريا لم يتجاوز كبيرهم الرابعة عشرة من عمره وصغيرهم في السادسة.
لا ذنب لهم سوى أن الأقدار وضعتهم في يد أب لا يعرف للمسؤولية والأمانة معنى، فقبل هروبه عنهم اعتاد إرغامهم على التسول وكان يضربهم على ذلك، بل ويضرب أمهم وفي بعض الأحيان يدفعهم إلى السرقة!.
واليوم يجلسون مع جدتهم في شقة في إمارة الشارقة مخالفين لقوانين الإقامة، بعد أن انتهت إقاماتهم قبل عامين، وليس لهم مصدر دخل، سوى مساعدات أهل الخير في الدولة.
يروي إبراهيم الأخ الأكبر بعضاً من معاناته وإخوته مع أبيهم فيقول إنه جاء بهم من مخيم اللاجئين في الأردن إلى دولة الإمارات في عام 2014 وبدأ يعمل في مطعم في الشارقة، وكان يدفعهم إلى التسول وجمع المال له، وفي أحيان كثيرة كان يضربهم ويضرب أمهم باستمرار ويشتمهم ويدفعهم للسرقة في بعض الأحيان.
ويضيف إبراهيم أنهم عاشوا مع والدهم لمدة عام واحد قبل أن يرحل إلى مكان مجهول دون أن يخبر أحداً، فقد اختفى تماماً، وكان مكان عمله يبحث عنه حتى تبين لهم أنه غادر إلى بلد أجنبي لاجئاً ومدعياً أنه فقد أسرته في الحرب في درعا في سوريا، دون أن يترك أي مال لأبنائه وزوجته عندما رحل.
بدورها تقول الجدة التي تبلغ من العمر الخامسة والسبعين ولا تستطيع المشي لمرض أصابها، إنه بعد هروب الزوج اتصلت بها ابنتها «وفاء» والدة الأطفال وكنت أعيش مع اللاجئين في الأردن، وأخبرتني ابنتي أنها أصيبت بنزيف حاد وتبين من الفحوصات أنها مصابة بسرطان من الدرجة الرابعة وانتشر في الرحم والرئتين والغدد اللمفاوية.
وأضافت الجدة أن حالة ابنتها الصحية ساءت بسرعة وتم إدخالها إلى مستشفى توام للعلاج، حيث بقيت أكثر من 4 أشهر في المستشفى تاركة أبناءها في بيتهم الصغير الذي هو عبارة عن استوديو وكان الأولاد بلا طعام أو ماء أو كهرباء وكانوا وحيدين يتسولون في الشارع.
عناية
وتقول الجدة إن الجيران قاموا بالاتصال بالخط الساخن المخصص لنجدة الطفل في الشارقة، وفعلاً تدخل المسؤولون وتم إيداع الأطفال دار الرعاية الاجتماعية للأطفال والعناية بهم من قبل الرعاية الاجتماعية للأطفال في الشارقة والتابعة لدائرة الخدمات الاجتماعية.
وتسرد الجدة وعيناها تجريان بالدمع: «ساعدني أهل الخير في الإمارات لأحصل على زيارة لأرى ابنتي».
وتضيف تم إدخال ابنتي للمستشفى مرتين العام الماضي وقد طلب الأطباء بقاء أطفالها معها لأنها كانت تحتضر.
وتتابع أن المستشفى قدم العناية الصحية للأم والعطف والرعاية للأبناء الذين كانوا ينامون بجانب والدتهم في المستشفى حتى أسلمت الروح أمامهم في أول أيام عيد الأضحى، والأم كانت تبلغ من العمر 30 عاماً فقط.
أما عن حال الأطفال «إبراهيم 14 عاماً، وخليل 13 عاماً، وآية 12 عاماً، وسندس 10 سنوات، ونور 8 سنوات، ويوسف 6 سنوات» فهم يبكون أمهم كل يوم ويسألون عنها، كما أنهم لم يذهبوا للمدارس من قبل، ولكن الآن هم في المدرسة وهم مطالبون بالحصول على إقامات سارية المفعول من أجل إكمال الدراسة والحصول على شهادات.
وتقول الجدة إن خال الأطفال يعمل في مطعم ولكن راتبه بسيط جداً ولا ندري كيف سنقوم بعمل إقامات للأطفال ليعيشوا بشكل قانوني في البلاد، مستذكرة أمنية ابنتها وفاء قبل أن تموت طلبت أن يعيش أولادها مع بعض وأن يتربوا تحت سقف واحد بعد وفاتها.
وتشير إلى أن الحرب شردت الناس فهي لا تعرف أين أقرباؤها أو أين أصبح أهل الأطفال لأبيهم.
نجدة
وتضيف: «بعد الاتصال بالخط الساخن لنجدة الطفل، تم التحرك بشكل عاجل إلى مكانهم وتم أخذ الأطفال إلى دار الإيواء وتقديم الرعاية الصحية من فحص طبي وتطعيمات وملبس أيضاً كما تم تقديم الرعاية الاجتماعية لهم، لأن سلوكهم كان يحتاج لتقويم في ظل غياب دور الأب ومرض الأم، إذ كان الأولاد يقومون بالتسول واستخدام ألفاظ نابية وتم تقويم هذا السلوك وتعليمهم الفعل الصحيح والخطأ.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر