أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن استقلالية القضاة ليست مطلقة، وإنما مجالها محدد حينما يمارس القاضي مهامه في الحكم وفي دراسة الملفات المعروضة على أنظاره.
وقال وهبي، خلال مناقشة مشروعي القانونين التنظيميين رقم 13.22 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورقم 14.22 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الثلاثاء 6 دجنبر بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، إن “القاضي يخضع للقانون والاستقلالية التي يتمتع بها ليست لدرجة يدير لي بغا”، مضيفا: “كما أنه يخضع للسلطة القضائية، في أخلاقه وتصريحاته وسلوكياته”.
وأشار وزير العدل إلى أهمية الحماية القانونية للمعطيات، مؤكدا أنه ينبغي توفير آليات دقيقة لضبط مسألة جمع المعطيات المتعلقة بمجال اشتغال القضاة.
ومن جانب آخر، قال وهبي إن مراجعة هذه القوانين تروم بلوغ النجاعة القضائية عن طريق اعتماد آليات من أجل محاربة “السماسرة”، موضحا “نسعى إلى الوصول إلى درجة من النجاعة تمكن من الكشف عن أسماء الشهود في الملفات الجنائية، لمواجهة السماسرة وشهود الزور”.
ويبحث وزير العدل، كذلك، من خلال مشروعي القانونين المذكورين، حماية هبة القضاة خلال اعتماد مسطرة التأديب. وفي هذا السياق، قال المسؤول الحكومي ذاته إن “الحفاظ على هبة القاضي أمر أساسي في ضمان احترام مؤسسة القضاء”.
المستجدات التي جاء بها هذان المشروعان من شأنها المساهمة بشكل كبير في استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية، إلى جانب استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة، يؤكد فريق التجمع الوطني للأحرار في مداخلته خلال مناقشة المشروعين.
وأشار الفريق النيابي ذاته إلى أن هذه المقتضيات الجديدة تهدف إلى تطوير القدرات المؤسساتية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية حتى يكون قادرا على تفعيل الأوراش الإصلاحية والإشراف عليها ومواكبة تنفيذها، خاصة بعد أن ظهر خلال الممارسة العملية وجود بعض النقص أو الضعف في أداء مهامه، بسبب وجود فراغات قانونية أو تشعب المساطر وتعقدها لعدم ملاءمة البنية الإدارية للمجلس للواقع القضائي وعدم قدرتها على مسايرة العمل الميداني للقضاء بمحاكم المملكة، لا سيما فيما يتعلق بمدة ولاية المجلس ووضعية الأمين العام للمجلس وهيكلته أو ترشيد زمن تقديم خدماته.
كما يهدف المشروع، حسب فريق حزب “الحمامة” بالغرفة الأولى، إلى تعزيز استقلالية السلطة القضائية، والتي تشكل دعامة أساسية لإصلاح منظومة العدالة. ولتثمين هذه التجربة المتميزة يقتضي تنزيل مجموعة من الإجراءات، والتي يوجد على رأسها تدعيم الاستقلال الإداري والمالي للمجلس وتمكينه من الآليات التي ستسمح له بالاضطلاع بمهامه، لاسيما في مجال حماية استقلال القضاة ووضع التصورات المتعلقة المرتبط بمجال اختصاصاته.
وأضاف الفريق التجمعي أن المضامين القانونية الجديدة تروم الرفع من نجاعة وفعالية تدبير الإدارة القضائية، عبر مجموعة من التدابير؛ منها ملاءمة الوضع القانوني للهيئة المشتركة للتنسيق في مجال الإدارة القضائية مع الواقع العملي، خاصة بعد أن تم التوقيع على القرار المشترك رقم 1164.21 الصادر في 6 أبريل 2021 والذي بمقتضاه تم إدماج كل مكونات السلطة القضائية العاملة بالمحاكم إلى جانب الوزارة المكلفة بالعدل في عضوية هذه الهيئة.
وفيما يتعلق بمشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، أشار فريق التقدم والاشتراكية إلى أنه يهدف إلى مراجعة ترتيب القضاة في السلك القضائي بإضافة الدرجة الممتازة بعد الدرجة الاستثنائية لتحفيز القضاة مع تحديد الأقدمية المطلوبة من أجل الترقي إلى الدرجة الجديدة في خمس سنوات، وتمكين الموظفين الذين يسري عليهم النظام الأساسي لموظفي المجلس الأعلى للسلطة القضائية من ولوج السلك القضائي أسوة بنظرائهم المنتمين إلى كتابة الضبط وللإدارات العمومية، وفق الشروط نفسها.
كما يهدف إلى تمكين المجلس من صلاحية تحديد آجال البت في مختلف أنواع القضايا، في حالة عدم تحديدها بمقتضى نص قانوني، وتمكين المجلس من صلاحية الإشراف على التكوين في مجال الإدارة القضائية الموجه إلى المسؤولين القضائيين بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالعدل ورئاسة النيابة العامة، وإدراج معيار جديد ضمن عناصر تقييم أداء القضاة؛ وهو معيار الالتزام بالأخلاقيات المهنية واحترام تقاليد القضاء وأعرافه، مع تمكين القاضي من حق الاطلاع على تقرير التقييم المنجز من طرف المسؤول القضائي وإبداء ملاحظاته بشأنه.
وتابع النواب التقدميون، خلال مناقشة مشروعي القانونين، أن المضامين القانونية الجديدة تروم تمكين المجلس من الحصول على المعطيات المفصلة المضمنة في ملف تقييم الأداء الخاص بالقاضي، وكذلك على ملاحظات المسؤول القضائي مع تدقيق أجل البت في التظلمات المرفوعة إلى المجلس من قبل القضاة بشأن تقارير تقييم الأداء، وكذا تمكين الرئيس المنتدب، لأجل سد خصاص طارئ بإحدى المحاكم، وبعد استشارة رئيس النيابة العامة، انتداب أحد قضاة النيابة العامة للقيام بمهام قضاء الحكم، أو أحد قضاة الحكم للقيام بمهام النيابة العامة بمحكمة النقض أو بإحدى المحاكم الأخرى.
ويهدف مشروع القانون إلى توسيع دائرة الأفعال والتصرفات التي تعتبر خطأ جسيما مرتكبا من قبل القاضي بإدراج فعل تسريب الأحكام قبل النطق بها، وكذا إتيان أفعال تخل بواجب الاستقلال والتجرد والنزاهة والاستقامة ولواجبات القاضي المهنية، والإخلال بالأخلاقيات القضائية وصفات الشرف والوقار، والإساءة إلى حرمة القضاء أو الإضرار بصورته. كما تم التنصيص على إمكانية توجيه المجلس أو الرئيس المنتدب ملاحظات إلى القاضي ولفت انتباهه إلى الخطأ المهني في حالة عدم المؤاخذة أو حفظ القضية، وكذا إمكانية إخضاعه لتكوين في موضوع يتعلق بالمادة موضوع المخالفة، أو تكوين حول أخلاقيات المهنة، تحدد مضامينه ومدته بمقرر للرئيس المنتدب للمجلس. كما يروم تعديل آماد تمديد سن التقاعد من سنة إلى سنتين بعد موافقة القاضي ابتداء من سن 65 سنة، وجعل الحد الأقصى لتمديد سن إحالة القضاة على التقاعد هو 75 بدل 70 سنة.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر