واشنطن - المغرب اليوم
ساهم كمال الودغيري، العالم المغربي بوكالة الفضاء الأمريكية، في إنجاح مجموعة من البعثات الفضائية، لا سيما تلك المتعلقة بالمعدات الاستكشافية لكوكب المريخ، ليَنال بذلك ميدالية "الخدمة الاستثنائية" من طرف وكالة "نَاسَا" تتويجا لمسار مهني يزيد عن 25 سنة، ليُصبح بذلك أحد أكثر المتوجين من لدن الوكالة الرائدة في مجال الاستكشافات الفضائية خلال العشرين سنة الأخيرة.
جريدة هسبريس الإلكترونية حاوَرَت الودغيري، الذي حلّ ضيفاً على مهرجان "مونشوت المغرب للشباب"، من أجل تقاسم تجربته مع الشباب المغاربة، حيث تطرق إلى مختلف المخاطر التي واجهت المهمات الفضائية التي شارك فيها؛ من قبيل بعثات "إنْسَايْتْ" و"كيُورْيُوسيتي" و"أبُورْتْيُونيتي".
العالم المغربي قال إن "هامش الخطر يوجد في كل البعثات الاستكشافية على الدوام"، مضيفا أن "النماذج العلمية التي يشتغل عليها أثبتت وجود 500 مليون كوكب شبيه بالأرض"، ليُبرز بأنه "يحتمل وجود الحياة في كوكب آخر من غير الأرض، على اعتبار أن الاكتشافات التي قمنا بها خلال السنوات الخمس الأخيرة تشير إلى وجود أربعة آلاف كوكب يمكن أن توجد بها الحياة".
وعن مهماته الفضائية المستقبلية، يوضح الودغيري أنه يشرف على برنامج طوال السنوات الأربع الماضية، يدعى " Cold Atom Laboratory"، لافتا إلى أنه "يُرتقب أن يبعث جيلا جديدا إلى محطة الفضاء الدولية من فلوريدا هذه المرة، وهي العملية التي ستتم في الرابع من دجنبر من المقبل".
إليكم نص الحوار كاملاً:
شاركت في مجموعة من المهمات والبعثات الفضائية الدقيقة والبالغة التعقيد، لاسيما المتعلقة منها بالمعدات الاستكشافية للمريخ. هل تتذكر أي مهمة بالذات كانت محفوفة بالمخاطر في مسارك المهني بوكالة الفضاء الأمريكية؟
في الحقيقة، كلّ البعثات والمهمات الفضائية التي قمت بها كانت محفوفة بالمخاطر، على اعتبار أن 60 في المائة من الرحلات الإنسانية المتوجهة صوب المريخ فشلت خلال العقود الماضية؛ ومن ثمة يوجد هامش الخطر على الدوام خلال البعثات الاستكشافية، خصوصا إذا استحضرنا السرعة الكبيرة للمركبة الفضائية التي تصل إلى ثلاثين ألف كيلومتر في الساعة الواحدة، في حين ينبغي أن تصل المركبة إلى سطح المريخ بسرعة لا تتعدى الصفر خلال سبع دقائق فقط.
تبعا لذلك، ينبغي أن تمرّ كل الظروف على ما يرام خلال البعثة، لأن أي تفصيل دقيق من شأنه أن يسهم في إجهاض المشروع بأكمله؛ الأمر الذي يستحيل معه وصف مهمة واحدة بالتحديد، على أساس أنني اشتغلت في أربع بعثات فضائية لوكالة "ناسا"، ثلاث منها عبارة عن روبوتات؛ تتمثل في "إنْسَايْتْ" و"كيُورْيُوسيتي" و"أبُورْتْيُونيتي".
لذلك، فإن جميع البعثات الفضائية بالنسبة إليّ مليئة بالمخاطر المتوقعة في أي لحظة؛ لأنها تقع في ظروف مختلفة عن سابقاتها. وبالعودة إلى رحلة "أبُورْتْيُونيتي"، فقد اضطلعت بدور لم يكن كبيراً بفعل سنّي الصغير آنذاك على الرغم من دوري المحوري في التواصل؛ لكن أسندت إليّ وظائف مفصلية في كل من "إنْسَايْتْ" و"كيُورْيُوسيتي"، بالنظر إلى التجربة التي راكمتها، وما يعنيه ذلك من مسؤولية كبرى وقعت على عاتقي رافقها الكثير من القلق.
لعبت أدوارا طلائعية في العديد من المهمات الفضائية التي تكّللت بالنجاح. ما طبيعة الاكتشافات التي ميّزت رحلتك من الأرض إلى المريخ؟
من بين الاكتشافات التي خلصنا إليها، خلال هبوطنا على سطح المريخ، العثور على المياه في كوكب المريخ، فضلا عن أن التربة محايدة؛ ما معناه أنه يمكن القيام بالزراعة، بالرغم من إشكال الإشعاعات الذي يطبع المساحة المجالية، ومع ذلك يمكن للإنسان أن يقوم بالزراعة في بعض المناطق.
إلى ذلك، نطمح إلى السكن في المريخ ذات يوم؛ لكن يوجد مشكل لم نستطع حله بعد، يتمثل في مدى قدرتنا على العيش بكوكب آخر خارج الأرض لمدة طويلة؟. كل ذلك يدفعنا إلى إنجاز الكثير من الأبحاث بمحطة الفضاء الدولية، التي تعمل على إرسال علماء الفلك الذين يسهرون على القيام بتجارب طبية متعددة تخص هذه المعضلة، ما مرده إلى كون جسم الإنسان لم ينشأ للعيش في كوكب آخر.
نجحت وكالة "ناسا" في الهبوط على سطح المريخ، بعد رحلة دامت قرابة ستة أشهر في إطار البعثة الفضائية "إنْسَايْتْ" التي ساهمت فيها. إلى أي حد ساعدت هذه الرحلة علماء الفضاء على فهم كيفية تشكل باطن المريخ؟ وهل ساعدتكم في فهم كيفية تشكل الكواكب الصخرية بالمجموعة الشمسية؟
هنالك مسألة محورية سعينا إلى معرفة طبيعتها، تتمثل في اكتشاف مآل المياه التي كانت موجودة بالمريخ، فضلا عن التعرف على أسباب اختفاء الغلاف الجوي للمريخ الذي كان شبيها بكوكب الأرض. النظرية في هذا المجال تشير إلى أن الجسم الباطني للمريخ أصبح بارداً، ومن ثمة لم يعد المجال المغناطيسي مثلما كان في السابق، وهو ما يمكن فهمه من خلال دراسة المكونات الباطنية للمريخ. لذلك، كانت تبحث بعثة "إنْسايْت" على مدى وجود أية زلازل بالمريخ، لتخلص أبحاثنا الدقيقة إلى تأكيد وجودها بالكوكب؛ الأمر الذي يعني بأن الحياة متوفرة فيه.
أين وصلنا في عملية البحث عن حياة خارج كوكب الأرض، إلى حدود الساعة؟ هل يوجد أي دليل يُثبت وجود الحياة على كواكب أخرى؟
في مجرة "اللبانة" لوحدها، أثبتت النماذج العلمية التي نشتغل عليها أن هنالك نحو 500 مليون كوكب يمكن أن يُشبه كوكب الأرض، وما يعنيه ذلك من إمكانية لتوفر ظروف الحياة فيها، ويتعلق الأمر بمجرة واحدة فقط. لا أستطيع تأكيد وجود حياة خارج كوكب الأرض، لأن العلم يؤمن بالتفاصيل الدقيقة؛ لكن احتمالي ينحو صوب توفر ظروف الحياة في كوكب آخر من غير الأرض، على اعتبار أن الاكتشافات التي قمنا بها خلال السنوات الخمس الأخيرة أشارت إلى وجود 4000 كوكب يمكن أن توجد بها الحياة.
حَللْت ضيفا على مهرجان "مونشوت المغرب للشباب" الذي تنظمه السفارة الأمريكية بالمغرب، خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 18 نونبر الجاري بالدار البيضاء، بحيث سوف تُلقي ثلاث محاضرات تفاعلية على امتداد المهرجان. ما هي الدروس والعبر التي استقيتها من بعثاتك الفضائية؟
أنا مسرور للغاية لتقاسم تجربتي والدروس المستفادة من تجربتي المهنية مع الشباب، بحيث يجب على العلماء المغاربة الذين يشتغلون في ميادين أخرى بالعالم أن يشاركوا تجاربهم مع الشباب المغربي. خلال مسيرتي بوكالة "ناسا" الممتدة على 25 سنة، تعلمت مجموعة من الدروس رفقة الطاقم الذي أشتغل معه إبان إنجاز البعثات الفضائية، بحيث يجب التحلّي بقيم الصمود والعزيمة والتحدي والابتكار والمجازفة خلال أي تجربة.
ينبغي على الشباب المغربي أن يعمل بجدية ويحبّ مجال عمله، بحيث سافرت إلى مجموعة من المدن المغربية المتنوعة والمناطق المختلفة، التي جعلتني أستنتج بأن هنالك مستقبلا مشرقا لهذه الفئة العمرية؛ وهو ما يجعلني أتفاءل بشأن مستقبل الشباب بالمملكة. ولا يمكن أن أفوّت الفرصة دون أن أشكر السفارة الأمريكية على مبادرة تنظيم المهرجان الذي لاقى اهتماما واسعا من لدن الشباب الحاضرين، على أساس أن الذين تخلفوا عن الحضور يمكنهم المجيء من جديد يوم الاثنين المقبل على الساعة الرابعة زوالا بجامعة محمد السادس لعلوم الصحة، من أجل التفاعل مع المحاضرة التي سألقيها مرة أخرى.
هل توجد أبحاث جديدة أو بعثات فضائية لوكالة الفضاء الأمريكية ستُشارك فيها في المستقبل؟
أشرف على برنامج يدعى " Cold Atom Laboratory" خلال السنوات الأربع الماضية، بحيث يرتقب أن نبعث جيلا جديدا إلى محطة الفضاء الدولية من فلوريدا هذه المرة، وهي العملية التي ستتم بعد انتهاء أشغال مهرجان "مونشوت المغرب للشباب"، تحديدا في الرابع من دجنبر المقبل، بحيث سأعود من أجل تتمة التفاصيل النهائية للمشروع.
كيف تُقيّم الحضور المغربي في علم الفلك والفضاء خلال السنوات الأخيرة، خصوصا ما يتعلق بالبحث العلمي والأكاديمي من لدن الباحثين المغاربة؟
أرى أن البحث العلمي يتقدم في مجال الفضاء والطاقة الشمسية بالمغرب، بحيث توجد مواطنة مغربية تشارك أيضا في مهرجان "مونشوت المغرب للشباب"، تُدعى حسناء الشناوي، تقوم بأدوار مهمة في مجال البحث العلمي، بحيث أصبحت بحوثها معروفة على الصعيد العالمي، وتنشر أيضا في مجلات دولية مرموقة.
وقد يهمك أيضا :
التوقف عن الابتكار سبب فشل شركة "إتش تي سي"
الرئيس التنفيذي لشركة "موزيلا" يُعلن تنحيه عن منصبه نهاية عام 2019 عبر مدونته
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر