اسمها زينب فارس، سيدة أعمال مغربية مقيمة في لندن، درست أصول السياحة والفندقة الراقية في سويسرا، حملت حبها لبلدها في قلبها في كل مدينة حلت بها، ساهمت في افتتاح العديد من الفنادق العالمية ووضعت بصمتها عليها، ولكن هذا النجاح لم يكف طموحات زينب، فقررت أن تكون سفيرة لبلدها لنشر صورة جميلة تعكس ألوان المغرب الزاهية وثقافته الغنية ونكهاته المتعددة فقررت أن تبدأ مشروعها الذي أطلقت عليه اسم «رافيا» Raphia لبيع الحلوى المغربية وأرقى أنواع الشوكولاته على الإنترنت.
وقالت زينب في مقابلة إن سبب تحولها إلى هذا العالم هو امتعاضها من عدم وجود محلات ومطاعم مغربية تنصف مطبخ البلاد المميز، وذكرت لندن وباريس مبدية استياءها من الأمر، لأنها ترى أن هناك تقصيراً من أهل المغرب المقيمين في الخارج في تعريف الغرب على نكهات المغرب الحقيقية والاستفادة من الإرث الهائل الذي يتمتع به المطبخ وصقله ووضعه في قالب من الفخامة التي تليق بالمملكة.
تزوجت في عام 2006 وانتقلت للعيش في لندن وفي عام 2016 عادت جناتها التجارية التي توارثتها عن عائلتها لتناديها فقررت بأن تبدأ مشروعها التجاري الذي يحمل حرفين من اسم مولودتها الأولى وحرفين أخرين من اسم مولودتها الثانية، جاء قرارها بعدما لاحظت بأنه توجد فجوة حقيقية في السوق العالمية لبيع الحلوى المغربية التقليدية بقالب من التصميم الجيد والتعليب اللافت والنكهة المتوازنة من حيث استخدام السكر وغيره، وبما أن زينب امرأة مجتمع عصرية فكان لا بد بأن تركب موجة العصر وهي الإنترنت فقررت أن تكون منصة البيع الوحيدة الخاصة بها هي عبر الإنترنت. فهكذا حصل.
ورغم كون زينب امرأة أعمال وليست متخصصة بتحضير الشوكولاته أو الحلوى، فإنها تقوم بتصميم جميع قطع الحلوى وتشرف على نكهتها وتواكب عملية التصنيع من البداية إلى أن تصل المستهلك، فهي تستعين بأهم المتخصصين بتحضير الحلوى المغربية من بينهم طاهية إيطالية مغربية تبرع في تقديم الحلوى بطريقة جديدة من نوعها تعتمد على الحجم الصغير مع العناية بالمسألة الصحية فتستخدم فيها أفضل وأجود أنواع اللوز والسكر وغيرها من المنتجات اللازمة في تصنيع الحلوى المغربية. أما بالنسبة للشوكولاته فهي تستعين بمراكز تصنيع أو «أتولييه» خاصة بها في كل من بلجيكا وفرنسا ولبنان وتقوم بتصميم العلب والتغليف بنفسها.
فتقول زينب: «النكهة بالنسبة لي مهمة جداً، ولكني أرى بأن طريقة التقديم والتعليب توازيها من حيث الأهمية، ولهذا السبب تراني أبذل جهداً كبيراً في استخدام أفضل الخامات مثل الجلد الطبيعي والكرتون المقوى وحتى الورد الطبيعي في العلب الخاصة بالمناسبة الكبرى».
بحكم عملها وطريقة عيشها تتنقل زينب بين عدة مدن وبلدان، وفي كل مرة تزور بها مسقط رأسها كازا بلانكا تعود بأفكار جديدة تستقيها من الألوان الجميلة التي تساعدها على خلق تصاميم جديدة وغير متكررة، كما أنها تعود برؤية مبتكرة لمنتجاتها التي تراها دائمة التجدد على موقعها الإلكتروني.
وعن اختيارها للإنترنت وعدم توجهها للبيع في المحلات، تقول زينب إن الإنترنت هي المستقبل كما أنها متأثرة بموقع «Net a porter» المتخصص ببيع الملابس الراقية، فأرادت بأن تخلق شيئاً مماثلاً للحلوى والشوكولاته. ولو أن فكرة «البوب أب»، أي افتتاح محلات مؤقتة تراودها وقد تقوم بها حال تحسن الوضع الاقتصادي الذي تأثر بالجائحة.
كل شهر تسعى زينب بأن تخلق منتجاً جديداً، فهي تخصص منتجاتها لمناسبات عديدة بما فيها توصيل علب الحلوى والشوكولاته لشركات ومصارف كبرى في لندن وأوروبا.
وعن تأثير «بريكسيت» على مشروعها، تقول زينب فارس إن الوضع الجديد لبريطانيا بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي خلق ارتباكاً حقيقياً ليست فقط لشركتها إنما لجميع الشركات البريطانية الأخرى التي تعتمد على البيع في أوروبا، ولهذا السبب قررت زينب بأن يكون لها مطبخ مركزي أو «أتولييه» في فرنسا لتغذية السوق الأوروبية وتوصيل البضائع إلى الزبائن هناك بدلاً من دفع الضرائب الهائلة بسبب تصدير المنتجات من بريطانيا إلى باقي الدول الأوروبية.
وعن منتجها المفضل، تقول زينب إن جميع منتجاتها هي بمثابة أطفال لها، لأنها تخلقها بعناية وتصممها بحب كبير وتمنحها الكثير من الوقت لتتحول إلى تحفة فنية، مشيرة إلى روعة تصميم العلب، ويبقى الجلد الحقيقي برائحته الفواحة الذي يتناغم مع الحلوى بنكهاتها الفواحة هي المحببة على قلبها.
الحلوى المغربية تقليدية جداً، ولكن حجم قطعها صغير وهذا ما أرادته زينب لكي يتسنى لكل شخص بأن يتذوق أكثر من قطعة بنكهة مختلفة، كما أنها عمدت لاستخدام النكهات المغربية المستنقاة من اللوز والورد واللوز والفاكهة المجففة والفستق في الشوكولاته أيضاً، فاستطاعت من خلال ذلك خلق منتج تقليدي بقالب من العصرية والفخامة.
وبالإضافة إلى الحلوى والشوكولاته تقدم «رافيا» أنواعاً جديدة من البلح المجدول مع خلطات من الفستق المقرمشة.
بعد رؤية منتجات «رافيا» في الـ«أتولييه» الخاص به في لندن، يمكن القول إن زينب فارس استطاعت بأن تنصف المطبخ المغربي وترفع رايتها إلى مستوى عالمي بجميع حذافيره إن كان من ناحية النكهة أو التصميم أو طريقة التقديم.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر