خلينا من واد شراط منين جاوك الفلوس

خلينا من واد شراط منين جاوك الفلوس ؟

المغرب اليوم -

خلينا من واد شراط منين جاوك الفلوس

بقلم : رشيد نيني

الفرق بين سياسيينا وسياسيي الغرب وأوربا والدول الديمقراطية عموما هو أن سياسيينا يصبحون مليارديرات خلال تواجدهم بالمسؤولية العمومية، فيما سياسيو الغرب وأوربا يصبحون مليارديرات بمجرد ما يغادرون مناصب المسؤولية.

نموذج ميشيل وباراك أوباما ليس فريدا في هذا الباب، فهما اليوم بعد مغادرتهما للبيت الأبيض سيتركان داخل مكتبته كل الهدايا الثمينة التي تلقياها طيلة فترة إدارتهما للسلطة، وسينضمان إلى قائمة المليارديرات الذين غادروا الرئاسة لكي يتفرغوا لكتابة مذكراتهم، بعدما وقعا عقدا بـ60 مليون دولار مع دار بينغون راندوم للنشر وباعا لها حصريا حقوق النشر.

في كل البلدان الديمقراطية عندما يغادر رئيس الحكومة منصب المسؤولية يتحول إلى محاضر ينشط اللقاءات مقابل مئات الآلاف من الدولارات، ومنذ غادر بيل كلينتون البيت الأبيض وهو يراكم الثروة بفضل محاضراته، مثله مثل الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير ورئيس الحكومة الإسبانية السابق ساباطيرو وقبله خوسي ماريا أزنار وقبلهما فيليبي غونزاليس.

جميعهم يراكمون ثروة قانونية بفضل محاضراتهم وكتبهم وحواراتهم.

في العالم العربي المتخلف ينتهي الرؤساء إما معلقين على أعواد المشانق أو مطعونين في مجاري المياه أو هاربين أو مسجونين، ولذلك يقضون حياتهم كاملة في السلطة وهم يجمعون الثروات التي يسرقونها من جيوب الشعب وعرقه وخبزه اليومي.

أما السياسيون فبمجرد ما يصلون سدة الحكم، سواء الحكومة أو عموديات المدن أو قبة البرلمان، حتى يتحولوا من فقراء معدمين إلى أثرياء ينافسون كبار رؤساء المجموعات المالية والشركات القابضة، ومما يشجعهم على ذلك غض الطرف عنهم من طرف القضاء والمؤسسات الرقابية والإعلام المداهن الذي يميل أينما مالت الكفة.

ولعل أبرز مثال نعيشه اليوم هو هذا الصمت المطبق أمام عمدة مدينة سابق لمدة 12 سنة وبرلماني حالي وأمين عام حزب اسمه حميد شباط، يعترف بعظمة لسانه بأن ثروته لا تتعدى 7،5 مليارات، في حين أن مجموع ثروته كما نشرناها في هذا العمود تتجاوز هذا القدر بحوالي أربع مرات.

وحتى إذا سلمنا بأن ثروته لا تتجاوز 7,5 مليارات فإن شباط مطالب بتقديم مصادر هذه الثروة، فراتبه كمستخدم في مصنع وتعويضاته كعمدة وبرلماني ومانضة زوجته، التي لا تتعدى ألفي درهم، لا تسمح لهما بمراكمة كل هذه المليارات على شكل عقارات وحسابات جارية في الأبناك.

إن قضية ثروة شباط وضرورة فتح تحقيق حولها لتبريرها بطرق قانونية أصبحت تفرض نفسها، لأن حجم الثروة يثير شبهة تستوجب تحرك النيابة العامة لمتابعة صاحبها بشبهة الإثراء غير المشروع.

والجميع اليوم يتابع قضية مشابهة تحدث في فرنسا بعدما قرر القضاء فتح تحقيق مع مرشح اليمين للرئاسيات، فرونسوا فيون، حول ما بات يعرف بتعويضات زوجته وأبنائه التي تقاضوها من البرلمان بعدما اشتغلوا إلى جانب والدهم.

وإذا ثبت الاتهام في حق مرشح الرئاسيات اليميني فيمكن أن تصل العقوبة السجنية في حقه إلى عشر سنوات، ومع ذلك لم نسمع في الصحافة المستقلة الفرنسية من يطالب باحترام منصب المرشح أو الأخذ بعين الاعتبار الظرف السياسي الدقيق الذي تجتازه فرنسا، بل إن الجميع يطالب باحترام استقلالية القضاء وهيبته.

وحتى عندما لم يحترم فرونسوا فيون وعده بسحب ترشيحه في حالة ما إذا قرر القضاء التحقيق معه، وهو نفس الوعد الذي أخلفه شباط عندما قال إنه سيعتزل السياسة إذا ضيع عمودية فاس، فإن أقرب مقربي فيون انفضوا من حوله احتراما لمبدأ «الكلمة»، وهو ما لم نلمسه عند مقربي شباط الذين لم يزدهم كذبه ونفاقه وحربائيته ودموعه التمساحية إلا تشبثا به، ليس حبا فيه ولكن حبا في امتيازاتهم ومصالحهم المادية المرتبطة ببقائه.

إن التوجه القضائي نحو محاسبة شباط على مصادر ثروته سيكون تنفيذا للاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد والتي صادق عليها المغرب، والتي عرفت الإثراء بلا سبب في كونه «زيادة هامة في أصول وثروة موظف عمومي ما، لا يمكنه أن يعللها بصفة معقولة، قياسا مع دخله الشرعي».

وشباط إذن مدعو لتبرير ممتلكاته النقدية والعقارية، وغيرها مقارنة مع دخله الشرعي، فالتبرير لا يمكن أن يأتي إلا من طرف واحد، وهو المغتني، وبالتالي فمن المنطقي والقانوني والأخلاقي أن نطلب من الشخص الذي اغتنى أن يثبت بأنه فعل ذلك بطرق مشروعة.

ولذلك فمن واجب وزير العدل تحريك النيابة العامة باعتبارها المدافع عن المجتمع وإعمال الآليات التشريعية في مراقبة ممتلكات الموظفين العموميين من خلال التصريح بالممتلكات والكشف عن غسل الأموال.

إن تقاعس وزير العدل عن تحريك النيابة العامة في ملف ثروة حميد شباط فيه مخالفة، لأسس القانون وعدم فهم لدروس التاريخ.

السيد وزير العدل نذكرك ها هنا بأن القانون الجنائي هو مجموعة من الأحكام التي تجرم القيام بأفعال معينة، وتعاقب على إتيانها، أو الامتناع عن فعل.

والقضاء هو من يفصل في الاتهام الذي يتم توجيهه لشخص بمخالفة تلك الأحكام بغض النظر عن موقع الشخص أو صفته السياسية.

والامتناع عن تحريك النيابة العامة في هذا الاتجاه هو امتناع سياسي، وهذا يشكل خطورة على مؤسسة النيابة العامة، حيث يصبح التحريك أو الامتناع له خلفية سياسية.

وهذا الأمر يعد ضربا للمحاكمة العادلة مما يضفي البعد السياسي الذي يحول المتابعات والمحاكمات من محاكمات قانونية إلى محاكمة سياسية.

وامتناع وزير العدل مصطفى الرميد عن تحريك النيابة العامة للبحث في مصادر ثروة حميد شباط امتناع سياسي، يهدف لتنفيذ سياسة حزبه، عوض أن تكون الكلمة الفصل للقانون والقانون وحده، تتحدد نتيجتها بما يقدم فيها من بيانات تبرر ثروته.

لقد كان يفترض في وزير العدل والحريات تطبيق القانون والانتصار للعدالة ولحماية المال العام وليس الانتصار للحسابات السياسية الضيقة والمصلحة الحزبية.

إن شبهة الإثراء بلا سبب التي تحوم حول شباط كأمين عام حزب سياسي، غير متصلة بالمبدأ السياسي لحزب الاستقلال كحزب وطني، بل هي متصلة بما قام به شباط من أفعال تتصل بشبهة فساد في مراكمة الثروة تؤدي إلى مساءلته جنائيا أو مدنيا، وهي مساءلة يجب أن تطول أي شخص لو قام بذلك الفعل بغض النظر عن لونه السياسي.

فالصفة السياسية التي يتمتع بها شباط ليست الغاية المقصودة منها حمايته سياسيا ضد المساءلة، بل الغاية منها حماية المال العام.

ووزير العدل كوزير مشرف على قطاع يمثل الدولة المغربية يجب أن يكون حريصا على المال العام ولا يجب أن تؤثر عليه المصالح الحزبية في إحالة ملفات الفساد على المحاكم.

إن مطالبتنا كصحافة بمحاسبة السياسيين الذين تحوم شكوك حول اغتنائهم بواسطة تسييرهم للشأن العام ليست وليدة اليوم، وإذا كان هناك أحد يشك في ذلك فما عليه سوى أن يعود إلى غوغل لكي يبحث عن الأعمدة التي كتبنا فيها قبل خمس سنوات حول ثروة عبد الإله بنكيران، وثروة عدوه السابق وحبيبه الحالي شباط.

والظاهر أن الإخوان في حزب العدالة والتنمية، وهم يستميتون في الدفاع عن شباط، يعانون من خلط مريع في ما يتعلق بالمال العام والمال الخاص، وكلما عاتبهم أو انتقدهم أحد على تبذيرهم للمال العام إلا وردوا عليه بانتقاد ومهاجمة تصرفه في ماله الخاص.

فعندما أراد رئيس الحكومة أن يدافع عن اقتناء وزرائه ومنتخبيه للسيارات الفارهة قال إن هؤلاء المسؤولين ليسوا أقل شأنا من رجال الأعمال لكي يركبوا على متن سيارات «داسيا»، متناسيا أن رجال الأعمال يقتنون سياراتهم من مالهم الخاص عكس الوزراء والمستشارين الذين يقتنون سياراتهم من المال العام.
وعندما طالبنا يتيم بالسماح له باقتحام مساكننا ونشر صور سياراتنا فقد كان يمارس الخلط ذاته الذي يمارسه رئيسه في الحكومة، فبيوتنا ليست مساكن وظيفية منحتها لنا الدولة لكي يحاسبنا عليها أحد، وسياراتنا ليست سيارات خدمة اقتنتها لنا الدولة لكي يتلهى يتيم وغيره بنشر صورها في مواقع التواصل الاجتماعي، بل هي سيارات تابعة للشركة التي نشتغل معها.

نحن كصحافيين، والأهم من ذلك كدافعي ضرائب، من حقنا أن نراقبكم وأن نحاسبكم على طريقتكم في تدبير وصرف المال العام، لأنكم تتقاضون رواتبكم من أموالنا وتتصرفون في أموال مقتطعة من ضرائبنا، وتركبون سيارات مشتراة من أموالنا، وتقطنون في منازل تابعة للدولة، أما أنتم فلا حق لكم في مراقبتنا أو محاسبتنا لأننا ببساطة لا نتقاضى أجورنا من المال العام ولا نسير مؤسسات عمومية، بل نتقاضى أجورنا من مقاولات خاصة نسيرها حسب ما نقرر نحن وطبقا للقانون، ونسكن في بيوت اشتريناها بأموالنا، ونركب سيارات وضعتها شركاتنا الخاصة تحت تصرفنا.

لذلك فمطالبتنا بمحاسبتكم تدخل في صميم واجبنا المهني، لأن الأموال التي تصرفتم فيها، واغتنيتم بها أنتم وأهلكم، هي أموالنا.

وكما قال جورج أورويل في روايته الشهيرة «الحظيرة»، «السياسيون مثل القردة في الغابة، إذا تشاجروا أفسدوا الزرع وإذا تصالحوا أكلوا المحصول».

ولذلك يجب على أدوات الرقابة، والصحافة أهمها، مراقبة السياسيين عندما يتشاجرون وعندما يتصالحون، حماية للزرع والمحصول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلينا من واد شراط منين جاوك الفلوس خلينا من واد شراط منين جاوك الفلوس



GMT 05:05 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

حتى أنت يا مصيطيفة

GMT 05:06 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الدرهم العائم

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

يتيم في العيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

عادات سيئة

GMT 05:40 2017 السبت ,27 أيار / مايو

ولاد لفشوش

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
المغرب اليوم - «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 11:20 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
المغرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت

GMT 14:57 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

برشلونة يمنح ديمبيلي فرصة اخيرة لحسم مستقبله

GMT 07:49 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib