الفقر تراث وطني نرعاه كل يوم
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

الفقر تراث وطني نرعاه كل يوم

المغرب اليوم -

الفقر تراث وطني نرعاه كل يوم

بقلم - توفيق بو عشرين

يقول مثل تركي مشهور: «دخل أكبر، مشاكل أقل»، والعكس صحيح طبعا، هذا ما نعيشه بالضبط في المغرب. الكثير الكثير من المشاكل التي يعانيها الفرد والمجتمع سببها الفقر، الذي قال عنه علي بن أبي طالب: «لو كان الفقر رجلا لقتلته». الفقر ليس رجلا، لكن الكثير من الرجال مسؤولون عن الفقر الذي يتكاثر مثل الأرانب في حقل الجزر.
الفقر لا يسلب ملايين المغاربة راحة البال، وسلامة الصحة، وجودة التعليم والسكن ونمط العيش، بل يشوه ثقافتهم وسلوكهم ونمط تفكيرهم في المجتمع، ويجعل أغلبهم مسلوبي الإرادة، مستسلمين للذل والهوان والظلم الاجتماعي. الفقر يجعل كرامتهم بلا قيمة، وحياتهم بلا قيمة، ومستقبلهم بلا مستقبل.
يقول البروفيسور جيمس هيكمان، الحائز جائزة نوبل للاقتصاد: «إن الأطفال الذين ينشؤون في بيئات فقيرة ومحرومة لا تقل، فقط، احتمالات نجاحهم في المدرسة أو المجتمع، بل أيضا تتدنى فرصهم في أن يكونوا بالغين أصحاء».
كانت المجتمعات القديمة تعتبر الفقر ابتلاء من السماء، وكانت المسيحية ترى أن المؤمن الفقير أقرب إلى الله من المؤمن الغني، وكلما تعذب الإنسان في الأرض، خفف عن نفسه عذاب الآخرة، لكن، في القرنين الماضيين، تغيرت الثقافة الاقتصادية في العالم أجمع، وأضحى الناس يعتبرون الغنى والفقر من البشر وليسا من السماء، بل إن البروتستانتية لحقت بالإسلام، واعتبرت أن المؤمن الناجح في أعماله هو الأقرب إلى الله من المؤمن الفاشل، تماما مثل ما يقول الحديث النبوي الشريف الذي رواه مسلم: «المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير». لم يعد الغنى هو المشكل.. صار الفقر هو المشكل.
السياسات العمومية في بلادنا، وبعد مرور أكثر من 60 سنة على نيل الاستقلال، هي المسؤولة رقم واحد عن بقاء أكثر من 12 مليون مغربي تحت خط الفقر أو فوقه بقليل، وهذا الرقم، الذي ورد في خطاب الملك محمد السادس قبل سنتين، وهو وحده كاف ليكون عنوانا كبيرا لفشل المشروع الوطني المغربي. لا يحتاج الأمر إلى فلسفة ولا إلى تبرير ولا إلى جدال. البلاد التي مازال فيها ثمانية ملايين أمي لا يقرؤون ولا يكتبون، لا يمكن أن ترفع رأسها بين الأمم المتحضرة، لكن هناك مسؤولية جزئية كذلك للأفراد الذين يقبلون العيش في ظل الفقر وكأنه قدر من الله، في حين أن الله خلق رزقا كثيرا فوق هذه الأرض، لكن باب الرزق يفتح لمن يدفعه لا لمن يجلس عند مدخله ينتظر الصدقة أو الشفقة أو الإكراميات… نحن بلاد أصبح التسول فيها تراثا وطنيا ترعاه جهات عدة، وتسهر على دوامه واستمراره.
هذه القصة تلخص جزءا من مسؤولية الثقافة عن فقر أو غنى الأفراد… الحكاية ملخصها أن شابا ورث بقرتين، فماذا سيكون عليه حاله بعد عشر سنوات؟
إذا كان الشاب هندوسياً، سيقدس البقرتين ويرعاهما، ويقترض للإنفاق عليهما حتى يخرب بيته. أما إذا كان الشاب مغربيا في قرية نائية، فسيبيع واحدة ويتزوج بثمنها، ويرعى البقرة الثانية ليشرب من حليبها، ويبيع الباقي ليشتري به ما يحتاج إليه، وبعد عشر سنوات، سيكون حاله كما هو لا يتغير، فيما تبدأ إنتاجية البقرة في التدهور لأن عمر البقرة لا يزيد على عشرين عاماً. أما إذا كان الشاب في روسيا (الاتحاد السوفياتي آنذاك)، فسيطرق باب بيته مفتش الحزب الشيوعي، وتتكون لجنة حكومية تحدد تكلفة تغذية البقرتين، وأخرى لنظام حلب البقرتين صباحاً ومساءً، ولجنة ثالثة لتوزيع الحليب بالتساوي على أهل الحي… وبمرور الوقت، يتناقص نصيب الفرد في الحي من نصف لتر إلى ملء فنجان من الحليب، إلى ملعقة واحدة في العام العاشر، فتقرر لجنة حكومية رابعة أرسلتها موسكو للتفتيش أن تكلفة رعاية البقرتين تبلغ أضعاف كلفة الإنتاج، وتأمر بإنشاء لجنة خامسة للتحقيق في الأسباب، ثم تتخلى عن المشروع بعد أن يجف ضرع البقرة.
وإذا كان الشاب في إنجلترا، فسيبيع إحدى البقرتين، ويقترض من البنك بضمان الثانية، ليكوّن رأسمالا يمكنه من شراء ثور، وأغذية وأدوية ومعدات حديثة، ويتعاقد مع جمعيات زراعية للماشية وإنتاج الألبان واللحوم. يتكاثر الثور مع البقرة، ويؤجر الثور مرة في الأسبوع للتكاثر مع أبقار أعضاء الجمعية الزراعية (تجارة مربحة جداً لصاحب الثور في الريف الإنجليزي)… وبعد عشر سنوات، يكون لديه قطيع ومزرعة كبيرة ليس فقط للحليب، بل لمنتجات الألبان واللحوم وتلقيح الثور للأبقار، ويوظف مائتي شخص في مؤسسته.
نحن نعيش في مجتمع يعتبر أن النجاح هو المشكلة وليس الفشل، فيصير الغني متهما حتى يثبت براءته، والفقير بريئا لا تهمة فوق رأسه.. دخل أقل مشاكل أقل والعكس صحيح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقر تراث وطني نرعاه كل يوم الفقر تراث وطني نرعاه كل يوم



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والحريديم في تل أبيب
المغرب اليوم - مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والحريديم في تل أبيب

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل

GMT 01:44 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"جونستون أند مارفي" أهم ماركات الأحذية الرجالية الفريدة

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib