الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس عقيدة
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس عقيدة

المغرب اليوم -

الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس عقيدة

أحمد عصيد

سألني بقلق أحد الشباب المتدينين خلال لقاء ثقافي قبل أيام: هل الديمقراطية تتضمن في مبادئها ومنطلقاتها الفكرية الإساءة للأديان أو السخرية منها، وكان جوابي كالتالي:  الديمقراطية هي التدبير السلمي للاختلاف بين أطراف يفترض أنها متساوية في الحقوق والواجبات، وليست تنصّ في مبادئها على "الحقّ" في الإساءة للأديان أو المسّ بمشاعر المتدينين، حيث أن مفهوم الحرية في الديمقراطية يتحدد انطلاقا من مبدأ احترام الآخر وعدم الإضرار به.

وفي معرض توضيحي لمعنى "احترام الآخر" أضفت أن هذا الاحترام ينبغي أن يكون متبادلا، وليس احتراما من طرف واحد يستفيد منه فقط المتدينون، بل هو احترام متبادل يضمن التعايش المشترك، حيث يحترم المتدينون غيرهم ويحترمهم الغير كذلك. وما أن قلت ذلك حتى قام الشاب وغادر القاعة مغضبا، مما جعلني أتأكد أن مشكلة الذهنية التي ينشرها الإسلام السياسي، تظل باستمرار هي مشكلة الرغبة في جعل مزايا الديمقراطية في خدمة أهداف تيار سياسي معين، دون أن تكون في خدمة بقية الناس، وهذا يتعارض مع جوهر الديمقراطية ومبادئها التي هي في خدمة جميع مكونات المجتمع المختلفة.

ثمة نقطة ينبغي تعميقها لدى الشباب حتى يكونوا على بينة من أسباب التوتر الحالي بين الغرب والمسلمين بعد الأحداث الإرهابية التي هزت العديد من البلدان مؤخرا، فلدينا حملات استقطاب من الطرفين: الغرب ضد الإرهاب ومن أجل حماية حرية التعبير من جهة، والعالم الإسلامي من أجل احترام المقدسات الدينية الإسلامية في البلدان الغربية من جهة أخرى، وهما مطلبان مشروعان تماما، لكن الملاحظ أن الطرف الإسلامي علاوة على عدم قدرته على التمييز بين الدين والدولة، لا ينتبه إلى أمر هام جدا، وهو أنه يطالب باحترام المقدسات الإسلامية دون أن يعكس في وعيه الديني احتراما لمقدسات الآخرين ومكتسباتهم خاصة على المستوى الثقافي والقيمي.

فالمسلمون الذين ابتلوا في العالم الغربي بتبني الوهابية العالمية والتشدّد الديني، يجدون صعوبة كبيرة في احترام المواطنين الغربيين المحيطين بهم، وهم يعزون هذا الاحتقار إلى عامل العقيدة، وفي مقابل ذلك نجد عنصرية اليمين المتطرف التي تقوم على الاعتقاد في دونية المهاجر ودونية ممتلكاته الرمزية، مما يجعل الوضع في غاية التعقيد، حيث تبدو مختلف أنشطة المواطنين الغربيين مثيرة لاشمئزاز جزء من الجالية المسلمة، كالحفلات والأفراح واللباس والمأكولات والموسيقى والرقص والبرامج التلفزيونية وقيم المساواة بين الجنسين وحرية التفكير والتعبير إلخ.. وهو ما يعبر عنه المواطن المسلم (المنخرط في تيار التشدّد الديني) بمقاطعة أنشطة المجتمع الغربي والحرص على العيش في كيتو مغلق خوفا على قيمه الخاصة التي يعتبرها أنقى وأسمى، كما يحرص على شحن أطفاله يوميا بقدر كبير من الكراهية للمحيط الاجتماعي الغربي، الذي هو الفضاء الوحيد الذي يمكن أن يحتضن هؤلاء الأطفال ويعيشوا فيه بصفتهم مواطنين ذوي حقوق.

وبالمقابل يعتبر اليمين المتطرف، الذي هو في صعود وتزايد مخيف، بأن كل تمظهرات الثقافة الدينية للمسلمين في الفضاء العام هي استفزاز لمشاعره، ما يردّ عليه بمواقف لاعقلانية.  ينتج عن هذا الموقف الشاذ والمضطرب (الذي يمثل أقلية من الأفراد من الطرفين لكنها أقلية نشيطة ومثيرة للقلاقل)، ينتج عنه إخلال كبير بالتوازن النفسي والذهني للأطفال، حيث يفقدون الاحترام الواجب للآخرين، ويصبح نضالهم اليومي هو الرغبة في إثبات الاختلاف، لكنه "اختلاف متوحش" لأنه مبني على كثير من الكراهية للغير.

والواقع أنه لا ضرر في أن يعتبر المؤمن دينه أكثر مصداقية من الأديان الأخرى، وهذا ما يفسر فعل الإيمان ذاته، لكن شرط ألا ينعكس ذلك سلوكيا في صيغة تحقير الثقافات الأخرى ونبذ الآخرين أو النقمة عليهم أو الرغبة في إيذائهم. إن ما يفسر سوء التفاهم الحالي بين الغربيين والمسلمين في موضوع حرية التعبير والنقد هو رغبة المسلمين في استثناء الدين الإسلامي من كل نقد، لكنهم في مقابل ذلك لا يبذلون أي جهد لتجنب إقحامه في الصراعات السياسية، والعدول عن استعماله في إلحاق الأذى بالغير وإظهار واجب الاحترام لمن يخالفهم في الملة أو في الثقافة والعادات والقيم.

إن الدرس الديمقراطي بمفهومه الكوني والإنساني القائم على اعتبار الإنسان قيمة عليا محترمة، لا يمكن أن ينصّ على تحقير الأديان أو السخرية منها، لكنه بالمقابل لا يمكن أن يقبل بجعل الدين وسيلة سياسية للاستقطاب أو التجييش أو للحكم والهيمنة دون أن يُعرضه ذلك لما تتعرض له الوسائل السياسية والإيديولوجية الأخرى من نقد وهجوم.

فإذا كان الدين عند المتشدّدين سياسة، فإن كل سياسة تتعرض بالضرورة للنقد والاعتراض، وهو أمر طبيعي لا يمكن تجنبه، والحلّ هو إخراج الدين من دائرة المهاترات السياسية واعتباره اختيارا فرديا حرا يُحترم من طرف الجميع ولا يُناقش. إنّ هذا التوازن هو وحده الذي استطاع إنهاء العنف في العالم الغربي منذ قرون، ومن شأنه أن ينجح في إنهائه في عالم المسلمين عندما ينضج عندهم الوعي بذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس عقيدة الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس عقيدة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 07:03 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

ولاية البيضاء تكشف تفاصيل دهس شرطي من طرف متهور

GMT 13:05 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

نجوم الغولف يتألقون على الملعب الجديد في نادي دبي هيلز

GMT 06:30 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

نصائح لتنظيف الأطباق بسرعة وسهولة في رمضان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib